أحزاب وجمعيّات ترفض قرار تجميد نشاط الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيات لمدّة شهر    حجز أكثر من 7.6 طن من المواد الغذائية الفاسدة و2452 لتراً من المياه المعروضة في ظروف غير صحية    الحوادث قلّت... أما عدد الموتى زاد! شنوّة صاير في طرقات تونس؟    عاجل/ نتنياهو يكشف: نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة..    بسبب نظافة المنزل.. امرأة تعتدي على زوجها بسكين..شنيا الحكاية؟    فلسطين في قلب المداولات: الأحزاب العربية التقدمية تجتمع في الحمامات    سلسلة الفيفا لدعم كرة القدم النسائية: المنتخب التونسي يستهل اليوم مشاركته بمواجهة نظيره الليبي    قابس : دعوة لتغيير المنوال التنموي القائم على الصناعات الكيميائية بمنوال جديد يضمن استدامة التنمية    مركب الطفولة حي التضامن ينظم تظاهرة تنشيطيىة للاطفال من 27 اكتوبر الى 2 نوفمبر المقبل    ترامب يعلن زيادة الرسوم الجمركية على كندا 10%    تجاهل تنظيف الأسنان قبل النوم: عواقب أكبر مما نتخيل    عاجل: البوليس يطيح برجلين في قضية سرقة مجوهرات من متحف اللوفر    علاش أوقفت الصيدليات الخاصة العمل بصيغة الطرف الدافع للأمراض العادية؟    شنوّة الBomb Cyclone؟ منخفض ينفجر في نهار واحد    عاجل: ديوان الخدمات الجامعية يفتح باب منحة التربص للطلبة...الرابط والآجال    دعم صغار الفلاحين وتعزيز صادرات الزيت المعلب: الحكومة تتحرك    جامعة العمال التونسيين بالخارج تنظم يوم 24 جانفي 2026 الملتقى الجمعياتي الفرنسي تحت شعار 'العمل الجمعياتي جسر التضامن والتعايش الانساني "    لأوّل مرة: نادين نجيم وظافر العابدين في تعاون درامي رمضاني!    توزر: تأسيس نادي محاورات لتقديم تجارب إبداعية وحياتية    رابطة الأبطال الافريقية - الجيش الملكي المغربي يعبر إلى دور المجموعات بفوزه على حوريا كوناكري 3-صفر    تحب تحمي قلبك؟ تجنّب الأطعمة هذه قبل الصباح    الإنجاب بعد 35 سنة: شنو لازم تعمل باش تحمي صحتك وصحة الجنين    تايلاند وكمبوديا توقعان إعلانا لتسوية النزاع بحضور ترامب    وزير الشؤون الدّينية يشارك في الملتقى الدولي للمذهب المالكي بالجزائر    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    عاجل: مطار خليج سرت يفتح بعد 12 عام    بطولة فرنسا: ثنائية لحكيمي تعيد باريس سان جيرمان إلى الصدارة    شوف شكون ضد شكون ووين: الدفعة الثانية من الجولة 11    محمد رمضان يكشف عن تعاون فني غير مسبوق مع لارا ترامب ويعلن مشاركة حفيدة الرئيس الأمريكي في الكليب الجديد    البطولة الالمانية: بايرن ميونيخ يعزز صدارته بفوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ    عاجل: غيابات في الترجي قبل مواجهة رحيمو    اليوم الأحد على 16:15... الريال والبرسا في كلاسيكو ناري    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    سوتو غرادو حكما لمباراة الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة    بعد وصوله ماليزيا.. ترامب يرقص على السجادة الحمراء أثناء استقباله    قمة الآسيان في كوالالمبور: تحولات عالمية حاسمة وملفات استراتيجية على الطاولة    المُق.اومة اللبنانية.. لن نُسلّم السلاح ولن تؤثر علينا الضغوط    مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    طقس الليلة    في ملف حجز 370 ألف قرص مخدر و12 كغ كوكايين ...6 متورّطين من بينهم رجل أعمال أجنبي    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر .. أكثر من 20 مسرحية ...وندوة فكرية حول هوية المسرح التونسي    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    مطار قرطاج : استقبال بيسان وبيلسان أبطال تحدي القراءة في دبي    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    عاجل: موسم فلاحي قياسي في تونس...خبير يكشف    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    رضا الكشتبان يحاضر حول "تاريخية العلاقات التّونسيّة الإسبانيّة"    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث في علم الاجتماع فؤاد غربالي في حوار ل«الشروق» الأحزاب لم تنته ولكن عليها ان تكون أكثر ديمقراطية
نشر في الشروق يوم 01 - 11 - 2019

في هذا الحوار الذي خصّ به "الشروق" قال الباحث في علم الاجتماع فؤاد غربالي إن ما حصل في الانتخابات التشريعية والرئاسية كان متوقعا بالنسبة لمن جددوا أدوات تحليلهم للظواهر السياسية في تونس.
