مع اقتراب موعد العودة المدرسية والجامعية يتصاعد نسق الإصابات بفيروس كورونا بشكل مخيف. وإذا كانت مسألة ضبط الأوضاع وفرض اجراءات الوقاية والحماية تتعثر بالشكل الذي نراه... وإذا كان تسيّب الكثير من التونسيين وتمردهم على اجراءات الوقاية بالحجم الذي نشهده كل يوم في وسائل ومحطات النقل وفي الساحات والشوارع وحتى داخل مقرات العمل فإن أسئلة كثيرة وجوهرية تطرح نفسها ببساطة: ماذا أعددنا للتعاطي مع عودة أكثر من مليوني تلميذ وطالب؟ وماذا أعددنا للتعاطي مع مسألة التباعد ومع ضرورة احترام الاجراءات الوقائية؟ وهل نملك البنية التحتية التي تضمن تصرفا مرنا ومعقولا في تواجد مئات آلاف البشر في محيط جغرافي مغلق؟ وفوق هذا هل وفرنا الطاقات البشرية اللازمة لإدارة العملية ومعها الوسائل المادية من مواد تنظيف ومن سائل وقاية ومن كمامات حتى نضمن حدودا دنيا من الوقاية ونؤمّن تلاميذنا وطلبتنا ولو بالحد الأدنى؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة الحارقة والمؤرقة تتطلب من الجهات المسؤولة في وزارة التربية وفي الحكومة وفي كل الجهات والدوائر المتدخلة في العمليتين التربوية والصحية إعلان «النفير العام» بغية حشد وتعبئة الإمكانيات والوسائل والعناصر البشرية والمادية الضرروية لإنجاز عودة آمنة وتتوفر على المرونة والإنسيابية والنظام اللازمة لمثل هذا الموعد الكبير.. والمطلوب إزاء هذا الوضع ولتأمين هذا الموعد المعلوم والذي لم يعد يفصلنا عنه هامش زمني كبير هو التعجيل بوضع خطة استراتيجية شاملة والتحرّك نحو وضع كل مراحلها ومتطلباتها موضع التنفيذ حتى نكون جاهزين بعد حوالي 20 يوما لاستقبال مئات الآلاف من أبنائنا التلاميذ والطلبة. وحتى نوفر لهم حدا أدنى من الوقاية والحماية داخل المؤسسات التربوية وفي محيطها.. وكذلك حتى نكون جاهزين للتعاطي مع كل الوضعيات التي تتطلب تدخلا طبيا وحتى اجراءات عزل وحجر صحي. إن المتابع لمعدلات انتشار الفيروس الخبيث داخل البلاد وبصفة محلية وأفقية وما يتبعه من استهتار المواطنين والعائلات في حياتهم اليومية بما فيها من تنقلات وأعراس ومناسبات تبقى مجالات رحبة لانتشار العدوى ولتكاثر الاصابة بفيروس كورونا، لا يمكن إلا أن يتملّكه الخوف والرعب مما يمكن أن يحدث حين نستحضر مسألة عودة أكثر من مليوني تلميذ وطالب إلى مقاعد الدراسة. لذلك سوف تكون العودة المرتقبة تحديا وطنيا كبيرا وجب الاستعداد لمواجهته حماية لأبنائنا وتأمينا لهم من هذا الفيروس الخطير الذي يربك البلاد ويستنزف امكاناتها المادية واللوجستية ويثقل كاهل اطاراتها الطبية بشكل كبير فما بالك بدخول ملايين التلاميذ والطلبة على الخط وما يمثله ذلك من فرص لانتشار الفيروس ما لم نتخذ الاحتياطات اللازمة وما لم نوفر الامكانات البشرية والمادية الضرورية.. فهل ينصت أهل الذكر ويتحرّكون قبل فوات الأوان وحدوث الطامة الكبرى لا قدر الله. عبد الحميد الرياحي