بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن جاوز الظالمون المدى... أين الموقف العربي ؟: قادة المقاومة الفلسطينية على «حدّ السكين» الاسرائيلي ؟!
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

التربية لم تعد حكرا على الاسرة ولا المدرسة فقد تدخل طرف ثالث «بقوة السلاح» ليفرض نفسه مربيا..
الهدف الظاهر هو الترفيه و»الاضافة» والهدف غير المعلن هو اقصر المسالك الى جيوب المشاهدين... هذا حاصل وبعض البرامج مثل برامج «تلفزيون الواقع» الواقع في الحضيض هو افضل نموذج لهذه البرامج التي يقف وراءها رأس مال لا أنتماء له ولا هوية سوى عبادة الدينار والدولار والدرهم والليرة والريال... رأس مال عابر للعملات ما يهمه هو الكسب السريع حتى لو دمّرت كل القيم وحتى لو ساهم ببضاعته في رهن العقول وتسليمها طواعية لإعداد هذه الأمة... تدمّر الاخلاق وتتفسّخ القيم ويسهل اختراق البلاد لا يهم!
المهم الكسب السريع!
كل ذلك باسم الترفيه... هكذا يدس السمّ العسل..
صحيح هذه الفضائيات مررت ما شاءت من السموم لكن العقل العربي مازال فيه بعض اليقظة قال لهؤلاء: «لن تنطلي اللعبة»!
وما الحملات على هذه النوعية في البرامج التي تسعى لتغييب الشباب العربي الا شاهدا على ان الأسوار الخلفية لهذه الأمة مازالت منيعة وتستعصي على الغزاة!
هذا واقعنا نعرفه... وتلك مشاكلنا نعرفها وتلفزيون الواقع الذي بشّروا به لا علاقة له بالواقع وكل الإشكال الهجينة التي تطل هنا وهناك وينخدع بها بعض السذّج لا تمثل واقع هذه الامة...
هذه الفضائىات وتلك المنوعات هي احدى الكتائب التي تنخر الجسد العربي وتفسح المجال لأعدائه كي يتغلغلوا بسلام هي جيش دون سلاح واصحابها يقدمون من حيث لا يدرون (نقول من حيث لا يدرون حيث نفترض فيهم حسن النية) خدمات لأعداء هذه الأمة التي تواجه تكالبا عليها وعلى ثرواتها..
من المستفيد من هذه البرامج التي لم تحقق سوى رغبة في تفكك الأسرة وإفساد الشباب والهائهم عن دورهم الأساسي في بناء الوطن.
شكري الباصومي
** تلفزيون الواقع في عيون إطاراتنا التربوية: هذه البرامج عمّقت أزمة المطالعة
تونس «الشروق»:
عندما تتحدث مع بعض الاطارات التربوية عن تلفزيون الواقع عن «ستار أكاديمي» و»عالهوا سوا» و»البينق برذر» و»سوبر ستار» وغيرها من البرامج الوافدة التي افتضت وللاسف بكارة مجتمعاتنا العربية تخرج بفكرة وحيدة فالكل يرفض ويصبّ جام غضبه على مثل هذه البرامج.
تأثير تلفزيون الواقع على المجتمع من العواصف التي تعصف بصدر السيد لسعد بوزويتة (وهو من رجال التعليم) وتخلف لديه حيرة دلت عليها ملامحه يقول «صدّقني لا اعرف مثل هذه البرامج ولا اتابعها ولكن التلاميذ يتحدثون عنها في الصف وداخل القاعات... ويتحدثون عن... بل يعمدون الى تقليد تصرفاتهم التي والحق يقال تتنافى واخلاقنا وقيمنا الأسوأ من ذلك ان تلفزيون الواقع هذا قضى على ذائقة المطالعة لدى التلميذ بل حتى الكتاب المدرسي لم يعد يجهد نفسه لمراجعته بالبيت» وأمام هذه المصيبة يقوم السيد لسعد بمقارنة بسيطة بين مستوى تلاميذ الأمس بما انه يدرّس منذ حوالي 30 سنة تقريبا ومستوى تلاميذ اليوم ليخلص الى الإقرار «تغير كل شيء وتلميذ اليوم الذي اخترقت افكاره مثل هذه البرامج وشدّته اليه شدا لا يجوز بأي حال مقارنته بتلميذ الأمس».
