فور أدائه اليمين ومباشرته لمنصبه رئيسا للجمهورية ،دخل قيس سعيّد على خط الجهود التي تدفع في سياق حلحلة ملف تشكيل الحكومة الذي بقي عالقا في تفاصيل الخلافات التي جمعت النهضة بالأطراف التي فتحت نقاشات معها لتشكيل حزام سياسي داعم للحكومة المقبلة . تونس -الشروق يتسارع نسق المشاورات في علاقة بالحكومة المقبلة في ثلاثة مسارات أساسية. وهي الشخصية التي ستتراسها والشخصيات التي ستؤثثها والحزام السياسي الذي سيدعمها . كما تسير هذه المفاوضات والمشاورات في سياقين ، الأول تقوده حركة النهضة و يعتمد على السند الدستوري الذي يمنح للكتلة الأكبر في البرلمان صلاحية اختيار من سيقود الحكومة . والسياق الثاني يتزعمه رئيس الجمهورية قيس سعيّد وسنده الأساسي السلطة الرمزية التي يملكها ورغبته في التجميع وإنجاح المسار الديمقراطي . ائتلاف الكرامة في ما يتعلق بالسياق الأول الذي تقوده حركة النهضة ، يمكن القول ان الحركة حسمت الامر مع كتلة ائتلاف الكرامة ( 21 مقعدا) وهي أولى الخطوات في تحصيل حزام سياسي يمنح الثقة للحكومة المقبلة ويدعمها سياسيا . وتم حسم هذه الخطوة بشكل سريع باعتبار العلاقة الوثيقة التي تجمع النهضة بقيادات ائتلاف الكرامة . التيار الديمقراطي خارج التعاطي والتوافق مع كتلة الائتلاف ، فتحت حركة النهضة نقاشات أغلب حلقاتها غير رسمية وهي منحصرة في لقاءات غير رسمية بين قيادات من النهضة وقيادات من التيار الديمقراطي (22 مقعدا ) . وتم خلالها طرح ملف الانضمام الى الحزام السياسي للحكومة . لكن التيار بقي مصرا على عدم دعم حكومة تترأسها شخصية من النهضة. وطالب التيار باختيار شخصية مستقلة إضافة الى تمكينه من عدد من الوزارات. وهي الداخلية والعدل والإصلاح الإداري . حركة الشعب الامر ذاته ينطبق على ما يحدث بين حركة النهضة وكتلة حركة الشعب (16 مقعدا ) ونفس الإشكالات التي واجهتها النهضة مع التيار أعادت مواجهتها مع حركة الشعب ، التي طالبت بتمكين شخصية من خارج النهضة من ترؤس الحكومة . واقترحت الصافي سعيد تحيا تونس أما ما يحدث بين النهضة وحزب تحيا تونس فيبدو انه مناقض تماما لما يتم الإعلان عنه . فبالرغم من ان قيادات حزب تحيا اكدوا انهم سيكونون في المعارضة الا ان رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني اكّد في تصريح اعلامي ان النهضة قامت بمشاورات إيجابية مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه تحيا تونس ، معتبرا ان الاصداء إيجابية في علاقة بدعم الحكومة والمشاركة فيها . المسافة بين النهضة وحزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب ،بدات تتقلص تدريجيا ، خاصة ان عددا من قيادات الحركة يدفعون في سياق اختيار شخصية مستقلة لقيادة الحكومة المقبلة . وهو ما يمكن ان يجعل النهضة تقطع نصف المسافة التي تفصلها عن التيار وحركة الشعب . ويبقى الاتفاق مع الحزبين رهين الحقائب الوزارية التي سيتم منحها لكل حزب . قلب تونس تعاطي النهضة مع كتلة ائتلاف الكرامة وحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس ، فيه جزء معلن وآخر خفي . لكن علاقة النهضة بحزب قلب تونس الجزء الغالب عليها مخفي. ويتم تغليفه بمقولات الصراع بين الحزبين ، في حين ان الكواليس تكشف ان الامر مخالف تماما لم يتم الإعلان عنه . الحزبان لم تجمعهما لقاءات رسمية مُعلنة . لكن بعض القيادات من قلب تونس ومن النهضة التقوا أكثر من مرة ، وهم بصدد البحث عن الخروج من الاطار الأول الذي غلب عليه الصراع الى الاطار الثاني. ويُنتظر ان يكون توافقيا ، لكن بقي الاشكال في المبررات التي سيتم تقديمها لقواعد الحزبين ،خاصة ان كلا من قلب تونس والنهضة يخشيان الانقسام بسبب تغيّر المواقف . قيس سعيّد أما المسار الثاني الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيّد، فقد اتخذ نسقا شديد السرعة . ففي ثمان وأربعين ساعة التقى قيس سعيّد ست شخصيات قيادية في أحزاب مختلفة. ولئن كانت العناوين الرسمية لهذه اللقاءات ، تهنئة الرئيس والحديث عن الوضع العام ،إلاّ أن الجزء الأكبر منها تم تخصيصه للحديث عن فرضيات تشكيل الحكومة المقبلة . سلسلة لقاءات التقى الرئيس قيس سعيّد ،كلا من الأمين العام لتحيا تونس سليم العزابي ،و الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي والناطق الرسمي لائتلاف الكرامة سيف مخلوف والأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو ونائبه محمد الحامدي ، ورئيس قلب تونس نبيل القروي و رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي .. ومن المنتظر أن يتغير المشهد ولو جزئيا بعد هذه اللقاءات . بدأ الوقت يحاصر حركة النهضة بعد اقتراب آجال الإعلان عن الشخصية التي ستقترحها لتشكل الحكومة . ومن المنتظر ان تعلن النهضة عن تعديل مواقفها في بداية الأسبوع القادم ، خاصة في علاقة بالشخصية التي ستقود الحكومة المقبل. وهو ما سيسرع بتشكل التحالفات التي ستكون سندا سياسيا للحكومة . مشاورات مع الرئيس وأطراف سياسية اصدر المكتب التنفيذي للنهضة بيانا اكد فيه ان الحركة واصلت للأسبوع الثاني على التوالي اتصالاتها مع عدد من الشخصيات الوطنية وممثلي الأحزاب وفاعلين سياسيين لبلورة التصور الأولي لبرنامج الحكومة المقبلة بما يحقق الرفاه والأمن والاستقرار، موضحة أنها ستتشاور مع مختلف الأطراف المعنية وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية لتوفير أفضل المناخات المساعدة على تشكيل الحكومة في أقرب الآجال ومباشرة التحديات التي تنتظرها في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.