مكتب القيروان: سيدي عرفة أو عرفة الشابي أول مؤسس للكيان القومي التونسي بإفريقية. والده هو الصّوفي الكبير أحمد بن مخلوف الشابي مؤسس الطريقة الشابية و يُعتبر أحد أقطاب التصوف في العهد الحفصي، لهذا لقبه صوفية المشرق ب"زهرة أهل الغرب المُنعّمة. و يذكر ان «تألق شخصية سيدي عرفة الروحية و تغلغل دعوته في قلوب الأفارقة و عُمق تأثيره فيهم جعلت المسيحيين و قادة الجيش الإسباني يطلقون عليه لقب ال»بابا» أو «بابا القيروان»، و ذلك لأنهم وقفوا بأنفسهم أثناء معاركهم التي خاضوها ضده على حقيقة تأثيره الديني في نفوس جنوده و جنود خصومه على السواء، و قد شهدوا بأنفسهم كيف إنضم إليه جيش خصمه الحسن الحفصي . و قد تحدث» الحاكم العسكري الاسباني لحلق الوادي فرانسوا دي توفار»عن القداسة التي يتمتع بها سيدي عرفة لدى أتباعه بقوله في رسالة مؤرخة في 30 أفريل 1538 إلى إمبراطور إسبانيا : "و يُعتبر سيدي عرفة في نظر الأهالي شخصية مقدسة تتمتع في هذه المنطقة بتأثير أكثر من تأثير الملك نفسه». «". وقد وصفه خصمه الحسن الحفصي في إحدى رسائله بالوليّ، ووصفه المؤرخ «مارمول» بالفقيه كما وصفه المؤرخ»بازيو» بخليفة القيروان». و إشتهر كذلك لدى الإسبان بملك القيروان و سيّد القيروان، و قد غلبت عليه نسبته إلى بلدة الشابّة مسقط رأس والده فعُرف بالشابي . ظهر سيدي عرفة في القيروان، كبطل قومي في أحلك فترة عرفتها افريقية و شهدت فيها الدولة الحفصية أسوأ و أضعف فتراتها حينما احتد فيها الخلاف بين البدو و الحضر و كثرة الاغارات و النهب و السلب و تمرد الاعراب و انقضاضهم على المراكز الاقتصادية و انتشار المجاعة و الأوبئة سال لعاب كل من العثمانيين و الاسبان و أصبحت تونس مطمعا و محل نزاع للسيطرة. استمدّ شهرته من واسع درايته العلمية و تأكد نفوذه في بوادي إفريقية و مدنها، و من بينها تونس، بسبب الإقبال على دروسه قد أثار ثائرة البعض من علماء الحاضرة و حملتهم على إتخاذ مواقف ضده، أدناها مناظرته في عُقر داره لإفحامه أمام أتباعه، و أقصاها الوشاية به لدى السلطان أبي عبد الله محمد الحفصي للقضاء عليه نهائياً فسجن سنة 1525. توفي الشيخ سنة 1542 .و لا يزال اسمه حاضرا و بقوة من خلال «مقبرة سيدي عرفة «بالقيروانالمدينة.