يعتبر قطاع الصيد البحري من القطاعات المشغلة لآلاف البحارة. وهو مورد رزق لعدد هام من العائلات. وهو قطاع حيوي من ناحية التصدير و توفير العملة الصعبة. و يحتاج إلى إصلاحات عاجلة لتحقيق انتعاشة اقتصادية و المحافظة على الثروة السمكية للأجيال القادمة بواسطة سياسة مستدامة. و يحظى الصيد بالمراكب الصغيرة باهتمام الرأي العام لما يوفره يوميا من منتوج بحري له علاقة وطيدة باستهلاك المواطن . إذ يشهد قطاع الصيد البحري بالقوارب ذات المحركات الصغيرة بولاية صفاقس عدة مشاكل مالية وإدارية. كما تساهم طرق الصيد غير القانونية في الإضرار بالثروة السمكية بالجهة. و تنشط عمليات الصيد بالكركارة أو ما يعرف « بالكيس « بالمنطقة الممتدة من سواحل جرجيس جنوبا مرورا بسواحل صفاقس وصولا إلى المهدية و سواحل هرقلة من ولاية سوسة إضافة إلى سواحل جزيرة قرقنة. و تعرف هذه السواحل لدى البحارة بالمثلث الذهبي السمكي لأنها غنية بالأسماك. و تحتوي على أرضية بحرية عشبية غزيرة و مياه غير عميقة. و هي الظروف الملائمة لتضاعف الثروة السمكية باعتباره إطارا لبيض و ترعرع أغلب أنواع الأسماك . و يتعرض هذا المثلث مند بداية السبعينيات إلى الصيد العشوائي بواسطة نوع من الكركارة و هو أكبر كارثة للصيد البحري إن لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة وردعية والتصدي للمخالفين . و يؤدي الصيد « بالكركارة « إلى جرف كل أنواع الأعشاب التي تمثل في آن واحد عشا لبيض الأسماك و مصدرا لتغذية جميع الحيوانات البحرية. فالكيس يجرف كل الأسماك و الحيوانات الصغيرة. و يساهم في إتلافها . وينطلق موسم الصيد بالكيس في شهر أكتوبر في فترة زمنية لا يتجاوز عمر السمك 3 أشهر. و لا يتجاوز وزن القرنيط 200 غرام بينما يصل وزنه في شهر جانفي حوالي 5 كلغ مما يدمر الثروة السمكية في المهد ... و الأكيد أن البحارة يدركون جيدا مخاطر هذه الممارسات على الثروة السمكية و آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني. لكنهم يضطرون إلى المجازفة نظرا الى الأزمة المالية التي يتخبطون فيها بسبب غلاء المعدات البحرية و ارتفاع أسعار المحروقات و تكاليف صيانة القوارب و إصلاح المحركات... إضافة إلى تحكم الوسطاء و التجار في أسعار السمك والهيمنة على السوق و ابتزاز البحارة عن طريق التداين المستمر . و يعاني البحارة من غياب الدعم عند صيانة مركبات الصيد و شراء الأدوات في ظل غياب سياسة واضحة من طرف الدولة للمحافظة على الثروة السمكية و معالجة المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصيد البحري. و تعالت الأصوات للتصدي للصيد العشوائي وذلك بفرض احترام الراحة البيولوجية و تكثيف المراقبة على السواحل و فرض عقوبات زجرية على المخالفين للقانون وإصدار تشريعات و رصد تعويضات للبحارة و أصحاب القوارب الصغيرة أثناء فترة الراحة البيولوجية التي تستوجب توقف الصيد باعتبارها فترة نمو الأسماك و القيام بإصلاحات إدارية على المستوى المحلي وتحديد قائمات محلية و جهوية في عدد البحارة المرسمين في دفتر الإدارة الجهوية للصيد البحري و المتحصلين على دفتر ممارسة الصيد و ضبط القوارب المتحركة والمخالفة للتراتيب الجاري بها العمل و المتعاطية للصيد « بالكيس « وضرورة تركيز ممثلين عن الديوان القومي للصيد البحري في كل المواني البحرية لتفادي احتكار « القشارة « للمنتوج البحري وهيمنتهم على البحارة و تحديد أسعار الأسماك وتخفيف الإجراءات الإدارية بخصوص استرجاع البحارة لمصاريف صيانة مراكب الصيد وتوفير الدعم للمستثمرين في هذا القطاع .