تونس الشروق
الشباب عاقب المنظومة الحزبية المنغلقة والتي تتسم بالابوية وثأر لنفسه من النخبة السياسية ومن الاعلام بحثا عن موقع له داخل "السيستام" فالمعركة لم تكن ضد "السيستام" بقدر ما كانت بحثا عن موقع داخله من قبل الهامش. التفاصيل في الحوار التالي.
كيف تقرأ نتائج الانتخابات الرئاسية في دوريها الأول والثاني والتي برزت خلالها ملامح مسار جديد فيه مشاركة مكثفة للشباب في التصويت وفيه أيضا خيارات جديدة للناخب؟
في اعتقادي يخضع أي تاويل للحدث الإنتخابي الرئاسي كحدث سياسي وإجتماعي لعدة تفسيرات ومستويات قراءة مختلفة. قد تكون النتائج قد فاجأت البعض ولكن هي متوقعة بالنسبة لمن جددوا أدوات تحليلهم للظواهر السياسية في تونس ولمن كانوا يدركون أيضا أن هنالك قيما سياسية جديدة بصدد التشكل وأن الأطر التقليدية للتنظم السياسي هي في طور الأزمة وآخذة في التراجع والدليل على ذلك '' الهزيمة الرمزية" التي لاقتها حركة النضهة سواء في التشريعية أو الرئاسية رغم كونها الحزب الأكثر عقائدية والأكثر تنظما في البلاد. هذه النتائج هي نتاج صيرورة بأكملها ارتبطت بمرحلة ما بعد الدولة التسلطية وسقوط نظام بن علي وتشكل مسار الإنتقال الديمقراطي وهو مسار عرف تعثرات كثيرة خلال الثماني سنوات الأخيرة وخلق خيبة أمل جماعية خاصة لدى الشباب والطبقة المتوسطة ومرد هذه الخيبة يعود برأيي إلى عاملين أساسيين: يتعلق الاول بعجز حكومات مابعد 14 جانفي على تقديم إجابة واضحة عن المسألة الإجتماعية. فعدد العاطلين عن العمل زاد وتآكلت الطبقة المتوسطة وتواصل ترك الفقراء لحسابهم وتزايدت اللامساواة بين الفئات الاجتماعية اما الثاني فقد تعلق بتزايد الفساد وظهور طبقة من الأثرياء الجدد المستفيدة من التهريب وغسيل الأموال والإستثمار في العمل السياسي. وبالتالي كانت نتيجة الانتخابات ترجمة لهذه الصيرورة. فمن إنتخبوا نبيل القروي جلهم من فقراء الأرياف وفقراء الأحياء الفقيرة والذين يعتقدون أنه وقع التخلي عنهم من قبل المسؤولين الحكوميين بل يعتريهم الشعور أنهم منسيون ومحتقرون. اما انتخاب قيس سعيد فهو لم يتم على قاعدة المسألة الاجتماعية وإنما وفق ديناميكية أخرى يبدو أنها فضاء سياسي وفضاء عام مضاد تشكل على هامش الأطر التقليدية وخارج دائرة الخطابات المهيمنة (حركات إجتماعية، جمعيات صغيرة، حركات شبابية...). استطاع قيس سعيد ومن معه استثمارها والإنطلاق منها على قاعدة ممارسة السياسة بطرق أخرى أو ما يمكن أن نسميه '' السياسة من تحت". الرجل اتجه للشباب وأغلبه شباب متعلم ويعيش في المدن وينتمي للطبقة المتوسطة. وهي شبيبة تشعر أن لا مكان لها في الأطر الحزبية القديمة لأنها بكل بساطة أطر مغلقة أبوية وتسلطية وجيل اليوم يعادي الأبوية بكل أشكالها ويحبذ خيارات سياسية جديدة أكثر مرونة.
