وزارة التربية تطلق برنامجا وطنيا لتحديث البنية التحتية المدرسية استعدادا للعودة المدرسية    وحدة جديدة للتقنيات الصيدلانية بالمستشفى العسكري بتونس...تفاصيل    المنستير: تكريم 13 امرأة متميزة بالجهة بمناسبة العيد الوطني للمرأة وفي إطار تظاهرة "ناجحات ببلادي"    وفاة مفاجئة للمؤثرة التايوانية ليز لين رويّو تصدم متابعيها    القيروان : إختفاء بنت ال 15 سنة من منزل والديها في ظروف مسترابة    المرأة التونسية في عيدها الوطني بين رصيد مجلة الأحوال الشخصية ومقتضيات التمكين الحقيقي    ميكرووند وماكلتك: شنو الحاجات اللي خطر تسخينها فيه؟    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    القيلولة في الصيف : راحة ولا كسل؟ طبيب يفسّر الصحيح مالغالط    أنس الشريف شكرا ... فقد قلت ما لم يقَلْ    عاجل/ حادثة اختطاف طفلة 14 سنة من منزلها بالقيروان..تفاصيل ومعطيات جديدة..    خلال ال 7 أشهر الأولى من2025: العجز التجاري يتفاقم ويقارب 12 مليار دينار    إنتقالات: نجم يونغ أفريكانز التنزاني يعزز صفوف الترجي الرياضي    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    النادي الإفريقي: العجز الحالي يتراوح بين 6 و7 مليارات    رجّة أرضية بهذه المعتمدية..#خبر_عاجل    عاجل: استئناف حركة المترو بصفة عادية بعد إصلاح العطب الكهربائي    خاتم خطوبة جورجينا: ماس نادر وسعر يطيّر العقل!    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    وفاة المتسابق الإيطالي ماتيا ديبيرتوليس في دورة الألعاب العالمية    الالعاب العالمية (شينغدو 2025): المنتخب التونسي لكرة اليد الشاطئية ينهي مشاركته في المرتبة السابعة بفوزه على نظيره الصيني1-2    القيروان: اختفاء غامض لطفلة في منزل المهيري    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    الكبارية: 10 سنوات سجناً لكهل اعتدى على شاب بشفرة حلاقة وحاول قتله    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    اطفاء 144 حريق في الاربع والعشرين ساعة الماضية    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    كيفية تعزيز الحركة السياحية خلال الفترة القادمة محور لقاء وزير السياحة برئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار    تنبيه/ بحر مضطرب اليوم.. والحذر مطلوب عند السباحة..!    عاجل: 8 بطاقات إيداع بالسجن... اعترافات صادمة من التلميذ المتورط في فضيحة التلاعب بالتوجيه الجامعي    مساكن بأسعار رمزية ومنح تصل ل50%.. برنامج السكن الاجتماعي في تونس يقترب منك!    استعدادات المنتخب التونسي للكرة الطائرة لمونديال 2025 بالفلبين    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    هزة أرضية جديدة ب4 درجات تضرب هذه المدينة    صدمة مدوّية : ''مؤثرة عربية مشهورة '' أذابت قلوب المتابعين... تبين أنها رجل    زلزال بقوة 3ر5 درجات يضرب قبالة جنوب سواحل الفلبين..#خبر_عاجل    القهوة ''الكحلة'' مش للكل: 5 فئات لازم يبعدوا عليها..شكونهم؟    إنتقالات: مستقبل قابس يدعم صفوفه ب7 لاعبين جدد    سبالينكا تتفوق على رادوكانو في بطولة سينسناتي وسينر يجتاز اختبار ديالو    اتحاد الشغل: الهيئة الادارية الوطنية تدين الاعتداء على مقر الاتحاد وتتمسك بمقاضاة المعتدين    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    التونسي وضاح الزايدي يلتحق بنادي هجر السعودي    ترامب: الذهب لن يخضع لرسوم جمركية    الأمم المتحدة توجّه نداءً عاجلًا: استشهاد أكثر من 100 طفل جوعًا في غزة    مصر لا تمانع نشر قوات دولية في غزة    مهرجان قرطاج الدولي 2025: فرق فنية شعبية من ثقافات مختلفة تجتمع في سهرة فلكلورية    "نوردو" يشعل ركح مهرجان صفاقس الدولي في عرض شبابي حماسي    لأول مرة في إيران .. خلاف علني بين "الحرس الثوري" والرئيس بزشكيان    ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    تجربة سريرية لعلاج لسرطان الرئة    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم
نشر في الشروق يوم 19 - 07 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
والمدينة تنقسم إلى قسمين: القسم القديم وهو نصفها الشرقي قائم على أكمة، ثمّ تنحدر قليلا إلى أن تتّصل بالوادي الذي يخترقها. وكان نازحا في هذا الفصل من المياه. ثمّ يليه القسم الغربي وهو المدينة الحديثة التي بناها الأتراك على الأصول الحديثة ، وأحدثوا بها الطرقات الواسعة وشيّدت على حافتيها الأبنية المزخرفة والمساكن الجميلة، واسمها بئر العزب ، ويندر وجود بيت في هذا القسم خال من بستان يرتاض فيه أهل المنزل.
