تكفيرا عن ذنبها تجاه جرائم ال"هولوكوست" ضدّ اليهود في الحرب العالمية الثانية ، ترتكب ألمانيا "محرقة جديدة" بانحيازها الكامل للاحتلال الإسرائيلي ضدّ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وكأنها تريد طمس محرقة بمحرقة أخرى. المواقف الالمانية المتطرفة تجاه الفلسطينيين والعرب، تكشف حقيقة مهمّة وهي ان الفكر النازي المبني على التطهير العرقي مازال راسخا في عقول جزء كبير من القيادات الحاكمة في النظام الألماني، الذي سارع عبر التاريخ الى دعم الاحتلال الإسرائيلي وسن قوانين تحمي الصهاينة وتحاكم من يعارض الاحتلال بتهم فضفاضة كمعاداة السامية ودعم الارهاب. آخر الممارسات العنصرية الألمانية هي مطالبة الجالية العربية والاسلامية في برلين بإصدار موقف يدين بطولات المقاومة الفلسطينية ويصنف الفصائل المقاومة في غزة في خانة الإرهاب ، وهي دعوة جاءت على لسان وزيرة داخليتها المتصهينة نانسي فيزر خلال افتتاح مؤتمر في برلين ،يجمع ممثلين عن الحكومة الألمانية والمنظمات الإسلامية في البلاد وممثلين عن الجالية اليهودية والكنائس.. وقالت امام صدمة الحاضرين ان المسلمين مطالبون بالاصطفاف الى جانب المحتل الاسرائيلي وإدانة العملية البطولية التي قادتها المقاومة في السابع من أكتوبر الماضي. هذه الدعوة الالمانية خلقت حالة واسعة من الجدل والاتهامات لألمانيا بالانحراف عن قيم الانسانية ومساندة الحركة الارهابية الصهيونية ، حيث نشر عدد من نشطاء الجالية المسلمة تساؤلات وانتقادات عن أسباب هذا الطلب الموجّه للمسلمين في وقت تقتل فيه الآلة الصهيونية الأطفال والنساء وتدمر المستشفيات، وتشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين. وفي نفس السياق ارتفعت اصوات مثقّفين وسياسيين في ألمانيا تطالب من السلطات الألمانية بأن لا يجعلوا الفلسطينيين كبش فداء لما ارتكبتها النازية في حق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية. وفي خضم الحديث عن الموقف الألماني المصطف مع الصهاينة والمتغاضي عن جرائم الابادة الجماعية في غزة ،وجب التذكير أيضا بالتصريح الاستفزازي والعنصري الذي ادلى به مؤخرا سفير ألمانيابتونس، بيتر بروغل الذي تحدث خلال تدشين مدرسة بجهة المحمدية ببن عروس عن تعاطفه مع الصهاينة معتبرا أن الاسرائيليين كانوا "ضحايا الإرهاب الفلسطيني"، وهو ما أثار امتعاض الحاضرين.. وقد رد عليه وزير التربية محمد علي البوغديري آنذاك بالجواب الذي يستحقه قائلا ان هذا الموقف مردود على أصحابه وان بلادنا لم تشارك في "الهولوكوست" وفي قتل اليهود، ولطالما كانت تونس أرضا للتعايش السلمي بين الأديان. وفي العموم يبدو ان الموقف الألماني تجاه فلسطين والعرب والمسلمين عموما غير مبني على الحقائق والمعطيات على الأرض ، بل مبني على تبييض سجلّهم من المحرقة ضدّ اليهود وبالتالي تقديم دعم للاحتلال حتى وإن كان على حساب شعب آخر. وهذه المواقف الالمانية تتطابق في حقيقة الامر مع جوهر تفكير الانظمة المتصهينة في امريكاوألمانيا وفرنسا ،وهي وجهات نظر في حاجة الى مراجعة عاجلة بناء على حجم الجرائم التي يرتكبها الصهاينة أسوة بالشعب الأوروبي الحرّ الذي كشف الحقيقة وخرج بالملايين الى الشوارع لإدانة الجرائم الصهيونية والدفاع عن الحق الفلسطيني ..فهل يستجيب حكام الغرب الى صرخات شعوبهم المنتفضة نصرة للحق ورفضا للإرهاب الممنهج ؟ أم ان هذه الانظمة تخشى انكسار وانهيار الكيان المحتل وعودة جحافل اليهود إلى أوروبا؟ ناجح بن جدو