تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    عاجل: أولى التقلبات الجوية تصل أقصى الشمال الغربي لتونس    مستشار رئيس الجمهورية: الرئاسة لم تغلق أبوابها أمام نواب البرلمان...    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    ميزانية الصناعة والطاقة والمناجم: تخفيض في الميزانية العامة و271 مليارا لدفع محرّكات النموّ    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد... اكتشاف قناع من المرمر لامرأة فينيقية بقرطاج    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    إعادة انتخاب محرز بوصيان نائبا لرئيس الإتحاد العربي للجان الوطنية الأولمبية    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    ضبط نسب الفائدة التّفاضلية الموظّفة على القروض الممنوحة لفائدة الشّركات الأهلية على الموارد الذّاتية للبنوك    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    دربي العاصمة: الإفريقي والترجي نهار الأحد.. 142 مواجهة وهذه الأرقام    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    بعد إلغاء البطاقة الحمراء ضد دحمان...إدارة التحكيم توضّح السبب    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في اكتوبر 2026    "اللص النائم".. أغرب ضيف ينتظر سيدة في منزلها    دولة عربية تتصدّر العالم: علاش الأثرياء يحبّو يزوروها؟    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    قوات الاحتلال الصهيوني تقتحم عددًا من بلدات ومدن الضفة الغربية..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    البيتان في المعهد: فمّا نص قانوني يعاقب التلميذ التونسي ؟    بعد فيديو المبيت في المعهد... " تلميذ التيك توك ينشر فيديو مثير للجدل مع والدته من المندوبية"    عاجل: اليوم تنطلق الدفعة الأولى من مباريات الجولة 14.. شوف القنوات الناقلة!    تونس تحتضن منتدى الطب الصيني – الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    بايدن يوجه انتقادا حاداّ لترامب: "لا ملوك في الديمقراطية"    بعد اعتراف ترامب.. رسالة "شديدة اللهجة" من إيران لمجلس الأمن    النيابة العامة في إسطنبول تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    ارتفاع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية بنسبة 8 بالمائة سنة 2026    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    عاجل : فضيحة في مسابقة ملكة جمال الكون 2025: شنية الحكاية ؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهم في رحلاتهم
نشر في الشروق يوم 18 - 08 - 2019

نحاول بهذه الحلقات من أدب الرحلات إمتاع القارئ بالتجوال في العالم رفقة رحّالة وكتّاب شغفوا بالترحال وأبدعوا على اختلاف الأنظار والأساليب في وصف البلدان، سواء انطلقوا من هذا القطر أو من ذاك، مع العلم بأنّ أكثرهم من المغرب الكبير ووجهاتهم حجازيّة لأولويّة مقصد الحجّ وغلبة المشاغل العلميّة والثقافيّة على آثارهم باعتبارهم فقهاء وأدباء، على أنّ الرحلة تكون ممتعة أكثر مع آخرين جالوا في قارات أخرى.
مع بيرم الخامس عبر الأمصار والأقطار (3)
وقد وضعت البلدة على سفح ثلاث جبال يفصل بينها الخليج. أمّا قسم منها فيفصل بينه وبين غيره الخليج الكبير. وهذا القسم هو المسمّى بأسكودار الواقع في قارّة آسيا والقسمان الآخران يفصل بينهما فرع من هذا الخليج داخل في قارّة أوروبا إلى أن يتّصل بجدول يعرف بكاغدخانة. فالقسم الشرقي من القسمين يسمّى بغلطه والقسم الغربي يسمّى بإستانبول. وقد كان في القديم محلّ البلدة مفصولا عن بقيّة القارّة بخليج واصل إلى بحر مرمرة وهو قرب مقام سيّدنا أبي أيّوب الأنصاري (ت 52 ه) الآن فكانت جزيرة منفردة.
