أمضى رئيس الدولة بداية هذا الأسبوع على أمر يتعلّق بتنظيم الحياة المدرسية في جميع جوانبها المندرج في إطار تفعيل ما جاء به الاصلاح التربوي الأخير (القانون التوجيهي لسنة 2002) من توجيهات جديدة «الشروق» تسلّط الضوء على أهم ما يتضمنه هذا الأمر الرئاسي الهام الذي تم بشأنه عقد عديد الجلسات التفاوضية بين وزارة التربية والتكوين ومختلف النقابات ذات الصلة بالحياة المدرسية (أساسي ثانوي عملة وقيّمين). يشتمل الأمر الرئاسي ا لجديد على 26 فصلا موزّعة على 7 عناوين هي (تعريف الحياة المدرسية ومبادئها مشاريع الحياة المدرسية وأنشطتها وخدماتها الأطراف المتدخلة في الحياة المدرسية إدارة الحياة المدرسية وتقييمها تكريس قواعد العيش معا المحطات القارة للحياة المدرسية أحكام مختلفة). ويُعتبر مشروع الأمر الرئاسي الذي حصلت «الشروق» على نسخة منه والذي ينتظر صدوره قريبا في الرائد الرسمي للبلاد التونيسة الوثيقة المرجعية المستقبلية التي سيتم الاعتماد عليها كإطار للتفاهم والتعاون بين كل مكونات الحياة داخل المدارس والمعاهد بما يضمن حسن سير هذه المؤسسات في مختلف المستويات (أساسي إعدادي ثانوي). تشاور واحترام نص الأمر الرئاسي على ضرورة اعتماد الحوار منهجا في التعامل بين كل الأطراف وأوصى بتوخي التشاور والإقناع في المقام الأول طريقة وحيدة في سبيل معالجة القضايا الناشئة في الحياة المدرسية وكما أكد الأمر على أهمية التعاون والتآزر بين أعضاء الأسرة التربوية بما يدعم لدى الجميع الشعور بالانتماء إلى المؤسسة ويؤطّر ارتباطهم بها ويُساهم في المحافظة على حرمة المؤسسة التربوية ومكانتها عبر إقرار حق الجميع في تصوّر مشاريع الحياة المدرسية وتنفيذها وتقييمها مع الاضطلاع بالأمانة التربوية على نحو يضمن الموضوعية وحق الاختلاف في توافق مع الأهداف التربوية الوطنية وفي ظلّ القيم التي يجمع عليها كل التونسيين. كما أوجب الأمر الجديد على التلاميذ احترام المدرسين والمؤسسة التربوية وجميع العاملين بها والامتثال لما يقتضيه نظام الدراسة من مثابرة ومواظبةوانضباط مع تأكيده على ضرورة احترام التلميذ في ذاته وفي حرمته البدنية والمعنوية ومراعاة مصلحته من قبل سائر أطراف العملية التربوية بما يضمن نموّه المتوازن وبناء مشروعه الدراسي والشخصي طبقا لاستعداداته ورغباته. خطة وبحسب الأمر الجديد ستكون كل مؤسسة تربوية مُلزمة بإعداد خطّة عمل لتطوير الحياة المدرسية وتأطير التلاميذ وتأمين مناخ تربوي يتدربون فيه على أداب المواطنة وقواعدها على أن تندرج هذه الخطة ضمن مشروع المدرسة باعتباره تجسيما عمليا لما اتفقت عليه مختلف أطراف الأسرة التربوية وإطارا لتحقيق الأهداف المميّزة للمؤسسة انطلاقا من واقعها الخصوصي على أن يتم ذلك في كنف الأهداف التربوية الوطنية وبمشاركة تلاميذ المدارس الإعدادية والمعاهد في وضع الخطة المشار إليها عبر تشريك الهيئة الممثلة لهم. وأشار الأمر الرئاسي إلى أن لجنة وقتية تتولى وضع الخطة التطويرية التي تتضمن المشاريع والبرامج التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية والترفيهية والإجراءات العملية الكفيلة باستغلال الزمن غير المخصّص للتعليمات استغلالا يسهم بنجاعة في تحقيق الأغراض المرسومة للحياة المدرسية. مسؤولية وأسند الأمر الجديد في فصله 14 مسؤولية إدارة الحياة المدرسية وتنشطيها ومتابعتها إلى صنفين من الهياكل تشتغل داخل المؤسسة التربوية هما : الهياكل النظامية التي تضمّ علاوة على إدارة المدرسة مجالس الأقسام ومجالس التربية بالنسبة إلى المدارس الابتدائية والمدارس الإعدادية ومدارس المهن ومجالس الأقسام ومجالس التوجيه ومجالس التربية بالنسبة إلى المعاهد والمعاهد النموذجية وهياكل التشاور وهي تضمّ مجلس المؤسسة والمجلس البيداغوجي للمدرسين كل حسب مشمولاته وتتولى سلطة الإشراف عبر الهياكل المختصة التابعة لها مهمّة التقييم الخارجي لمشاريع الحياة المدرسية. ميثاق مدرسي وفي مجال تكريس قواعد العيش معا التي تقتضي احترام الآخرين وصون حرمة المؤسسة وحفظ كرامة العاملين فيها ونبذ السلوكات المنافية للأخلاق وكل أشكال العنف والتسيّب أقرّ الفصل 17 من الأمر الجديد أن تضع كل مدرسة تربوية ميثاقها المدرسي بناء على ما يتضمنه الأمر من مبادىء وإجراءات تنظيمية تلتزم بها كل الأطراف. كما دعا الفصل الموالي (18) إلى ضرورة أن تبعث في المدارس الإعدادية والمعاهد خلية يطلق عليها اسم «خلية التوفيق المدرسي» يتمثل دورها في التوسط لحل المشكلات التي قد تطرأ خلال سير الحياة المدرسية بالحسنى وتتكون هذه الخلية من أعضاء مجلس التربية ممثلي مدرسين والأولياء ومن المرشد التربوي ومن المرشد في الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي وينضاف إليها عضو من الهيئة الممثلة للتلاميذ كلما اقتضى الأمر ذلك في ارتباط بشؤون التلاميذ. وقصد تمكين جميع الأطراف من التعبير عن مشاغلهم ورغباتهم فإن إدارة المدرسة أو المعهد ملزمة بوضع صندوق للتظلمات على ذمة التلاميذ وأوليائهم وسجّلا لنفس الغرض على ذمة العاملين بالمؤسسة على أن تتولى خلية التوفيق المدرسي متابعة الشكاوى والمقترحات ومعالجتها بالتعاون مع إدارة المؤسسة وتتخلّل السنة الدراسية لقاءات تقييمية في نهاية الثلاثيتين الأولى والثانية يحضرها الأولياء والمدرسون وتخصّص لتدارس نتائج التلاميذ والتشاور حول سبل متابعتها. كما أشار الأمر الرئاسي الجديد في فصله العشرين إلى أنه على كل مؤسسة تربوية أن تنظم تظاهرة سنوية تُخصّص لإبراز ماتم إنجازه بها من مشاريع وما وضعته من آليات لتحسين العلاقات بين كل الأطراف المتعايشة فيها وتُسند للمؤسسة التربوية التي حقّقت أحسن النتائج في إرساء قواعد العيش معا وتضبط كيفية إسناد هذه الجائزة وطبيعتها بقرار من الوزير المكلّف بالتربية والتكوين.