تعيش تونس على عدّة أكاذيب منها الحَرب المزعومة على الفساد وخُدعة الاحتراف الذي تدّعي كرتنا تطبيق قواعده منذ المُنتصف الثاني للتسعينيات. ولم تمض سوى خمس جولات من سباق بطولتنا «المُحترفة» لنرى العَجب العُجاب ولنتأكد للمرّة الألف بأن الكرة التونسية بعيدة عن الإحتراف الحقيقي بُعد السّماء عن الأرض. ونكاد نجزم أن «الأب المُؤسّس» للمنظومة الإحترافية في تونس وهو رؤوف النجار كان أوّل المُتبرئين من «بطولة الجريء» بحكم أن فِكرته ارتكزت على نقل كرتنا من الهواية إلى الإحتراف لا تفقير الأندية وإفساد التحكيم وتخريب المُنشآت وتَدمير المَواهب وتدجين الإعلام. أين الصّورة التلفزية؟ هل تُوجد بطولة مُحترفة دون تلفزة تنقل مُبارياتها وتُروّج صُورتها؟ هذا الأمر يحدث في بُطولتنا التي وقع حجب مُقابلاتها على القناة الوطنية نتيجة الخلاف السّخيف بين التلفزة ورئيس الجامعة الذي يريد أن يلهف سبعة أوتسعة مليارات من المال العَام ليُهديها في مرحلة مُوالية إلى الأندية المُفلسة والمُتّهمة بسوء التسيير أمّا المُقابل فهو معروف ويكمن في تجديد «البَيعة» لصَاحب الكرة ليُواصل تنفيذ «مشروعه الفَوضوي». والغريب أن البِضاعة الكروية التي تمنعها الجامعة عن الملايين من التونسيين فَاسدة ومُستواها الفني هَزيل ولا يتابعها الناس إلا من باب التعلّق بجمعياتهم ومنتوجهم المحلي. فضيحة البث التلفزي لا تعود إلى «تَغوّل» الجامعة فحسب وإنّما المسؤولية مُلقاة كذلك على القناة الوطنية التي أساءت التفاوض واحتفت بنسبة المُشاهدة في الإنتخابات والمُناظرات مُتناسية أن هذه الحالة عَابرة ولا حياة للتلفزة بقناتيها الأولى والثانية دون كرة. مَهزلة البثّ التلفزي لم تَتوقّف عند هذا الحدّ بل أن بعض الأندية أخذت على عاتقها مسؤولية نقل مُبارياتها عبر «الفَايس بوك» هذا في الوقت الذي بقي فيه شقّ من الجمهور الرياضي تحت رحمة القناة القطرية التي تبثّ مُباريات بَعينها. للتّذكير نشير إلى أن بطولتنا انطلقت يوم 24 أوت ما يعني أن فضيحة النقل التلفزي مرّ عليها أكثر من شهرين والأدهى والأمر أن الجامعة لم تُساوم على مُباريات البطولة فحسب بل أنها زايدت أيضا على مقابلات المنتخب الذي كان من المفروض أن يكون خارج هذه الحسابات القَذرة. حالة إفلاس مهزلة البث التلفزي ليست سوى نقطة في بحر المشاكل التي تعيشها البطولة التونسية. وبالتوازي مع غياب الصُورة التلفزية تُواجه أغلب الجمعيات أزمة غير مسبوقة على مستوى المنشآت الرياضية. وهُناك العديد من الأندية التي تعيش «حَالة لجوء» بسبب ملاعبها المُغلقة للصّيانة وسط تأكيدات صريحة بوجود شُبهات فساد ولاشك في أن الفضيحة الحاصلة في ملعبي بنزرت والمتلوي تُغني عن كلّ تعليق. هذا وتزداد الصُّورة قتامة في ظل العَبث بالرّزنامة وغياب الجمهور لدواع تأديبية أولعدم توفّر شروط السلامة في بعض الملاعب حتى تلك الكبيرة والعَريقة مثل المنزه. وتَتضاعف المُعاناة بالنظر إلى الإفلاس المالي والإداري للعديد من «المُحترفين» حيث دخل البعض مرحلة جمع التبرّعات كما هو شأن النادي الإفريقي ونادي حمّام الأنف الذي تخلّى عنه رئيسه تماما كما هو الحال في النجم السّاحلي. نكتة الموسم رغم قطع الصُّورة التلفزية فإن عدد المحلّلين الفنيين في تزايد سواء في الإذاعات أوالتلفزات التي أعدّت بعض البرامج الرياضية دون أن تملك حقوق البث أوحتى حقوق الدخول إلى الملاعب (التاسعة / تونسنا / الزيتونة). والأطرف من ذلك أن المدرب المساعد في المنتخب الوطني عادل السليمي يُشارك في تحليل مُباريات البطولة عبر شاشة الكأس القطرية. والحقيقة أن هذا التصرّف يُعتبر نكتة الموسم خاصّة أن وظيفة السليمي في الجامعة تفرض عليه التفرّغ التامّ وعدم القيام بأيّة أنشطة مُوازية وتَتعارض مع مبدأ الحِيادية. ويقول المنطق إن السليمي كان مُطالبا بمُتابعة لاعبينا الدوليين في المُدرّجات وليس عبر الأستوديوهات على طريقة نبيل معلول وبمُوافقة من الجامعة التي تقود كُرتنا إلى الهَاوية... وقديما قالوا:»العزوزة هازها الواد وهي تقول العَام صَابة».