لجأ أعضاء مكتب المجلس الى عقد «اجتماع سرّي» تفاديا لامكانية منعه من نواب الدستوري الحر وقد امتدّ الاجتماع على أكثر من ساعة. تونس (الشروق) اجتماع تم خلاله التفكير في فرضيات تجاوز ما يمكن أن يُعطّل الجلسة العامة التي ستنعقد يوم الاحد، وأنتجت النقاشات آليات يمكن أن تجعل من نواب الدستوري الحر أمام إحراج أخلاقي وضغط شعبي. جولة أخرى من المعركة الدائرة منذ أيام بين كتلة حركة النهضة وكتلة الحزب الدستوري الحر، جولة خرجت من إطار قاعة الجلسات العامة وتحوّلت الى مواجهات في أروقة البرلمان، وشملت عددا من النواب حتى من خارج كتلة النهضة، حيث جمعت مشادة كلامية رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي بعدد من نواب كتلة قلب تونس. اجتماع مكتب المجلس واصل نواب كتلة الدستوري الحر اعتصامهم لليوم الثالث على التوالي، وبينما هم داخل قاعة الجلسات العامة، دخل رئيس البرلمان راشد الغنوشي الى مكتبه وطلب مراسلة أعضاء مكتب المجلس لعقد اجتماع، يتم خلاله اعداد كل الترتيبات المتعلقة بجلسة مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2020 ومشروع ميزانية 2020. بلغ خبر وصول راشد الغنوشي الى مكتبه وقرار عقد اجتماع مكتب المجلس، إلى كتلة الدستوري الحر فتحرك نوابها في اتجاه "قاعة العرش" أين يقام اجتماع المكتب، ووقفوا أمام باب القاعة رافضين السماح لأي نائب الدخول الى القاعة قبل تقديم كتلة حركة النهضة لاعتذار رسمي عمّا قالته نائبة الكتلة جميلة الكسيكسي. اجتماع سري بقي النواب في أخذ ورد مع رئيسة الحزب الدستوري الحر، ما يقارب الساعة ثم تم الاتصال بأعضاء المكتب من قبل أعوان من إدارة البرلمان ، ودخلوا الى مكتب الرئيس بشكل منفرد، وحاولوا تفادي تفطّن أعضاء الدستوري الحر، لتغيير مقر الاجتماع من قاعة العرش الى مكتب الرئيس، كما تم استثناء ممثلة الدستوري الحر في مكتب المجلس من الدعوة، في حين دأبت إدارة البرلمان على ارسال رسائل قصيرة لاعضاء المكتب لاعلامهم بتوقيت الجلسة. تحرّك أعضاء مكتب المجلس بشكل فردي، ودخلوا مكتب راشد الغنوشي، وبعد دقائق من انطلاق اجتماع المكتب، تفطّن نواب الدستوري الحر الى تغيير مكان الاجتماع، فتوجهوا الى مكتب الغنوشي وحاولوا دخول الاجتماع لكن عناصر الامن المكلفة بتأمين البرلمان من الداخل منعتهم من الدخول. بقي أعضاء الدستوري الحر أمام مكتب الرئيس لما يقارب الساعة والنصف، وحتى انتهاء اجتماع المكتب، ثم عادوا الى أروقة البرلمان والى قاعة الجلسات العامة حيث يعتصمون منذ ثلاثة أيام . تُؤكد عبير موسي ونواب الدستوري الحر على انهم لن يفكوا اعتصامهم الا اذا اعتذرت كتلة النهضة عما صدر من النائبة جميلة الكسيكسي وهو ما يطرح سؤالا جوهريا حول إمكانية مناقشة مشروع قانون المالية ومشروع الميزانية داخل قاعة الجليات التي يعتصم فيها نواب الدستوري الحر. إحراج شعبي هذا السؤال جعل من أعضاء المكتب يفكرون في نصب فخ لاعضاء الدستوري الحر، ومحاولة احراجهم أمام الرأي العام، وذلك بجعل الجلسة العامة التي سيعقدها البرلمان يوم الأحد 8 ديسمبر 2019 تنطلق بالنظر في طلب تشكيل لجنة التحقيق في حادثة عمدون، وهو ما يجعل كتلة الدستوري الحر في إحراج أخلاقي وشعبي ان قامت بتعطيل أشغال الجلسة. بعد الجلسة التي ستخصص للمصادقة على طلب تشكيل لجنة التحقيق سيمر النواب مباشرة الى مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2020 ومشروع ميزانية سنة 2020، وهو إجراء تم الاتفاق عليه في مكتب المجلس في محاولة لتفادي أي تعطيل للجلسة العامة، لكن هذا لا ينفي وجود تيار داخل المكتب يؤكّد على ضرورة "المرور بقوة " والانطلاق في النقاش مهما كان رد فعل نواب الدستوري الحر. ما خطّط له أعضاء مكتب المجلس سيوضع على محك الممارسة يوم الاحد، وسيثبت مسار الجلسة العامة ان كان هذا التكتيك ناجعا ام سيضطر نواب البرلمان الى البحث عن مكان آخر للجلسة مثلما تم تغيير مكان انعقاد مكتب المجلس ومكان مباشرة رئيس البرلمان لمهامه. إجراءات تأديبية أكّد عضو مكتب مجلس نواب الشعب أسامة الصغير، أن أشغال البرلمان لا تتوقف بسبب "تهريج" بعض النواب ،وأضاف أنه لا يمكن لرئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي ولا لأي نائب آخر منع استمرار الأعمال التشريعية للبرلمان.وبخصوص تصريح موسي بأنها ستمنع جلسة مناقشة مشروع قانون المالية 2020، كشف أسامة الصغير عن وجود باب في النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب يضبط في فصوله احترام الجلسة العامة واحترام القانون وجملة من الإجراءات التأديبية الممكنة والتي تصل لسحب الكلمة من النائب. إمكانية تدخّل الأمن الرئاسي قال أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق المختار أنّه وفق النظام الداخلي للمجلس يعد اعتصام النائب مخالفة للواجب المحمول عليه بخصوص مهامه النيابية مؤكدا في تصريح اذاعي أنه حسب الفصل 48، على رئيس المجلس أن يضمن حسن سير مصالح المجلس، ويتخذ التدابير اللازمة لحفظ النظام والأمن داخله مضيفا انه يتعين على رئيس البرلمان أن يتحلّى بمهامه وذلك بالاعتماد على مفهوم الوساطة من خلال تأثيره الاعتباري، وفي صورة لم تنجح عملية الوساطة فإنّه حسب الفصلين 48 و56 عليه ان يتخذ التدابير اللازمة، و الإذن إلى مصالح الأمن الرئاسي المكلفة بتأمين البرلمان لإخلائه، قصد فضّ الفوضى داخله. مكتب البرلمان يُندد ندّد مكتب مجلس نواب الشعب اليوم الخميس 05 ديسمبر 2019، بالتجاوزات الحاصلة منذ انطلاق الخلاف يوم الجلسة العامة في 3 ديسمبر 2019، مهما كان مأتاها، وبتعطّل أعمال المجلس وتعطيل انطلاق أشغال مكتبه، في وضع دقيق مع ضغط الآجال الدستورية للمصادقة على مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2020 وذلك في أجل 10 ديسمبر 2019.واستعرض المجلس مساعي رئاسة البرلمان بهدف تكريس احترام النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف وضمان مناخ من الاحترام المتبادل.ودعا مكتب المجلس رؤساء الكتل للاجتماع بهدف النظر في سبل عودة العمل بشكل طبيعي.