انتفاظة الشعب التونسي على إثرحادثة حرق البوعزيزي لنفسه في 17 ديسمبر 2010 بسيدي بوزيد لم تأتي من فراغ اي نعم هي انتفاضة وغضب لم تحدث كردة فعل وتضامن من أجل حادثة عابرة بل لأسباب جدية وتراكمات عجلت بظهور أزمات سياسية واجتماعية وإقتصادية ليست بالحادة كما هي الآن ولكن أزمة قمع الحريات الفردية وخاصة حرية الرأي والتعبير والاعلام والصحافة أسهمت في إيجاد بديل مجدي وفعال ومؤثر جدا وهو استعمال جماهيري لشبكة التواصل الاجتماعي من خلال وجود نعرة قوية واصرار للتشهير وفضح الاخلالات والتجاوزات والفساد المستشري آنذاك. وتأجيج نار الثائرين في كامل جهات الجمهورية وخاصة الشباب العاطل عن العمل المهمش اليائس فخرج للشوارع متحديا قوة وغطرسة الذين جابهوه بالكريموجان والرصاص الحي ليسقط المئات من هؤلاء بسلاح قناصة مازالوا الى الآن مجهولي الهوية فانتصرت إرادة الشعب ليلة 14 جانفي 2011 وخرج للشوارع معبرا عن فرحته مسرورا محتفلا بإزاحة نظام بن علي ولكن هيهات هيهات. فقد توالت الخيبات وازدادت سوءا على امتداد عشر سنوات تراجعت خلالها كل النسب المأوية في التنمية و المالية العمومية و شهد الاقتصاد الوطني أسوأ حالته منذ الاستقلال للفشل الذريع لأكثر من عشر حكومات فأرتفعت نسبة التضخم والفقر والبطالة وزادت نسبة العجز في ميزانية الدولة والتداين الخارجي وعجز الميزان التجاري وأصبحت الدولة مهددة بشبح الافلاس خاصة بعد جائحة كورونا التي زادت في تفاقم الأزمة وأعاد الشعب التونسي انتفاضته يوم 25 جويلية وكاد يأتي على الأخضر واليابس لولا حسم الرئيس قيس سعيد الأمر بإتخاذ تدابير نالت استحسان عامة الشعب فيما عدى حزب حركة النهضة وما لف لفها التي من أهمها تجميد نشاط مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن كل النواب على أمل الشروع في محاسبة الفاسدين ممن نهبوا المال العام ولكن سارت الأمور بخطى بطيئة و بطيئة جدا الشيء الذي أدخل الشك في نفوس الذين خرجوا ليلة 25 جويلية فرحين متفائلين بمستقبل واعد وقد مرت أربعة أشهر ونيف أصبح بعدها الشعب التونسي يعيش حالة انشغال كبير وحيرة أمام عدم حلحلة الأمور العاجلة خاصة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وكذلك ظل هذا المجلس النيابي معلقا بدون اتخاذ اي قرار جريء في شأنه ولا تغيير يذكر في نظام الحكم سوى جمع السلطتين التنفيذية والتشريعية لدى رئيس الجمهورية الذي أصبح الحاكم بأمره بواسطة اصدار المراسيم التي لم ترتقي الى الآمال المنشودة من أفراد الشعب الغاضب خاصة أمام غلاء المعيشة والارتفاع المكوكي للأسعار بشكل مدهش وغير مقبول و كذلك تدني قيمة العمل البلدي و تقصير كثير من المجالس البلدية التي أسهمت في توتير الأجواء بإهمالها للشؤون الحيوية للمواطن. و الآن ونحن على أعتاب ذكرى ارادها الرئيس قيس سعيد عيدا للثورة يأمل الشعب التونسي بلهفة تغيير حقيقي للأمور عامة نحو تحقيق الرقي و الازدهار و النماء بإنتهاج نظام حكم يكون فيه الحاكم معلوم لتحميل المسؤولية أمام الشعب و أيضا اتباع منوال تنموي ليس فيه تدخل خارجي ولا تبعية لأي قوى أجنبية و التقليص من التداين و القروض والتعويل على النفس و الدعوة إلى حوار وطني مسؤول لا إقصاء فيه لتحميل المسؤوليات لدى بروز اي خرق او تجاوز يمس بالمصلحة الوطنية و لما لا تعزيز كل ذلك بإقامة وحدة وطنيه صماء لمجابهة الصعوبات و تجاوزها كل ذلك من أجل تونس....