*برامج النزوح العقلي
تركنا المعلّم في عاصفته التي خلفت لديه حيرة، حيرة من مستقبل تلاميذه ربما لنلتقي بالاستاذ محمد وهو استاذ جامعي يدرّس بالمعهد الأعلى للتجارة.
الحيرة كانت تعصف اكثر بصدر هذا الاستاذ الجامعي الذي لم يبد اي ارتياح ولا رضى لبرامج يقول عنها: «انني اعتبرها برامج النزوح العقلي وهي برامج مقلدة تقليدا اعمى من برامج غربية ومسقطة اسقاطا على واقع عربي مغاير تماما واقع عربي يهضم الحقوق المدنية للافراد.
ان المشكل ان هذه البرامج استحوذت على عقول الطلبة بحيث لم يعد الطالب يمتلك مستوى ثقافي جيّد لا في اللغة العربية ولا في اللغة الفرنسية او الالمانية.
بل ان التونسي بصفة عامة اصبح يشعر بشيء من التشتت والضياع يريد ان يأخذ من كل شيء، بطرف دون ان تكون له مرتكزات ثقافية صحيحة وثابتة... كنا نودّ على الاقل ان تكون مثل هذه البرامج من ابتكار عقول عربية تراعي خصوصياتنا الثقافية».
ويؤكد السيد محمد ان تلفزيون الواقع رغم ان برامجه تؤسس لسذاجة الفكر ورغم انها مسقطة إسقاطا فإنها لا يمكن ان تقتلع جذورنا وتخترق قيمنا.
وبعيدا عن رجال التعليم فإن بعض الاولياء يرفضون هذه البرامج يقول السيد مستيري بولبابة: «اعتقد ان المهووسين ببرامج «ستار أكاديمي» و»سوبر ستار» وغيرها هم في الغالبية شباب يعيشون حالة من الفراغ النفسي والسذاجة الفكرية من جهة أخرى فإن تأثيرها على عاداتنا وقيمنا ذلك امر حاصل خاصة وان مثل هذه العادات مستهدفة من قبل».
ويقف السيد جيلاني وهو إطار في احد البنوك موقفا معاديا لمثل هذه البرامج يقول: «انها تخلق واقعا وهميا مزيفا لا يتماشى وعاداتنا وتقاليدنا بل هي برامج مستمدة من حضارة اخرى مغايرة لحضارتنا وثقافتنا ثم ان بعض هؤلاء الشباب الذين يدخلون بيوتنا عن طريق شاشة التلفزيون بلا استئذان يتلاعبون بمشاعر الناس يسخرون من عادات هذه الجهة او تلك وهو في اعتقادي تعدّ على خصوصيات يجب ان يحاسبوا عليها».
لكن رغم ما يحمله تلفزيون الواقع من سموم فإن البعض ارتاح له لا لشيء الا لأنه والكلام للآنسة سلوى (موظفة): «مكننا من ايجاد ملاذ نهرب اليه خاصة في ظل تراكم المشاكل وتضاعف ضغوطات الحياة وفي ظل ما نشعر به من ملل ورتابة حقيقة انا معجبة بمثل هذه البرامج ولا اعتقد انها تؤثر على تصرّفات اطفالنا او شبابنا فمثل هذه التصرفات وحدهم الآباء مسؤولون عنها».
