موقعة الزلاقة واحدة من أعظم المعارك التي دارت بين المسلمين والافرنجة (الصليبيين). وسبب تسميتها بذلك وقوعها في مكان يسمى «الزلاقة» وقد جرت أحداثها في شهر رمضان سنة ه على ما ذكره الحافظ الذهبي في السير وغير واحد من المؤرخين. وكان من شأن هذه امعركة أن «الأذفونش بن فرذلند» صاحب طليطلة قاعدة ملك الافرنج أخذ يجوس خلال الديار ويغتصب بلاد الاندلس الواحدة تلو الاخرى، ويفرض الإتاوة على ملوكها، فنظر المعتمد أحدملوك الطوائف في أمره فرأى ان «الأذفونش» قد داخله طمع في بلاده، فأجمع أمره على استدعاء يوسف بن تاشفين (أمير دولة المرابطين في المغرب)، فكتب اليه : إن كنت مؤثرا للجهاد فهذا أوانه فقد خرج الأذفونش الى البلاد فأسرع في العبور اليه ونحن معاشر أهل الجزيرة بينيديك. ولما بلغ يوسف بن تاشفين كتاب المعتمد جهز جيشه وعبر بهم البحر، وعندما علم أهل الاندلس بذلك جهزوا أنفسهم لمساعدة أهل المغرب، فلما رأى «الأذفونش» اجماع المسلمين على قتاله علم انه عام حرب، فاستنفر الصغير والكبير ولم يدع أحدا في مملكته يقدر على القتال الا استنهضه، وكان مقصودة الاعظم قطع تطلع أهل المغرب عن الاندلس وتخويفهم من القدوم اليها. ولم تزل الجموع تتألف وتتوافد الى ان امتلأت جزيرة الاندلس خيلا ورجالا من الفريقين كل أناس قد التفوا على ملكهم. فلما تكاملت عساكر المسلمين في الجزيرة قصدت الأذفونش وكان نازلا بمكان يسمى الزلاقة بالقرب من بليوس. وعلى مقتضى السنة قدم يوسف بن تاشفين كتابا يعرض على قائد الصليبيين الدخول في الاسلام او الحرب او الجزية، فلما سمع الأذفونش ما كتب اليه زاد في طغيانه، وأقسم لا يبرح من موضعه حتى يلقى يوسف بن تاشفين، وكتب اليه كتابا يصف ما عنده من القوة والعدد وبالغ في ذلك، فأجابه يوسف بن تاشفين على ظهر كتابه بقوله : «الذي يكون ستراه». فلما عاد الكتاب الى الأذفونش ارتاع لذلك وعلم انه بلي برجل له عزم وحزم فازداد استعدادا.