قانون جديد يمنع مناولة اليد العاملة في تونس: ''لا للكراء، نعم للتشغيل القارّ''    وزير البيئة في زيارة ميدانية إلى ولاية جندوبة    عدول التنفيذ يُحذّرون من تغييب التوازن التشريعي ويُطالبون بحماية خصوصيات المجتمع في قانون عدول الإشهاد    فلاحون يرفضون 21 دينار للكلغ الواحد: ''العائلة اللي ربت العلوش تكلّف عليهم دم قلبها''    عيد الإضحى: 21 دينار و900 ملّيم للكلغ الحيّ    وزير الشؤون الاجتماعية: ''في تونس يُرفض شخص من أجل الخطبة لأنه غير مُرسّم''    وزارة الفلاحة: تمت مداواة 11 الف و 875 هكتار من الاراضي جنوب البلاد ضد آفة الجراد الصحراوي    عاجل/ مقتل أطفال واصابة آخرين في هجوم انتحاري على حافلة مدرسية في باكستان..    زلزال بقوة 5ر5 درجات يضرب الأرجنتين..#خبر_عاجل    مانشستر سيتي يصعد للمركز الثالث بفوزه 3-1 على بورنموث في اخر مباراة لدي بروين على ملعب الاتحاد    رسميا: الفيفا تكشف عن برنامج مباريات الترجي في مونديال الأندية 2025    كيف سيكون الطقس الأيام القادمة: حرارة غير عادية أم هواء بارد وأمطار؟    تم التصويت عليه فجر اليوم: هذه فصول القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة    وزارة النقل تضبط قائمة أعضاء اللجنة الاستشارية في مجال التكوين البحري ومهامها    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف    عامر بحبة: تقلبات جوية متوقعة وأمطار رعدية خلال الأيام المقبلة... طقس غير مستقر إلى نهاية ماي    السعودية: غرامة مالية ضخمة ضد الحجاج المخالفين    صفاقس : اليوم افتتاح الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" ...دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    وزارة فعالية الحكومة الأمريكية تلغي المنح الخاصة بالترويج لمجتمع المثليين    بعد فضيحة الأرز.. وزير الزراعة الياباني يقدم استقالته    صدمة في الكونغرس.. نائبة أمريكية تعرض صورها عارية وتكشف عن جريمة خطيرة!    بعد تصريحات السفير الأمريكي الأسبق فورد عن لقاءاته مع الشرع.. وزير الخارجية السوري يعلق    بكين تحذر من عواقب الإجراءات الأمريكية ضد الرقائق الصينية    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغي امتياز استغلال المحروقات "بيرصة"    سنانة يعلن نهاية تجربته مع جرجيس ويترك الباب مفتوحا امام وجهته المقبلة    "اعتقال" قطة "بتهمة" تهريب مخدرات إلى سجن في كوستاريكا    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغى امتياز استغلال المحروقات 'بيرصة'    تحديد السعر المرجعي لأضاحي العيد لهذا العام ب 21.900 د للكلغ الحي بنقاط البيع المنظّمة    عن «فيلم البوسير» لمولدي الخليفي : تونس تتوّج بجائزة مفتاح العودة في غزة    المهدية: عن شريطها الوثائقي «غار الضّبع»: التلميذة نهى الوحيشي تفوز بلقب سفيرة المتاحف    مدير الحج والعمرة: تأمين 9 رحلات للحجيج نحو البقاع المقدسة إلى حد الآن    "عطر الذّاكرة" في اختتام شهر التراث دار الثقافة سبيطلة    تصفيات كأس العالم لكرة السلة.. المنتخب الوطني التونسي في المجموعة الثالثة    تعيين مكتب جديد لتسيير الرابطة الوطنية لكرة اليد النسائية    تونس تبرز في جنيف كقوة اقتراح وشريك فاعل في الصحّة العالمية    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    جمعية الصحة العالمية تعتمد بجينيف اتفاقية الوقاية من الجوائح الصحية والتأهب والاستجابة لها وتونس تصوت لصالحها    حيّ هلال: حجز 310 صفائح 'زطلة' و100 غرام كوكايين لدى زوجيْن    كأس افريقيا للأندية الفائزة بالكاس للسيدات: تأهل الجمعية النسائية بالساحل الى الدور نصف النهائي    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    توننداكس يزيد ب10،25 بالمائة نهاية الثلاثي الأوّل من 2025    بالفيديو تعرف على المشهد الذي أبكى عادل إمام وتفاصيله    خلال ندوة رفيعة المستوى بجنيف.. تونس تبرز تجربتها في المشاركة المجتمعية في السياسات الصحّية    كأس تونس لكرة القدم : تعيينات مباراتي الدور نصف النهائي    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    في عيد الأم: 6 هدايا بسيطة... بقلوب كبيرة!    جريمة قتل مروعة/ فصل رأسه عن جسده: شاب ينهي حياة والده شيخ 95 سنة..!    إطلاق خط جوي جديد دبلن – النفيضة    تقلبات جوية منتظرة بداية من هذا التاريخ    غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي    طقس اليوم: ظهور خلايا رعدية محلية مرفوقة بأمطار    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    









عصفور من حبر: فرجة العرب على تفريج الكُرب
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

حين تستمع الى فقهاء التلفزيون العربي وهم يتحدثون عن أطباق البرامج التي يعتزمون تقديمها في رمضان، تشعر أنهم يفلسفون المسألة كلها في شعار موجز في الكلمات التالية :
« فرّج على المتفرّج»
هكذا : «لابد من التنفيس على المواطن المتفرج»
وبقتضى هذا التوجه، فإنهم يتحمسون لإنتاج برامج تنفيسية وكأن المواطن المتفرج مصاب سلفا بالكآبة.