رضا بركة
**السيد البشير كريّم-الكاتب العام للمنظمة التونسية للتربية والأسرة: هذه البرامج تنسف قيمنا وسلوكياتن
تونس «الشروق»:
يتحدث السيد البشير كريم، الكاتب العام للمنظمة التونسية للتربية والأسرة عن تأثير تلفزيون الواقع على المجتمع وعلى اطفالنا وشبابنا بصفة خاصة ليؤكد ان تغيّر تركيبة الاسرة التونسية من اسرة موسعة تضم الى جانب الاب والأم والجد والجدة والعم والعمة وأفراد آخرين الى اسرة مصغرة تتكون من طفلين او ثلاثة اطفال في اقصى الحالات ادى الى تغيير طبيعة العلاقة بين افراد داخل الاسرة التونسية بحيث لم يعد الطفل يجد داخل الاسرة نماذج من السلوك ومن القيم والضبواط والنتيجة ان تغيّرت السلوكيات.
ومن المهم ان ننتبه هنا الى ان الأنماط السلوكية اصبحت تأتي عن طريق وسائط اخرى مثل المجتمع وهو البيئة الثالثة وعن طريق وسائل الاتصال البصرية والسمعية التي حلّت محل افراد الاسرة.
ويعتبر الكاتب العام للمنظمة التونسية للتربية والاسرة ان الاطفال والشباب اصبحوا عرضة لتأثيرات هذه الوسائل وهي في اغلبها تأثيرات سلبية تنسف ما تلقّوه من مبادئ وقيم وأخلاقيات وسلوكيات تربّوا عليها بالمنزل وبمؤسساتهم التربوية.
ان برامج تلفزيون بغثها وسمينها وخاصة برامج الفضائيات الغربية والتي اثرت على تماسك الاسرة وخلقت سلوكيات وقيما ان لم نقل غريبة فهي مستهجنة لا تتلاءم مع القيم التي يتلقاها الشاب... ومن الواجب هنا على الاسرة ان تسترعي انتباهنا الى ضرورة الغربلة والتصدي لكل قيم غريبة والأهم من ذلك لابدّ للاسرة ان تكون متماسكة وان يسعى الآباء الى ضمان حدّ أدنى من التناغم والتواصل بين كافة الأفراد..
يذكر ان هذه المنظمة التي لها اتفاقية شراكة مع وزارة التربية والتكوين تعنى بالتربية وبالاسرة وتحرص على ان يكون لها برنامج تواصل معها من خلال تنظيم برامج سنوية ترفيهية لأجل دعم التواصل بين افراد الاسرة التونسية كما انها تسعى الى دعم السلوك الحضاري لدى الاسرة.
رضا بركة
** هروب من الواقع وحيلة للإثراء...
برامج تلفزيون الواقع مثل «ستار أكاديمي» تكشف حدة التناقض الذي يواجهه المجتمع، وأكثر من أي شيء تكشف الاحساس بالعجز عن التغيير الأمر الذي يخلق حاجة ماسة للهروب من الواقع.شيء ما يمر هذه الأيام بالشعوب العربية فقد اعتكفت العائلات في بيوتها. عزفت عن الأهل والجيران. أغلقت الأبواب وتحلقت حول التلفزيونات عشرات الملايين من أزواج العيون مصوبة منذ أشهر للشاشات اللبنانية، تنتظر الحدث. ويبدأ البث، ويظهر الأبطال الجدد، نجوم «السوبر ستار» على قناة المستقبل و»ستار اكاديمي» على ال.بي.سي.
كانت هذه المفاجأة الأولى بالنسبة لنا، وكنا أصلا ننوي بحث أمر آخر تماما، هو لماذا توقف العرب في البلاد عن متابعة أخبار اسرائيل، والتصقوا بالجزيرة؟ واذا بالامة قد عزفت عن الجزيرة، وادمنت المسلسلات المصرية المتتابعة وبرامج تلفزيون الواقع.
واذا كان «السوبر ستار» الباحث عن نجم جديد للغناء العربي، قد أثبت تحرق الجمهور العربي للتصويت فإن البرنامج الذي نجح في اخراج زبدة الطاقات العاطفية لأهلنا كان برنامج «عالهوا سوا» فقد طحنت الناس أمامه ساعات، تحديدا بسبب وقت الفراغ الكبير، وأثبتت اخلاصا عجيبا ومعرفة دقيقة بتفاصيل حياة العرائس المرشحات للزواج.
