مثلت ساحة جامعة الفناء القلب النابض لمدينة مراكش التي صنفت كتراث عالمي للإنسانية من قبل اليونسكو نقطة الانطلاق وخط البداية للمسار الفني للفنان حميد الزاهر وشكلت سنة 1962 المنعرج الحقيقي لمساره الفني عندما أطلق أغنيته الشهيرة «مراكش يا سيدي كولو فارح بك» أغنية فتحت له أبواب الشهرة على مصراعيها… شهرة لم تبق حبيسة الحدود المغربية بل تجاوزتها لتحطّ في كامل أرجاء الوطن العربي… واستقبلتها الجالية العربية في أوروبا بشغف كبير… سعى حميد الزاهر على امتداد مسيرته الفنية الى تأسيس خط غنائي خاص يعتمد العزف على آلة العود والايقاع المغربي الاصيل… فجاءت انتاجاته الغنائية معبّرة عن المجتمع المغربي، نافضة الغبار عن خصوصياته الموسيقية التراثية الاصيلة… خصوصيات تتخذ من الايقاع ركيزة أساسية من خلال التفنن في تقديمها وتكون مصحوبة بتصفيق من «الكورال» وهو تصفيق فيه متعة وتناغم وطرافة… كسب حميد الزاهر الرهان ليكون رائدا في مجاله… فكانت «آش أداك تمشي للزين، للاّخديجة، أنا عندي ميعاد، لا نسمع ليك الأيام، إذا شفت الحبيب»… وغيرها من الأغاني شاهدة على تشبث هذا الفنان بالموروث الموسيقي المغربي الأصيل… موروث عربي أندلسي جمع فيه بين شموخ جبال الأطلس وأمواج المحيط الاطلسي والبحر المتوسط في إبداع فني نادر… جاب حميد الزاهر بفرقته الموسيقية عديد الدول العربية والأوروبية ناثرا بذور الحب والنغم المغربي الأصيل معرّفا بخصوصية هذا الموروث الموسيقي العربي الاندلسي… وفي 1976 حطّ الرحال في تونس ليلتقي جمهور المهرجانات الصيفية انطلاقا من مهرجان قرطاج ومرورا بالحمامات والكثير من المهرجانات داخل البلاد مقدما في لباس مغربي أصيل وبإيقاعات محببة للنفوس التراث المغربي ومثلت في تلك الفترة «للاّ فاطمة» الأغنية التي أشرت على خلود حميد الزاهر في ذاكرة كل العرب…