من يوم إلى آخر يتأكد أن الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها لسنة 2019 ستدخل التاريخ من الباب الكبير نظرا لما أحاط بها من إثارة خلال الحملة الانتخابية وما يكتنفها من غموض حول نتائجها المنتظرة. تونس (الشروق) لم يسبق ان عاشت تونس انتخابات شبيهة بالانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها الدائرة حملتها حاليا وذلك بسبب ما يكتنفها من اثارة ومفاجآت بشكل يومي وأيضا مع الغموض المتأكد حول ما ستفرزه نتائج الصندوق.. حروب... ومفاجآت يومية ما جعل هذه الانتخابات الرئاسية مثيرة ومفتوحة على كل المفاجآت هو انه منذ الأيام الاولى للحملة الانتخابية، بدأت تظهر بوادر «حروب» شرسة بين عدد من المترشحين توزعت بين حرب التصريحات الإعلامية والحرب «الفايسبوكية» وذلك لكشف حقائق مثيرة أو ملفات تُدين وتُشوه منافسيهم وتضعهم في موضع احراج امام الراي العام او إدانة أمام القضاء . وكل ذلك جعل فترة الحملة الانتخابية مفتوحة على كل المفاجآت خلال الأيام المتبقية منها خصوصا أن الرأي العام أصبح يتلهف بشكل يومي إلى المزيد من الحقائق و»الفضائح» والملفات وأصبحت وسائل الاعلام تبحث عن السبق لعرضها. كما أصبح الرأي العام ينتظر أيضا وبشكل يومي وفي كل ساعة الإعلان عن استدعاء مترشح للتحقيق معه أو إيقافه او سجنه او منعه من السفر او تجميد أمواله.. غموض من العوامل التي جعلت هذه الانتخابات الرئاسية استثنائية ومثيرة هو الغموض الذي يكتنف ما ستفرزه من نتائج. فالانتخابات الرئاسية ما قبل 2011 كانت دائما معلومة النتيجة سواء بالنسبة لفترة بورقيبة او فترة بن علي . وبالنسبة لانتخابات 2011، لم تطرح مسألة الاسم الذي سيتولى رئاسة الجمهورية لان التركيز كان أكثر على انتخاب مجلس وطني تأسيسي والذي سيتولى في ما بعد اختيار رئيس الجمهورية. وبالنسبة لانتخابات 2014، فقد كانت المنافسة السياسية منحصرة بين عائلتين سياسيتين كبيرتين وهما النهضة ونداء تونس وكان معلوما في الدور الأول ان مرشحي الطرفين (منصف المرزوقي والباجي قائد السبسي) سيمران الى الدور الثاني ثم بدأت بعض البوادر تؤشر الى فوز الباجي قائد السبسي في الدور الثاني. أما بالنسبة لرئاسية 2019 فيتحدث المراقبون والمختصون عن شبه تساو في حظوظ أغلب المترشحين او على الأقل بالنسبة ل10 منهم أسماؤهم بارزة في المشهد السياسي وفي عمليات سبر الآراء. وهو ما يجعل النتائج التي سيقع الإعلان عنها بعد يوم 15 سبتمبر مفتوحة على كل المفاجآت بما في ذلك مفاجأة صعود أحد المستقلين الذين لا تقف وراءهم «ماكينة حزبية» أو صعود مترشح من داخل السجن أو آخر من المنفى أو ممن واجهوا في الفترة الأخيرة حملات تشويه وتهما خطيرة أو أي مترشح آخر شدّ الرأي العام خلال الحملة ببعض المواقف والافكار... حيرة ناخب ما يؤكد ذلك هو أنه عند طرح سؤال «من سيكون رئيس تونس القادم» تكون الإجابة الفورية أن كل الفرضيات واردة، عكس ما كان عليه الامر في