مدرسة كانت المساجد ، وأحيانا دور الفقهاء والعلماء قبل دكاكين الورّاقين ، الفضاءات الأولى للتعليم ، خاصة منه الدينيّ ، بتشجيع على طلبه و الرحلة في سبيله والإسهام فيه وحثّ عليه من مصادر الشريعة والقائمين عليها والحاكمين بأمرها، سواء مجانا أو بأجر محدود. وبداية من ق 2 ه / 8 م بدأت تنتشر الكتاتيب لتحفيظ القرآن، وأكثرها تزايد فيما بعد في الأربطة ثمّ في الزوايا إلى أن بدأت المدارس الضامنة لإقامة الطلبة تنتشر في الحواضر ثمّ في المدن الصغيرة وأسوة بالرسول ( ص ) في تعليم الصحابة بدار الأرقم بن أبي الأرقم درّس علي بن زياد بمنزله بتونس ، ومثله فعل أسد بن الفرات والإمام سحنون . و اتّبعهم المشائخ عبر العصور حتّى أنّ أحدهم ، وهو علي الكوندي الأندلسي ( ت 1708 م ) درّس بسقيفة داره بتستور قصّاده من البلاد ومن عنّابة. وكذلك فعل إسماعيل التميمي ( ت 1832 م ) عندما عزل من خطّتي الإفتاء والتدريس بالمدرسة الأندلسيّة بتونس . لكنّ أوّل مدرسة بمدينة تونس، وهي الشمّاعيّة ، دلّت على أنّ مؤسّسها ، وهو الأمير أبو زكرياء الحفصي ، لم يؤسّسها لمجرّد التعليم بل أرادها قاعدة لتثبيت حكمه على مذهب دولته خدمة للدعوة الموحّدية في مواجهة المالكيّة ، في عاصمة البلاد الجديدة إثر قيام إمارة بني خرسان بها وبعد زحف بني هلال ثمّ النرمان على المهديّة والقيروان . وكذلك فعل العثمانيون بعد إجلاء الإسبان عنها سنة 1574 م لغرض مذهبهم الحنفيّ إعلاء له على المذهب المالكي بالمدارس والمساجد والقائمين عليها والأحباس المموّلة لها صيانة ونشاطا. وذلك دون المؤسسات التي أنشأها الأثرياء للعلم والثواب، لا لغرض مذهبي أو سياسي، ممّا مكّن أبناء الآفاق والفقراء من الوصول إلى موطن شغل كعدل إشهاد أو إلى وظيفة سامية في الدولة كقاض أو مفت أو وزير ، على طريقة ابن عرفة ( الورغمّي ( ت 1401 م ) وإبراهيم الرياحي التستوري ( ت 1850 م ) .وفيما يخصّ طريقة التدريس فتقوم على التلقين والإملاء في شكل حلقة يتحلّق فيها التلاميذ حول شيخهم وهو في مسجد المدرسة مستند إلى عمود أو متوسّط المحراب. وكلّ منهم ملتزم بمكانه حسب سنّه، أقدميّته ومستواه. وفيما يخصّ البرامج فتشمل علوم القرآن والحديث والفقه وأصوله وعلم الكلام والنحو، وقلّ أن تبلغ العلوم العقليّة والصحيحة. وأمّا المصادر فلم تكن الأصول وإنّما كانت الشروح والحواشي والتلاخيص والمختصرات بالنسبة إلى العهد الحفصي مع بعض التحوير في الموادّ بالنسبة إلى العصرين المرادي والحسيني . وقد درس الأثريّ محمد الباجي بن مامي في أطروحته عن مدارس مدينة تونس تطوّر عمارتها والعناصر المؤثّرة فيها والفوارق بينها وبين المدارس في المشرق والمغرب . والغالب عليها حسب ما انتهى إليه تطوّرها أنّها تتكوّن من سقيفة وصحن يتوسّطه ماجل أو بئر أو سبيل عادة، و تحيط به بيوت ضيّقة تظلّلها أروقة، وفي جانب منها مسجد وميضاة وأحيانا تربة لمؤسّسها وطابق علوي لمضاعفة استيعابها. وتتفاوت جماليّتها حسب حال الدولة مع اعتبار الفارق الظاهر بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة على قدر سعة بناتها ومواقعها من النسيج العمراني المتوسّع انطلاقا من الجامع الكبير، أي « الزيتونة» بالنسبة إلى مدينة تونس ، وقياسا على ذلك بالنسبة إلى المدن الكبرى داخل البلاد . على أنّ تلك العمارة تبدو بشكل عامّ متأثّرة بالمساجد والجوامع والمنازل تخطيطا وزخرفة فلا يبقى من فارق بين هذه وتلك سوى الغرف لسكنى الطلبة. وقد حظيت تلك المدارس بالترميم – فضلا عن التحوير الجذري أحيانا بالنسبة إلى التركيّة لا الحسينيّة – وذلك منذ عهد الشيخ أبي الغيث القشّاش ( ت 1622 م ) ، فهي اليوم موظّفة لأنشطة ثقافية و مقرّات لجمعيّات مختلفة ، بعد انقراض عدد منها. فأمّا الباقية بمدينة تونس فهي: المدرسة الشمّاعيّة بسوق البلاغجية ، زنقة الشماعيّة ، أسّسها السلطان أبو زكّرياء الحفصي بين سنتي 634 ه / 1236 م و 647 ه / 1249 م . المدرسة المرجانيّة بنهج المرجانيّة ، زنقة بكّار عدد 12 أسّسها سيدي عبد الله المرجاني حوالي 693 ه / 1293 م . المدرسة المغربيّة بنهج تربة الباي عدد 44 أسّسها سيدي عبد الله المغربي قبل سنة 689 ه / 1290 م . المدرسة الجاسوسيّة بنهج باش حانبة عدد 7 أسّسها سيدي عمر الجاسوسي. المدرسة العنقيّة بنهج عنق الجمل عدد 5 أسّستها الأميرة فاطمة أخت السلطان أبي يحيى أبي بكر سنة 742 ه / 1341 م . مدرسة ابن تافراكين بنهج سيدي إبراهيم الرياحي عدد 10 أسّسها عبدالله بن تافراكين بين 751 / 1350 م و 766 ه / 1364 م . vالمدرسة المنتصريّة بنهج الوصفان عدد 9 أسّسها الخليفة محمد المنتصر باللّه من 838 ه / 1434 م إلى 841 ه / 1438 م . vالمدرسة اليوسفية بنهج سيدي علي بن زياد، مدمجة في المستشفى الصادقي ( مستشفى عزيزة عثمانة ) أسّسها يوسف داي حوالي 1022 ه / 1613 م . vالمدرسة الأندلسيّة بنهج الركاح رقم 3 ، أسّسها الشريف أبو الحسن علي بن أبي عبد اللّه سنة 1034 ه / 1625 م . مدرسة الزاوية البكرية بنهج ابن عثمان رقم 16 أسّسها النوي شهر السرّاج ومجموعة من الأندلسيين حوالي النصف الأول من القرن 11 ه / 17 م . المدرسة المرادية بسوق القماش رقم 37 أسّسها مراد باي الثاني سنة 1084 ه / 1674 م. مدرسة النخلة بنهج الكتبيين رقم 11 أسّسها الباي حسين بن علي تركي سنة 1124 ه / 1713م. مدرسة الجامع الجديد بنهج الصباغين رقم 29 أسّسها الباي حسين بن علي التركي سنة 1139 ه / 1727 م . المدرسة المتيشية بنهج ابن متيشة رقم 12 أسّستها زوجة الآغة أحمد بن متيشة حوالي سنة 1153 ه / 1740 م . مدرسة حوانيت عاشور بنهج حوانيت عاشور رقم 2 أسّسها علي باشا الأوّل سنة 1159 ه 1746م . المدرسة الباشية بنهج الكتبيين رقم 27 أسّسها علي باشا الأوّل سنة 1166 /ه 1752 م. المدرسة السليمانية بنهج المدرسة السليمانية رقم 13 أسّسها علي باشا الأوّل سنة 1168 ه / 1754م مدرسة بئر الحجار بنهج الباشا رقم 40 أسّسها علي باشا الأوّل سنة 1170 ه 1757 م . المدرسة الحسينية الكبرى بنهج سيدي الصوردو رقم 44 أسّسها علي باي الثاني حوالي سنة 1190 /ه 1776 م المدرسة الطابعية بنهج سيدي العلوي رقم 4 أسّسها الوزير يوسف صاحب الطابع سنة 1229 /ه 1814 م