ولعل البرنامج الأكثر جدلا وفضائح هو «ستار أكاديمي»، وفيه لا يكف الطلاب المشاركون عن معانقة وتقبيل بعضهم البعض، إلى أن يتم انتخاب المطرب الواعد. ورغم أن الجميع يذم «التصرفات الممنوعة» ولكن لا أحد يستطيع منه فكاكا.
وقد اعتبر الصحفي عبد الباري عطوان رئيس تحرير مجلة «القدس العربي» هذه الظاهرة علامة من علامات الساعة واعتبرها البعض الآخر مؤامرة اسرائيلية أو أمريكية لحرف اهتمامات الناس عن قضايا فلسطين والعراق، بدليل ثناء اسرائيل على هذه البرامج. فهل هذه كل الرواية؟
*ظاهرة اعلامية جديدةأما برنارد طنوس الاعلامي في راديو «الشمس» يعرّف ظاهرة «تلفزيون الواقع» كجزء من «التقدم التكنولوجي الكبير والتسابق نحو نسب المشاهدة الأعلى، اللذين يجعلان وسائل الاعلام تخترع أمورا لم تكن في السابق. وهي ظاهرة غير خاصة بالعالم العربي. بل منقولة عن برامج نجحت عالميا، مثل «من سيربح المليون»؟
برنامج سوبر ستار، مثلا، هو النسخة العربية التي اشترتها قناة «المستقبل» من الشركة المنتجة للبرنامج البريطاني «بوب ايدولز»، الذي جذب 14 مليون مشاهد. وقد بثت محطة «فوكس» الأمريكية برنامجا مشابها هو «البحث عن سوبر ستار».
ويلاحظ طنوس أنه «بالنسبة للشبان الذين هم دون سن الثلاثين ليست هذه الظاهرة بغريبة، فهم معتادون على مشاهدتها عبر الانترنات، وذلك تحت غطاء من السرية، مما يطور حاسة «التلصص» على حياة الآخرين. اليوم يقوم التلفزيون بأداء دور مشابه، عندما يكشف هذا العالم لأول مرة أمام الجيل الأكبر من الناس.
برهان جبارين (12 عاما) من أم الفحم، يعمل في مجال الديكور، يستغرب أنه كان في الماضي يجلس الى رجال كبار في المقهى ويتحدث معهم فيما يحدث في العراق كما نقلتها الجزيرة وأبو ظبي، «أما اليوم فصار كل ما يشغلهم هو أخبار رنا وعايشة، ومن ربح في ستار أكاديمي».
كيف تحققت الأرباح؟ عدا من الدعايات التجارية، كانت شركات الاتصالات والهواتف الخلوية أكثر المستفيدين. نسبة التصويت لانتخاب نجم «السوبر ستار» مثلا، وصلت في مجملها الى 79 مليونا و550 ألف اتصال من أرجاء العالم العربي. وإذا كانت تكلفة الاتصال من القاهرة ربع دولار للدقيقة الواحدة، ومن الأردن ثلاثة أرباع الدولار، فاضرب واجمع لتتخيل كم مليونا من الدولارات صنعتها شركات الهواتف والاتصالات التي تتداخل علاقاتها بالقنوات الفضائية وأحيانا بالسلطات الحاكمة.