ماذا يعني استقطاب مستجدّ في الترشح وفي المشاركة في الحياة العامة (قيس سعيد يترشح لأول مرة وقال انه يصوّت لأول مرة أيضا) لاهتمام 90 بالمئة من خيارات الناخبين من الفئة العمرية 18-25 سنة؟ كيف نفهم هذا التوجه؟
كما قلت لك من كان يتابع الأحداث عن قرب كان يعرف أن هناك حظوظا كبيرة لقيس سعيد و خاصة لدى الشباب الطلابي الذي يبدو أن له منظومة قيم جديدة لم تفسر و لم تقرأ سوسيولوجيا بعد بشكل كافي. اعتقد ان السؤال لا يتعلق بقيس سعيد كشخص، فهو مساعد تعليم عال قضى طوال حياته يدرس القانون الدستوري و ليست له تجربة سياسية سابقة بل السؤال يتعلق تحديدا بالمضمون الاجتماعي لانتخاب قيس سعيد حيث هناك رغبة في إحداث قطيعة راديكالية مع نخب سياسية لم تستطع تغيير الواقع في اتجاه إيجابي بل إنها عمقت الإحباطات ومارست الكثير من الاحتقار الفعلي والرمزي على نحو يصبح فيه ما حدث هو تصويت '' عقابي '' و'' ثأري'' من النخب السياسية والإعلامية ولكنه أيضا بحث عن الاعتراف علما وأن الصراعات الاجتماعية الحالية في عالم اليوم هي صراعات من أجل الاعتراف وجزء كبير من الشباب اليوم لم يعاصر زمن بن علي وهو شباب فرداني يقدر كثيرا ذاتيته ويرفض الأطر المغلقة والأبوية وخطاب قيس سعيد كان مضادا لهذا.
هناك أيضا مسألة القيم في ظل ترذيل العمل السياسي يبدو أن معايير النظافة والمصداقية قد لعبت دورا تعبويا أيضا على نحو تشكل ما يمكن أن نسميه بالاقتصاد الأخلاقي للسياسة والتونسيون يشعرون أنهم يعيشون في بلد بلا موجهات قيمية في بلد يسوده نوع من المعيارية وهذا الرصيد العاطفي لعب دورا في الانتخابات وهو ما يجعلنا نفكر في فهم ما حدث من زاوية أنثروبولوجيا المشاعر والعواطف وليس من باب السلوك السياسي المحض.
نحن نعيش تجربة نظام سياسي فريد من نوعه وهو نظام برلماني يتم فيه انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب يُعتقد انه جزء من تصوّر قوى غربية لتجربته في تونس فهل ما نعيشه هو نتيجة ازمة هذا النظام؟
حتى نكون واقعيين أكثر و نأخذ في الاعتبار العوامل السياسية لا بد من الإشارة الى فشل النظام البرلماني في تونس وعدم قدرته على حلحلة المشاكل وهو نظام جرب في العراق و يعرف كلنا إلى ماذا أدى و النظام البرلماني في تونس هو جزء أيضا من تصور القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية للنظم السياسية الجديدة في المنطقة كما أن الدفع الفايسبوكي بقيس سعيد إلى الواجهة هو جزء من هذا التصور التي تقتضي أن يكون هناك أشخاص جدد ومن خارج المنظومة القديمة وحينما نقرأ التحاليل التي تصدرها مراكز الدراسات حول المنطقة بعد الربيع العربي سنفهم ما يحدث. لا يجب أن نكتفي بتفسير ما حدث بالعوامل الداخلية ولكن يجب أن نقرأ قراءة جدلية تزاوج بين الداخلي والخارجي لأنه في النهاية تونس ليست جزيرة معزولة عن العالم.
