ما تم عرضه خلال مجلس الأمن القومي من بيانات وإحصائيات حول التحويلات المالية التي تم صرفها للأجانب من جنسيات افريقية لا يمثل إلا جزء من الحقيقية ..فجهاز الأمن القومي لا يمكنه عرض كل ما يمتلكه من معلومات بشكل علني ، فهو وكما هو معلوم محكوم بالمحافظة على سرية المعلومات التي يتوصل إليها أو تلك التي تتوصل التحاليل والقراءات والتأويلات إليها ، ليتولى لاحقا التعامل معها وفق المصلحة العليا للبلاد. لكن ما تم عرضه صادم فعلا.. إذ تشير البيانات المقدمة مساء الجمعة الفارط إلى أن المهاجرين غير الشرعيين في تونس تلقوا تحويلات بثلاثة مليارات دينار من دول أفريقيا جنوب الصحراء خلال النصف الأول من 2023 وهي المعطيات التي وفرتها وزارة تكنولوجيا الاتصال. هذه المبالغ المالية الضخمة الموزعة بين مراكز البريد وخاصة صفاقس والبنوك كافية لإقامة مشاريع ضخمة في الدول الأصلية للمهاجرين وفق ما كشفه أحد المسؤولين بمجلس الأمن القومي والذي أضاف أرقاما تثير تساؤلات كبيرة حول مصدر هذه التمويلات والحال أن بعضها من دول أفريقية تصنف ضمن الدول الفقيرة . رئيس الدولة قيس سعيد قال "هي في الواقع عملية تهجير وليست بالهجرة المألوفة تتولاها شبكات إجرامية تتاجر بالبشر وبأعضاء البشر وتستهدف لا الربح فقط ولكن تستهدف أيضا وجود الدول والأوطان "، مجددا القول ان تونس ترفض أن تكون أرض عبور أو أرض توطين ، وهو الذي دعا خلال شهر فيفري من هذا العام إلى ضرورة وضع حد لظاهرة تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين السريين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس، مُرجعاً الأمر وقتها إلى "ترتيب إجرامي يهدف إلى تغيير تركيبة تونس الديمغرافية ". المسكوت عنه للعموم خلال اجتماع مجلس الأمن يكمن أساسا في هذه النقطة ، فقيمة التحويلات ليست بريئة بالمرة، وضخامتها تطرح أكثر من سؤال ..وهل هي فعلا " ثمن الحرقة " ؟ ام هي عمولات تجار البشر ؟. "الشروق " كانت قد رصدت في تحقيق سابق جحافل المهاجرين أمام مراكز البريد بصفاقس وكشفت أن القيمة المالية المسحوبة لكل مهاجر تتراوح بين الألفين وال5 آلاف دينار، وبينت بتاريخ 20 جوان أن أحد المهاجرين أدلى بختم مزور، مما يعني أن هناك أطرافا تقف وراء هذه التحويلات وتساعد على وصولها لأصحابها . فهل تونس مستهدفة كما قال الرئيس قيس سعيد ؟..وهل هناك مخططات سرية لتغيير تركيبتها الديمغرافية فعلا ؟..وهل هناك أطراف خارجية تسعى إلى تحويل تونس إلى منصة خلفية لتجميع المهاجرين غير الشرعيين حماية لأوروبا التي باتت تقايضنا في موضوع قرض صندوق النقد الدولي لدفعنا على كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو سواحلها ؟. أسئلة كثيرة تطرح ، والإجابة عنها كشفها مجلس الأمن القومي أو لم يكشفها واضحة ..ومهما كانت هذه الإجابة، تبقى تونس افريقية ، والمقايضات التي تنتهجها " بعض الأطراف " لن تنزع عنا هذا الانتماء وهذا الشرف ..بل وهذا الوطن العزيز.. راشد شعور