وفي 26 جانفي 1912 شارك أوبري (Obre) وديفال (Duval) في استعراضات جوية بتونس متحملين متاعب نقل طائرتهما مفكّكة على متن الباخرة «قرطاج» في ظروف الحرب العالمية الأولى. ثم نظّما في 7 فيفري جملة رحلات بعنوان «جولة تونس». وذلك في جرزونة قبالة بنزرت. بعد بوفيي خلّد رولان قاروس (Roland Garros) اسمه في تاريخ الطيران بتونس التي وجد فيها - كما قال- الشمس والحظّ واللطف. ففيها حقّق أفضل أرقامه القياسية. قطع 760 كلم في أقل من ثماني ساعات من فريجيس (Frejus) جنوبي فرنسا إلى بنزرت عبر سردانيا حيث كاد يهلكه عطب مفاجئ ونقص في الوقود. وبلغ 3000 متر من الارتفاع. كان ذلك في 23 سبتمبر 1913.ولأمر ما تغيّر برنامجه من بنزرت إلى قصر السعيد فتمّ تفكيك طائرته «موران صولنيي ح « (Morane Saulnier H) وشحنها على ظهر الباخرة «منّوبة» نحو مرسيليا. وتخليدا لإنجازاته أقيم له نصب تذكاري في بنزرت في ساحة كبرى قبالة مقهى « اللّيدو» آنذاك. وفي تاريخ الطيران محطّات أخرى في تونس نفتخر بالإسهام التونسي فيها متواصلاً إلى اليوم والغد. فماذا عن المطارات؟ 2 - المطارات: كان ميدان سباق الخيل بقصر السعيد أوّل مطار تونسي بين سنتي 1911 و 1924. وقد اختير للمركض المناسب للهبوط وللمنصّة الممكّنة للجمهور والضبّاط وممثلي الصحافة بمتابعة الاستعراضات الجويّة. وكانت السكة الحديدية الرابطة بين تونسوبنزرت بالجوار علامة للطيّارين. هناك بُنيت في جوان 1914 قاعدة جويّة باسم «رولان قاروس» لتعويض مأوى الطائرات المغطّى بغشاية (Bâche) لا تصمد أمام العواصف. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى كان بتونس حوالي عشرين مطارًا في أحواز المدن الساحلية وداخل البلاد وحتّى في قرية مثل السند. ذلك لأنّ الطائرات لم تكن تستطيع الطيران لمسافات أطول من 150 كلم حتى أنّها كانت أحيانا تهبط في الحقول والمزارع بجوار قطعان الماشية متعرضة للمخاطر. هذا ما حدا بالصحافة الفرنسية المحلية إلى المطالبة منذ 1922 بمطار حقيقي على غرار عواصم الشمال الإفريقي مستدلّة على ذلك بالربط الجوي الذي قام به الملازم بلّوتيي دوازي (Pelletier Doisy) بين تونس وباريس والدار البيضاء مع العودة إلى تونس، في صائفة 1922. تمّ الاختيار على العوينة لعدّة اعتبارات، منها القرب من تونسوالمرسى ومطار الطائرات المائية بخير الدين وإمكانية التوسيع. حدّدت مساحته الأوّلية ب 950م طولاً و900م عرضا، وأشرف على أشغاله النقيب ماكسيم دي لا فارق (Maxime De Lafargue) الطيار والرئيس السابق لمركز الملاحة الجوية ببسكرة الجزائرية. وكان الخط الحديدي الرابط بين تونسوالمرسى ناقلا للركاب والبضائع إلى المطار الجديد الذي لم تكن تجهيزاته خارقة للعادة إبان تدشينه الرسمي في 22 جوان 1924 لأنّ النقل بالطائرات المائية كان أنشط منه بالطائرات الجوية، ناهيك أنّ محمد الحبيب باي حرص على حضور هبوط أوّل طائرة مائية في بحيرة تونس في 14 أوت 1923. وكانت فعلاً ملكة الطائرات من 1920 إلى 1949 تاريخ الأمر العلي القاضي بغلق مطار الطائرات المائية بخير الدين فيما يعرف اليوم بمحطة المرسى الجوية (L'aéroport) على خط تونسحلق الواديالمرسى (T.G.M). وقد كشفت لنا بحيرة تونس في 21 فيفري 1988 عن طائرة مطاردة فرنسية حافظت بصورة جيّدة على جثة قائدها أندري مرسيي (André Mercier) منذ سقوطه يوم 14 جويلية 1940 أثناء تدريب. كانت طائرته من نوع ديفواتين (Dewoitine 520). ظلّ جثمانه فيها 48 سنة، وكان عمر ابنته يوم انتشاله 48 سنة - هكذا شاءت الصدفة - غير أنّها أكبر منه بضعف عمره إذ مات في الثالثة والعشرين. بعد حملة الحلفاء على تونس في الحرب العالمية الثانية تضرّر مطار العوينة فوجب إصلاحه بمساعدة أمريكية بالنسبة إلى المدرج وأخرى فرنسية بالنسبة إلى المباني، وباعتماد طريقة المنشآت الجاهزة (Pré-fabriqué). وفي 16 أفريل 1945 أنشىء به أوّل برج مراقبة، وتمّ تدشينه بالمناسبة. وتضاعف النقل الجوّي فأوجب إحداث مطارات أخرى، أشهرها مطار المنستير سقانس. كما تطورت إدارة الطيران المدني والرصد الجوّي منذ تأسيسها في 26 جويلية 1958. وأصبح مطار العوينة يحمل اسم مطار تونسقرطاج الدولي، يستغله القادمون والعابرون وتحط به طائرات «بوينغ 707» في المهبط الجديد. وذلك بإشراف ديوان الطيران المدني والمطارات المحدث سنة 1970. وقد ازدانت الخطوط الجوية التونسية يوم 16 مارس 1972 باقتناء أوّل طائرة بوينغ 727. وكان الرئيس الحبيب بورقيبة مدشّن توسيعات مطار تونسقرطاج ومطار المنستير سقانس يوم غرة أوت 1972. وما فتئت التحسينات والزيادات تنوّر المطارات التونسية مع عناية خاصة بجودة الخدمات والأمن ورفاهة المسافرين خدمة للسياحة بدرجة أولى وللتنمية بصفة عامة خاصة في سنة 1998 التي شهدت تحديث مطار تونسقرطاج وفي سبتمبر 2006 تاريخ تدشين المحطة الجديدة للبضائع والحجيج، ومنذ تأسيس شركة طيران تونس الداخلية(Tuninter). يتبع