هذا الانتصار الواسع للمرشح قيس سعيد كيف تقرأ ارتداداته على المنظومة السياسية الاجتماعية؟
طبعا هذا التحول الجذري ربما يفرض تراجعات ومراجعات لدى النخب والأحزاب السياسية القديمة من حيث خطابها وسلوكها السياسي ولكن من ناحية ثانية عدم وضوح مشروع قيس سعيد وطوباويته أحيانا ستخلق نوعا من الانتظار المشوب بالحذر من قبل عديد الفئات وخاصة المستفيدين من منظومة الحكم السابقة وكذلك سقف الإنتظارات سيكون عاليا خاصة لدى الطبقة المتوسطة التي تضررت كثيرا منذ ثماني سنوات فالوضع الاقتصادي سيئ وديون تونس مرتفعة. أعتقد أن قيس سعيد سيكون على المحك على ثلاث مستويات أساسية: المسألة الاجتماعية ومحاربة الفساد وترتيب العلاقات الخارجية لتونس من منطلق المصالح العليا وليس من منطلق شعارات ستينيات القرن الماضي.
من وجهة نظر علم الاجتماع هل انتهى فعلا دور الأحزاب؟
لا يمكن أن نجزم بأن دور الأحزاب قد انتهى. الأحزاب مازال بإمكانها أن تلعب دورا ولكن ليس بأدوات تقليدية وكلاسيكية ما يحدث بالضبط هو أن الأفراد في عالمنا اليوم لم يعد يعنيهم أن يضحوا بذاتيتهم وفردانيتهم في أطر ضيقة ومغلقة ما يعنيهم هو الإنخراط في أطر تتسم بالمرونة واحترام الخيارات الفردية ولعل ما يحدث هو أن البنية الصلبة للأحزاب كما عرفت في النصف الثاني من القرن العشرين بدأت في التخلخل بفعل تهاوي الإيديولوجيات الكبرى فنحن نعيش في عالم السيولة والمرونة وعليه فالرهان أمام الأحزاب في تونس هو أن تكون أكثر ديمقراطية لأن جلها غير ديمقراطي وتتنازع داخلها المصالح الشخصية كما انها لا تحمل مشاريع وهي تتسم بالنزعة الأبوية وتنظر إلى الشباب كمجرد خزان إنتخابي لا غير.
المبادرات المواطنية التي تشكّلت بعد اعلان نتائج الرئاسية وفوز ما سمّاه الشباب بالبطل الإيجابي (حملات التنظيف والتشجير ومطالعة الكتب في المقاهي وفي وسائل النقل) هل فيها استجابة حقيقية لخطاب الوعي الذي ظهر في خطابات الرئيس سعيّد ام هي ردة فعل انفعالية مؤقتة؟ كيف تقرا هذه المبادرات؟
هي حملات جيدة ويمكن تثمينها لكن لا يجب أن تتخلى مؤسسات الدولة عن دورها لأن ما يخيف هو أن نتحول إلى مجتمع ضد الدولة بعبارة عالم الأنثربولوجيا الفرنسي بيار كلاستر وهذه نظرية فوضوية قد تتحملها سياقات أخرى لكن السياق التونسي لا يتحملها لعدة أسباب. المسألة لا تتعلق بخطاب الوعي ولكن هي ردة فعل آنية في الحقيقة على وضع فيه الكثير من الإحباط ويعرف تراجعا كبيرا للالتزمات الحكومية تجاه البلد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.