** تلفزة الواقع أم تلفزة الزيف؟...لماذا التركيز على الشخصيات المهزوزة؟
كتب أحد محرري صحيفة «الخليج» الإماراتية ما يلي :
هل يعكس «تلفزيون الواقع» الواقع بالفعل؟
ظاهريا، هنالك أشخاص يجتمعون في مكان واحد، ويعيشون حياتهم بحرية وتتابع الكاميرات حركاتهم، وليس هنالك سيناريو معد مسبقا لهذه الحركات. أما في الواقع فإن كل ما يفعلونه يخضع للتدخل، ويعترف مخرج برنامج لوفت ستوري في التلفزيون الفرنسي «إن المشاهد التي تعرض على الجمهور هي مشاهد مختارة خضعت للمونتاج، ومع ذلك فإن هذه المشاهد التي خضعت للمنتجة هي التي توجه عواطف الجمهور نحو المشاركين في البرنامج»، وفي استفتاء أجرته شبكة التلفزيون الفرنسية قال معظم الذين شاركوا في لوفت ستوري إن المشاهد التي عرضت لا تعكس حقيقتهم الكاملة من الداخل، وأنهم لا يرون أنفسهم في هذه المشاهد إلا جزئيا.
وردود فعل المشاركين في هذه البرامج أبعد ما تكون عن العفوية والواقعية، فهم يظهرون وكأنهم مجموعة من الدمى المتحركة التي تبكي وتضحك وتنفعل بحركات مدروسة، وفي تحقيق أجرته إحدى الصحف استغربت احدى الأمهات أن يشغل التقبيل بين المشاركين في ستار أكاديمي فترة طويلة من البث، وقالت : يجب أن يطلقوا على هذا البرنامج اسم «تقبيل أكاديمي» وفي «عالهوا سوا» يبدو «فويسي» الذي لا نسمع إلا صوته وكأنه لاعب دمى يحرك عرائس من خشب على المسرح فالمشاركات في البرنامج لا يقمن بأية حركة إلا بإذن منه، ولا يرتبن صالون المنزل الذي يقمن فيه، ولا يمرحن إلا عندما يطلب منهن ذلك.
وهناك مسألة اختيار المشاركين، ويوضح مخرج برنامج لوفت ستوري عملية الاختيار بقوله : «تجري عملية الاختيار بدقة، ويتم استبعاد الأشخاص الورعين والذين يتمتعون بتوازن نفسي كبير، ويراعي اختيار أشخاص عاديين لا يتمتعون بمواهب خاصة وهؤلاء الأشخاص يقومون بأدوار «نجوم» رغم أنهم لا يتمتعون بأية صفة أو انجاز أو مسيرة تقود الى النجومية إنهم «نجوم» في دور النجوم، نجوم تشبه النجوم يعيشون أمام المشاهد حياة تشبه الحياة.
ويقول الكاتب الفرنسي فيليب موريه في تحليله لتلفزيون الواقع «التلفزيون» منذ وجوده لم يكن شيئا سوى الشيء الذي يحل مكان الحياة إنه مليء بالفراغ الذي تركته الحياة خلفها، ونجوم تلفزيون الواقع لا يقولون شيئا إنهم يعبرون الغرفة ذهابا وإيابا، ولا شيء غير ذلك، ويكررون عبارات من نوع «هذا واضح» و»هل تدرك ما أريد قوله» وهم في الحقيقة لا يقولون أي شيء، وإنما يضطجعون على الأرائك في انتظار أن يأتي من يلقي بهم إلى الخارج».
ويفسر جي دوبور ظاهرة تلفزيون الواقع باعادتها الى مفهوم «مجتمع الاستعراض» ويقول «إن الحياة لم تعد موجودة، في التلفزيون كما هي في الواقع، وإنما كعروض فكل شيء تحول الى عرض بفضل التلفزيون بما في ذلك الحروب. والسياسة والحركات الاجتماعية والواقع هبطت قيمته وبقي العرض وبتركيز الناس على العروض فقدوا اتصالهم بالحياة الواقعية وأصبحوا مشابهين لما يشاهدونه فهم لم يعودوا حقيقيين».
وتلفزيون الواقع يجر نتائج كارثية للمشاركين فيه وللجمهور على حد سواء، والمستفيد الوحيد منه هو الشركات التجارية وتقول البروفيسورة جوان شارفي، استاذة علم النفس في جامعة نيوكاسل البريطانية «المشاركون في هذه البرامج أناس عاديون لا يعون معنى الحياة تحت الأضواء، وفجأة يجدون أنفسهم في دائرة الضوء، محط اهتمام الملايين وفجأة أيضا تنسحب الأضواء عنهم ويعودون إلى الظل، بكل ما يحدثه ذلك من اختلالات وندوب نفسية لهم».