لكل ذلك تجد البرامج الفكاهية و»النقدية الاجتماعية» والمسلسلات ذات الطابع النقدي الخفيف الذي يكشف العلاقات الاجتماعية والثقافية المعقّدة بشيء من الاحتشام حيث لا هدف لأغلب المسلسلات غير إثارة بعض المشاكل مع تحاشي التعمق في أي من المواضيع المتناولة وبعد ذلك تأتي السهرات مع أبطال وبطلات هذا المسلسل حيث يضحك فيها المنشط مع الأبطال والبطلات على نكات لا تُضحك غير الأبطال والبطلات.
هكذا نرى أن المسلسلات الراسخة في أذهان المتفرجين قليلة وهي تُنسى بعد البث تماما، كتلك الأغاني الخفيفة التي نسمعها في الصيف وننساها في الخريف ونظل ننتظر أغنيات جديدة في الصيف القادم.
وتظل فكرة التنفيس عن المواطن الكئيب هاجسا في الفكر التلفزيوني العربي عند فقهاء الاعلام العربي الذين يتناسون عمدا أن مهمة التلفزيون الأولى هي تسلية المجتمع الأوروبي الذي وصل الى درجة معينة من التقدم وحقق نسبة عالية في رفع الأمية عن مثل تلك المجتمعات التي عاشت فيها الطبقة العاملة الصناعية مجهدة خلال يومها مرهقة من رتابة الآلة، وهي تعود الى البيت باحثة خارج المكتبة عن شيء يسلّيها.
ولكن هذا الواقع الأوروبي مختلف تماما عن واقعنا العربي الذي بدأ منذ عقود قليلة في الخروج من الاستعمار الاستيطاني وهو يسعى الى الاستقلال ويواجه أمراضا أقلها الجهل والأمية. لكن التلفزيون العربي الوليد في المجتمع المتخلّف صار يدعم في أغلب قنواته هذا التخلف بالتعامي الأصيل عن واقع مرير يعاني من «أمية» لم يُنظر اليها بجدية الا على أساس أنها واقع يجب التعامل معه بمنطق المجاراة والمماشاة بدل محاربته بالتثقيف والذهاب الى جوهر المشاكل.
هكذا وُلدت المسابقات التافهة التي تحرّض على التنافس الذي لا يشبه التنافس الثقافي في شيء، فتجد أسئلة لا تزيد المتعلم الا توغلا في التفاهة.
وتجد برامج ظاهرها تنويري وباطنها يخفي الشمس بهذه الشاشة التي كان من المفروض أن ترفع الأمية وتحارب الجهالة وصارت تكرّس الأمية وتحضّ على الابتعاد عن الكتاب والثقافة اجمالا.
وفي مقابل هذا وُجدت قنوات عربية خاصة آلت على نفسها ان تأخذ الخط النقيض حيث لا مسلسلات ولا فكاهة ولا لعب ولا ضحك وهي تطرح قضايا تراها ضرورية وتقف وراءها جهات تحرك خيوطها الفكرية وضيوفها الدكاترة الفضلاء الذين لا ينطقون عن الهوى، وهم مفكّرون يعيشون في بلدانهم او في الخارج، يرتبطون بمنظومة فكرية ممولة من هنا وهناك، يطرحون كلاما لا يستطيعون قوله في بلدانهم أو يعبّرون عن أطروحات رسمية تجعل المتفرج يحن حنينا الى مسلسل تافه. وأمام كل هذا يظل المفترج العربي ينتظر ان ينفّس عن كربه ويوسع آفاق الرؤية لديه عساه يفهم واقعه الذي استعصى على الفهم.
وهكذا، فإن القنوات الرسمية بثقل برامجها ودسامتها التي تصيب بالكآبة من (فرط الدسامة) بالكوليستيرول، هذه القنوات تلتقي بالقنوات الاولى المضادة للتسلية وهي تسعى الى رفع الكآبة ببرامج فكرية لا تقل كآبة عما ألفه من طاحونة الشيء المعتاد والمعاد.
كان يقال في القديم :
«إن الناس على دين ملوكهم»
وصار يقال حديثا :
«إن الناس يعيشون على دين تلفزيوناتهم».
هكذا يختار العرب أن يفرّجوا عن كربهم بالتفرج على آلة كانت في الأصل الأوروبي تنفيسا عن الكُرب ولم يخُن العرب المعاصرون وطنية هذه الآلة الفرجوية، فاشتقوا منها آلة للفرجة عن الكُرب في الزمن الصعب على العرب.
هنا تلفزيوناتنا العربية الفضائية
ومنها تُبث حياتُنا على الارض
التي ازداد سعر انسانها انخفاضا وهي تُرسل الينا من القمر... الصناعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.