أمّا تعداد سكّانها فإنّه يبلغ نحو 60.000 نسمة منهم بضعة آلاف من اليهود. وأغلب تجارتها بأيديهم. لذلك ترى كلّ حركة فيها موقوفة يوم السبت بسبب تأثير اليهود في حركة الأسواق الماليّة ، و ليس فيها من تجّار المسلمين الذين يضارعون اليهود غير أفراد يعدّون على أطراف الأصابع . ولليهود غناء فاحش. وأكثرهم يقرض المسلمين الأموال القليلة بالفوائض الكثيرة، ولا يدفعون من الضرائب غير الجزية ، وهي قليلة جدّا لا تكاد تذكر بالنسبة إلى ما يستفيدونه من الأرباح . فإنّ الغنيّ يدفع ثلاثة ريالات في السنة ومتوسّط الحال ريالين والفقير الصانع ريالا ونصفا والشاب البالغ ريالا واحدا. و لا يدفعون الأعشار ولا الزكاة لأنّ مذهب الزيديّة لا يراهم مخاطبين بفروض الشريعة . وكان الواجب على الحكومة أن تجد وجها شرعيّا تجبرهم به على مساواة المسلمين في دفع الزكاة والأعشار ، لا سيما وأن المذهب الزيدي لا يمنع الإمام من الاجتهاد» ( ص 82-83) .
ومن معالم صنعاء ما وصفه فيما يلي من قوله : « نزلنا من قصر السعادة في الساعة العاشرة ونصف وركبنا العربة فسارت بنا إلى القسم الشرقي من المدينة، وفيه كافّة المساجد والمعاهد وأضرحة الأئمة والأسواق . فزرنا أوّلا أعلى مكان في المدينة، وفيه سراي الحكومة العثمانية والجامع الحنفي المسمّى « بالجامع الباكري « ومركز جمعيّة الاتّحاد والترقّي والنادي العسكري العثماني ( سابقا) ، وكلاهما خاو على عروشه.
أمّا سراي الحكومة فقد تحوّلت إلى مدرسة حربيّة يتلقّى فيها الشبّان الفنون العسكريّة. وتوجد فيها كافة الخرائط العسكريّة والأدوات اللاّزمة لتلك الفنون، وأساتذتها من ضبّاط الأتراك المتفنّين ، وهي تستحقّ مزيد العناية من الحضرة الإماميّة حتّى تكون مدرسة حربيّة بمعنى الكلمة.