وهذا القسم هو مقرّ البلاد الأصليّة الذي يشتمل على مركز الإدارة والأسواق وغير ذلك. وحيث كانت البلدة واقعة في عرض سبعة وأربعين شمالي كان هواؤها يغلب عليه البرد وتنزل عليها الثلوج في كلّ سنة وربّما جمد الخليج في بعض السنين. فهي في جميع أوقاتها لها منظر منفرد في الأرض لمن يراها داخلا من الخليج حيث كان الخليج في الوسط وتحفّه على جميع شطوطه الممتدّة نحو 22 ميلا قصور ودساكر (أي مساكن وملاهٍ) جميلة الصنع ذات ألوان لأنّ البناء بالأخشاب ويدهن ظاهرا وباطنا بألوان جميلة مع
كثرة طاقاته. ويتخلّل هذا البناء الصوامع المتناغية في الجوّ مع جودتها وتعدّد أدوار مآذنها وبينها القباب الشاهقة. ثمّ وراء هاته البناءات على سفح الجبال البساتين والجناين والأشجار الملتفّة والعيون المتدفّقة فتدهش رؤيتها أبصار الناظرين. وتستمرّ البواخر خارقة لهذا الخليج في ذلك المنظر البديع مدّة نحو ساعتين. فلا ريب إن كانت هي سيّدة البلدان السياسية خصوصا ووضعها قد جاء على كلّ من قارّتي أوروبا وآسيا وعلى كلّ من البحرين الأبيض والأسود، ولهذا يسمّونها في القديم بفاروق لفرقها بين البرّين والبحرين. لكنّ ذلك المنظر والجمال ينحطّ درجات عديدة إذا نزل قاصدها إلى البرّ وتخلّل بالمشي في شوارعها لأنّ طرقاتها أغلبها ضيّق ومبلّط بحجارات على أصل خلقتها مقبلة مكعّبة تتعب الراكب والماشي وكثيرا من الديار قد أخذ منه الهرم مأخذه خصوصا في هذا الوقت الذي تفاقم فيه على أهلها الضيق المالي لأنّ أهلها المسلمين، وهم أكثر السكّان، أغلبهم له جرايات ومرتّبات بحيث أنّ إقامتهم مناطة بالدولة التي ضاقت خزينتها عن القيام بشؤونها وبقيّتهم ذوو صنائع خسيسة كسائقي العربات والنوتية وما شاكل ذلك، والقليل النادر لهم تجارة على قدر الحاجة. والتجارة المعتبرة إنّما هي بيد الإفرنج أو النصارى من رعيّة الدولة، وكذلك أغلب الصنائع الضروريّة والحاجيّة والتحسينيّة على كثرها كلّها بيد النصارى أيضا إلاّ ما ندر، وكأنّ سبب ذلك هو اختصاص المسلمين قديما بالوظائف والرتب
فانحصرت معيشة غيرهم فيما يجيدونه من صنائعهم وتجارتهم. ولمّا انفتح الباب في الأزمان المتأخّرة شاركوا المسلمين في الوظائف وسابقوهم فيما كان خاصّا بهم لمدّ أيدي المساعدة لهم من الإفرنج ودولهم الأجنبيّة فاتّسعت معارفهم الرياضيّة وأتقنت صنائعهم واتّسعت تجارتهم وتقهقر المسلمون لوقوفهم فيما كانوا عليه بل لانحطاط درجة المعارف لديهم وإعراضهم عن الصنائع وغيرها من أوجه التكسّب لانحصار الآمال في مجرّد التوظّف في الدولة. ولهذا ترى البلاد ممتلئة بالقهاوي وبالقرائتخانات التي هي قهاو نظيفة ينتابها الوجهاء من الناس فلذلك صارت الديار الحسنة قليلة في هاته البلدة العظيمة التي يتجاوز سكّانها المليون وربعا. وإذا ضممت القرى التابعة لها في جوارها مثل بيوك آطه أي الجزيرة الكبيرة وغيرها من بقيّة الخليج يكون مجموع سكّانها مليونا ونصفا على ما يقال حتّى أنّها كانت هي أعظم البلاد المعروفة وسمّيت بالقسطنطينية العظمى. والحاصل أنّ طرقها الآن التي لها نوع من الحسن هي طريق يبتدئ من بطحاء في وسط إستانبول تسمّى بميدان السلطان أحمد، وفي وسطها مسلّة من المسلسلات المصرية متناغية في
الهواء، فيمرّ الطريق على الباب العالي ثمّ على القنطرة الموصلة إلى غلطة ثمّ يمرّ منها إلى الطوبخانة (أي مصنع السلاح) على سمت نحو المستقيم. وهكذا يمتدّ على ذلك النحو إلى قبطاش وبشكطاش وأورطه كوى ثمّ قورى شيشمه ثمّ أرنؤوط كوى ثمّ إلى ببك ثمّ إلى روم إيلي حصار ثمّ إلى يني محله ثمّ إلى طرابيا ثمّ إلى بيوك دره ثمّ إلى نهاية الخليج المسمّى بروم إيلي قواغي جهة البحر الأسود. والأماكن التي تقدّمت أسماؤها كلّها حارات مثل البلدان متّصل بعضها ببعض ممتدّة على طول الخليج. وإنّما كان هذا الطريق محسّنا لأنّ أغلب أماكنه بها بناءات للدولة أو للسلاطين أو أبنائهم أو بناتهم أو وزرائهم أو أمرائهم أو لسفراء الدول الأجنبية أو للأغنياء من الإفرنج والنصارى أتباع الدولة مع كون شركة إفرنجية قد جعلت بذلك الطريق عجلات الترامواي برخصة من الدولة على شرط تحسينها للطريق وتوسعتها له حتّى لا يعارض مروره العجلات الأخر. وهكذا يمتدّ هذا الطريق أيضا بفرع آخر من البطحاء المذكورة ويمرّ على بطحاء السلطان بايزيد ثمّ على آق سراي ويمتدّ هكذا مستطيلا على نحو استقامة إلى أن يصل إلى آخر إستنابول في باب أدرنه. ويوجد طريق آخر على ذلك النحو يبتدي من غلطه أمام القنطرة ويصعد في جبلها ويمرّ في بايوغلي التي هي حارة السفراء في الشتاء وأمّا في الصيف فإنّهم يسكنون في الخليج ومثلهم بقيّة الأعيان. وحسن طريق بايوغلي فائق على الكلّ لمزيد التحسين في الديار الحافّة بجانبيه.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.