** علم الاجتماع يحذر: هذه المنوعات تكرس «الفردانية» وتهدد التحصيل الدراسي!
شرح الأستاذ هشام تريمش مختص في علم النفس ل»الشروق» مخاطر التلفزيون الواقع على الشاب قائلا «إن برامج التلفزيون الواقعي» اثرت بصفة سلبية على نفسية الشاب العربي وجعلتهم يرتمون في حوض التقليد الأعمى وينزعون الى استسهال الأمر ويبتعدون بالتالي عن الاجتهاد والمثابرة والتعويل على الذات.
ومثل هذه البرامج تسعى الى تزويد الشباب بكم هائل من الأوهام المتمثلة في الشهرة السريعة والثروة السهلة.
فرهافة حسّ الشاب وسرعة تأثره وانبهاره تجعله عرضة لاهتزازات نفسية تؤدي به إلى نوع من التذبذب والتمزق بين الموجود والمنشور وتجعله يعيش نوعا من الانبتات والتفسخ.
*باسم الترفيه والثقافة
يحلل الدكتور عبد القادر الجليدي المختص في مادة علم الاجتماع بالجامعة التونسية تأثير المضامين الاعلامية على الأسرة التونسية فيقول «إن اهتمام الناس اليوم بمتابعة البرامج التلفزيونية يندرج ضمن التوجه أكثر نحو الترفيه والثقافة.
فمتابعة البرامج الترفيهية الثقافية تظهر في مؤشر امتلاك التجهيزات ومن بين هذه التجهيزات الوسائل السمعية والبصرية والهوائيات وأجهزة الاتصال المعلوماتي وهي شروط أساسية للدخول إلى الألفية الثالثة.
وضمن الدراسات الاجتماعية التي أنجزناها وأشرفنا عليها نجد أن هناك الكثير يعبرون عن رغبتهم في اقتناء هوائي وذلك لمتابعة البرامج الثقافية وغيرها 56،47% أما الذين يمتنعون عن اقتناء هوائي فالأغلبية لنقص الموارد ولكونه يمكن الاكتفاء بالقنوات الوطنية.
وهكذا يمكن الاستنتاج أن كل الأسر تؤكد أنه من الضروري مواكبة الأحداث والتطورات التكنولوجية الاتصالية 92،68%
ولكن ما يجب الاشارة اليه هو ضرورة التنبيه إلى الآثار المتأتية عن هذا التعامل وخاصة السلبية منها.
فقد يحدث تأثر سريع بالاشهار الاستهلاكي مما يحدث حالة من التساهل مع الذات في تحقيق رغباتها وذلك دون تصدير الامكانيات المالية المتوفرة فينتج عن هذه الظاهرة اختلال في ميزانية الأسرة واضطراب في مستوى التصرف فيها الى جانب ما يحدث من تغير في الأوراق والطباع التي يصحبها تغير في القيم والعلاقات التي تقيمها الأسر مع محيطها وداخل نظامها الخاص.
أما على مستوى العلاقات الأسرية قد يؤدي الى اختفاء الجلسات العائلية الحميمية نتيجة التقوقع على الذات أمام التلفاز، مما يعمق حالة من الفردانية والانعزالية.
وقد تؤدي ظاهرة الادمان التلفزيوني الى انخفاض التحصيل الدراسي لدى الأطفال ففي دراسة كندية تبين أن هناك علاقة بين المشاهدة والتحصيل الدراسي.
والادمان التلفزيوني يؤدي الى اضطراب في الوقت المخصص للنوم مما يؤدي الى ضعف الانتباه والتركيز في المدرسة وفي مواقع العمل.
ويؤثر التلفزيون في ادارة أسلوب حياة الأسرة ويغير عادات أفرادها لذا يجب تنظيم أوقات التعامل مع التلفزيون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.