ثمّ نزلنا من هذا المرتفع على طريق سوق الأجانب، ودكاكينه كلّها مقفلة حيث لم يبق منهم أحد بعد إعلان استقلال اليمن. ثمّ نزلنا من هناك إلى المسجد الجامع ، و قد شرع في تأسيسه في صدر الإسلام ورسم قبلته معاذ بن جبل رضي الله عنه ولم يتّم بناؤه إلاّ حوالي سنة ألف من الهجرة (1591 م) . وليس فيه شيء يلفت النظر مع كبره واتّساع أروقته وصحنه غير سقف الرّواق الشرقي الذي أنفقت على إبداعه وزخرفته إحدى أميرات الهند أموالا لا تحصى. وهو مزوّق بالذهب الخالص، وكلّ قطعة منه فريدة في نوعها لا تشبه بقيّة القطع الأخرى ، وهو آية من آيات الفنّ. ورأيت إلى جانب المحراب طاقة عليها باب عليه قطع مزخرفة من النحاس الأصفر عليه نقوش وتماثيل مخطوطة باللّغة الحميريّة يقول عنه مؤرّخو اليمن إنّه باب من أبواب شبابيك قصر غمدان نقل منه وجعل بابا لخزانة المخطوطات النفيسة التي تضمّنتها مكتبة المسجد. وقد تعرّفت فيه ببعض العلماء وحضرت بعض الدروس . وقد علمت أنّ عدد المدرّسين الراتبين بهذا المسجد يبلغون ستّة عشر أستاذا. أمّا عدد الطلبة الملازمين للدروس فلا يزيدون عن 400» ( ص 97 – 98).
وبعد لقاءات مع الإمام يحيى وبعض الشخصيّات عاد الثعالبي أدراجه مرورا بنفس المحطّات السالفة، غير أنّه انتهز الفرصة لجولة في مدينة آب . قال : « لمّا انتهت الصلاة (صلاة الجمعة ) أسرعت بالخروج خيفة أن يمسكني العامل ويجبرني على الغداء في بيته، وسرت نحو السراي ، ولم أكد أصلها حتّى وافتني رسله تدعوني إلى قصره فاعتذرت لهم ووعدت بزيارته في الساعة الثالثة بعد الظهر، ثمّ دخلت السراي فنزعت ملابسي واسترحت. وبعد ذلك طلبت الغداء فأكلت ما تيسّر أكلا شهيّا لذيذا غير ملوّث بالأيدي، ثمّ استرحت قليلا إلى أن دنت ساعة الميعاد. فنزلت من السراي وذهبت إلى قصر العامل راكبا، وكان في هذا اليوم مكتظّا بالزوّار وأعيان البلاد وأكابر الموظّفين ، وكلّهم كانوا ينتظرون وصولي، فجالستهم إلى الساعة الخامسة ونصف. وكان الحديث دائرا في هذا اليوم بيني وبين سماحة القاضي، وهو من الأئمّة الأعلام الذين لا يستندون بعد كتاب الله إلى دليل غير السنّة السنيّة .
وفي الساعة السادسة تركت قصر العامل وركبت إلى الشلال النازل من جبل بعدان إلى طرف آب، وهو الذي تستقي منه المدينة ، فخرج معي طائفة من أذكياء العلماء وأكابر السادة. ولمّا أبصرتهم محدقين بي وأنا على أبواب المدينة ترجّلت وأبيت الركوب. ومشينا جميعا إلى الشلّال. وبعد أن وقفت على تقسيماته وتأمّلت في منظره وأردت الرجوع أقسم عليّ رفقاء هذه الصحبة القصيرة أن أركب وأن أودّعهم هنا و لا داعي لمماشاتي لهم وإتعابي ، فقبلت اقتراحهم و ركبت البغلة وودّعتهم فردا فردا وعدت إلى المدينة. فمررت بالأسواق العموميّة ، فكان مروري بها مشهودا موقّرا ، وكان تجّار كل سوق يتقبّلونني خير استقبال ، ومنها قصدت السرايّ» ( ص 123) .
ثمّ غادر آب إلى بلدة السّياني فإلى بلدة ماوية فإلى سلطنة لحج ، وعاصمتها الحوطة ، حيث كانت له جلسات مع السلطان عبد الكريم ووصيّه الأمير علي ووزيره السيّد علوي الجفري. وقد كلّفه بضبط برنامج عمل لعرضه على المؤتمر المنتظر لجمع شمل الأمراء القحطانيين على صعيد الوحدة اليمنيّة ( ص 124 – 132) .
وكان الثعالبي كلّما تردّد على عدن أقام ضيفا في بيت السيّد محمد عبد الله حسنعلي (هكذا متّصلة ) . ومنه كان يرسل رسائله ، وفيه حرّر رحلته اليمنيّة. ومنه قصد الهند يوم السبت 18 أكتوبر 1924 للمهمّة المذكورة أعلاه.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.