عاد أبناؤنا وبناتنا إلى مقاعد الدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات عادوا والعود أحمد للنهل من شتى ينابيع العلوم والمعرفة التي بها تتقدم الشعوب وترتقي الأمم في سلم الحداثة والتطور وتتحقق رسالة الإنسان في الحياة وتنتظم خلافته في الأرض لإعمارها واستغلالها على أحسن وجه قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (الملك 15). فالله تعالى هيّأ الأرض لتكون صالحة لعيش الإنسان بما أنشأ فيها من بحار وجبال وسهول وأنهار وعيون وبذلك فهي ذلول أي مهيأة ومنقادة للإنسان الذي لا يستطيع أن يستعمرها ويستغلّها إلا إذا تسلّح بالعلم الذي حث الإسلام على اكتسابه ولهذا فلا غرو أن تتظاهر آثار الشرع وأقوال الحكماء في بيان فضل العلم ونشره بين الناس. قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (المجادلة: 11). كما أن الله تعالى شرّف أولي العلم فجعل العلماء في الدرجة الثانية بعد الملائكة تكريما وتشريفا لهم: ﴿شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم﴾ (آل عمران18) ولهذا فإن مسؤولية التعليم عظيمة والأمانة الملقاة على عواتق أهله كبيرة فما طريق المربين بلا عقبات ولا مهمتهم بيسيرة فلقد تحملوا الأمانة وهي ثقيلة واستحقوا الإرث وهو ذو تبعات وكذلك طالبو العلم فما طريقهم بسهل وإنما يتطلب منهم المكابدة والصبر والعزيمة ولا تفلّ عزائمهم الكبوات ولا تخور قواهم بمجرد أن يفشلوا في دورة من دورات الامتحانات وأن يتسلحوا بالصبر والأناة لأن رحلة العلم طويلة وشاقة وأن يقبلوا على النهل من ينابيع العلوم بكل شغف ونهم وجدية وإخلاص ولا يتأتى ذلك إلا باحترام المعلم والأستاذ وتوقيرهما فالعلم لا ينال إلا بالتواضع وإلقاء السمع . وأما المربون فهم الآباء الروحيون لأبنائهم من التلاميذ يحنون عليهم ويرفقون بهم في غير ضعف ووهن مشفقين عليهم محسنين إليهم صابرين على بعض ما يصدر من جفائهم وسوء أدبهم ناصحين لهم باذلين الجهد لإفادتهم فهم قدوتهم الصالحة في الأعمال والأقوال والأحوال لأن المعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه على الفضائل إلا إذا كان هو فاضلا ولا يستطيع إصلاحهم إلا إذا كان بنفسه صالحا لأنهم يأخذون عنه بالقدوة أكثر مما يأخذون عنه بالتلقين. فالتعليم مهنة جليلة ومسؤولية كبيرة وأمانة عظيمة في رقابنا جميعا فعلى كل طرف منا ومن موقعه أن يقوم بواجبه بكل جدية وحماس حتى نضمن لأبنائنا التوفيق والنجاح. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوما جَهُولا﴾ {الأحزاب 72} .