يتغنّى عرب كثيرون بقصة مكافحة الارهاب ويتباهون بإنجازات حقّقوها في هذا السياق. ومع ذلك يتمادون في مقاطعة سوريا ويتواصل تغييب سوريا المتعمّد عن استعادة موقعها الطبيعي كبلد عربي محوري فاعل ومؤسس رغم ظهور بداية حراك في اتجاه تهيئة الأرضية لإعادة إدماج سوريا صلب جامعة العرب. والواقع أن سوريا خاضت على مدى السنوات الماضية ولا تزال حربا ضروسا ضد عصابات إرهابية من قرابة 100 دولة تهاطلت على سوريا بقرار دولي وعربي وبدعم مباشر من دول غربية عظمى من ودول اقليمية وعربية تعاضدت كلها لتموّل وتدرّب وتسلّح ميليشيات استقدمت من كل صوب. وزج بها داخل الجغرافيا السورية في مسعى كان واضحا يهدف إلى تدمير الجيش العربي السوري وإسقاط الدولة السورية. ونذكر في هذا الباب كيف أن جامعة العرب عرب الصدفة على ما يبدو كانت أول من رفع الغطاء عن سوريا بتجميد عضويتها وبالتحشيد ضدها وضد جيشها العربي الأصيل وضد قيادتها الممانعة والملتزمة بقضايا العرب. وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة في فلسطينالمحتلة ولبنان... وقد كانت هذه المواقف وحدها كفيلة بفتح أبواب الجحيم على سوريا. وهو ما كان بدعم ألبس لبوس ما يسمى أصدقاء سوريا الذي وفر الغطاء السياسي لهرولة عرب كثيرين من ضمنهم تونسيون نحو توفير الحطب لنار العدوان ومدّ ميليشيات الارهابيين بالعناصر البشرية وبالمال وبالسلاح وبالتدريب ليقوموا بالمهمات القذرة داخل التراب السوري. والناظر اليوم إلى حجم الخراب وحجم الدمار وحجم الخسائر البشرية والمادية التي خلّفتها هذه الحرب الارهابية العالمية يدرك أن الحرب التي شنّت على سوريا لم تكن لتجهض إلا بفضل تضحيات جسيمة قدّمها الشعب السوري وجيشه الباسل وقيادته الحكيمة وكذلك بفضل دعم جهات وقوى دولية هبّت لمساعدة سوريا على إجهاض مخطط جهنمي كان يستهدف إسقاط الدولة السورية وتقسيم سوريا تمهيدا لإنجاز ما يسمى «الشرق الأوسط الجديد» القائم على التفتيت وإعادة التشكيل اعتمادا على «الفوضى الخلاقة»... كذلك هذه الفاتورة الباهظة التي دفعتها سوريا من أرواح أبنائها ومن مقدرات شعبها تُرتّب على كل من ساهموا في الجريمة مسؤولية المساهمة في جبر أضرارها الفادحة ومساعدة جهود إعادة الإعمار في سوريا من باب التكفير عن هذا الجرم الفظيع ومكافأة لسوريا على صمودها وتصميمها على مقارعة الارهابيين نيابة عن كل العالم وتحطيم رأس أفعى الإرهاب على أسوار دمشق وعلى كل شبر من الأراضي السورية الطاهرة. فهل يكفي جامعة العرب للتكفير عن حجم ذنوبها وخطاياها إزاء سوريا العروبة الحديث عن إعادة إدماج سوريا صلب الجامعة؟ وهل يستقيم حديث بعض العرب عن مقارعة الارهاب وهم من بين من أسهموا في نشره داخل الجغرافيا السورية ؟ إن كل عبارات الاعتذار لن تكفي لجبر خواطر السوريين الذين لم يتخلفوا يوما عن معارك العرب. وكل الخطوات السياسية على أهميتها لن تكفي لمحو آثار الجريمة الدولية التي نفذت في سوريا... ما سوف يكون ملائما يتمثل في إسهام فاعل في حملة إعادة إعمار سوريا عساها تقنع السوريين بأن العرب معترفون بذنوبهم وهم جاهزون لدفع فاتورة محو آثار هذه الذنوب... وسوريا التي تزعمت معسكر مقارعة الارهاب وكسر شوكته تحتاج الدعم حتى تقبر أفعى الارهاب نهائيا وتريح العالم كله من شرورها. عبد الحميد الرياحي