انتخابات 2014 مثلا. وهذا ما ينطبق على الناخبين الذين يعترف شق كبير منهم الى حد اليوم بأنهم لا يعرفون لمن سيصوتون وذلك لعدة اعتبارات ابرزها عدم وجود مترشح يشد انتباههم، ربما لأن ضيق الوقت لم يسمح لهم بالتعرف كما ينبغي على المترشحين . كما أن «الأغلبية الصامتة» التي لا يُعرف عنها انتماء سياسي وحزبي واضح او اصطفاف ملحوظ وراء أحد المترشحين تساهم أيضا في هذا الغموض المُخيم على النتائج المنتظرة للانتخابات شأنها شأن المُسجلين الجُدد الذين لا يُعرف الى اليوم أيضا حقيقة توجهاتهم السياسية ولمن سيُصوتون. كما أن عزوف الناخبين عن التصويت يوم الاقتراع يبقى أيضا من الفرضيات الواردة والتي تساهم بشكل كبير في حالة الغموض حول النتيجة النهائية. كل ذلك جعل المراقبين والمختصين وأيضا المترشحين أنفسهم وأحزابهم غير قادرين عن الحديث عن أفضلية أحد المترشحين على الآخر وعن النتيجة المنتظرة . مراقبون غاب التحضير الجيد للحملة بسبب ضيق الوقت... فحضرت المفاجآت يجد المراقبون تفسيرات لهذه الصورة المثيرة لرئاسية 2019 سواء بالنسبة لمفاجآت الحملة الانتخابية او بالنسبة للنتائج المنتظرة بالقول أن طابعها الاستثنائي (سابقة لاوانها) هو الذي حتّم كل ما حصل وما قد يحصل في الأيام القادمة. فالجميع لم يكن ينتظر إلى حدود يوم 25 جويلية الماضي، تاريخ وفاة الرئيس السابق الباجي قائد السبسي، أن يكون موعد الانتخابات الرئاسية خلال شهر سبتمبر لأن الموعد المحدد وفق الرزنامة السابقة كان شهر نوفمبر. وهو ما مثل ضغطا على المترشحين فلم يجدوا الوقت الكافي للتحضير لحملات انتخابية قائمة على المنافسة بالبرامج وبالأفكار والرؤى المستقبلية وهو ما قد يكون دفعهم إلى اعتماد حملات انتخابية قائمة على «ضرب» الآخر بكل الطرق الممكنة، إما عبر تشويهه أو كشف حقائق تفضحه وتدينه استنادا إلى تسجيلات أو ملفات أو عبر الوقوف وراء إثارة قضايا ضده، وهو ما وقف عليه التونسيون طيلة الأيام الماضية. زايد كرشود ( ناشط سياسي) حملات التشويه يجرمها الدستور والقانون ما يحصل من حملات تشويه بين المترشحين يمس حقا دستوريا وهو الحق في الترشح لرئاسة الجمهورية ويمثل نيلا من الكرامة ومسّا من الخصوصيات الشخصية وهتكا للأعراض لغايات سياسية وحزبية وهو ما يمنعه القانون. هشام الحاجي ( اعلامي وناشط سياسي) الخوف من الانزلاق نحو ما هو أخطر إذا تواصل الامر على ما هو عليه فان فرقة الاخلاق الحميدة هي الافضل للإشراف مستقبلا على الانتخابات الرئاسية.. ارجو ان لا تَصْدُق تخوفات الكثيرين حول الانزلاق خلال الانتخابات من العنف اللفظي الى اشياء اخرى أكثر خطورة.. محمد بن رجب ( اعلامي) السمعة الطيبة والاخلاق العالية مطلوبة لرئيس الجمهورية لا بد أن يكون الشخص المترشح من الشخصيات المرموقة المعروفة بالسمعة الطيبة والأخلاق العالية لان مؤسسة الرئاسة من المفروض أن يصدر عنها ما يُنَمّي البلاد حضاريا وثقافيا وتربويا ويوسع سمعتها في العالم..