تشرع الشروق بداية من الغد في نشر حلقات مسلسل "غزّة العزّة"، وفيه سنحاول التعريف بتاريخ هذه المدينة العريق و الذي يعود إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد ، و طبعا قبل ظهور الديانة اليهودية بقرون طويلة. و اللافت أن تاريخ هذه المدينة الطويل، لم يكن تاريخ سلام، بل كانت المنطقة عرضة إلى هجمات من الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب، و اللافت أنّ غزّة التي اتخذت اسماء عديدة عبر هذا التاريخ كانت "شوكة " في حلق بني إسرائيل، حيث لم يستطع السيطرة عليها إلا النبي داود، بل إنّ شخصية شمشون اليهودية الشهيرة وهي من سلالة الأنبياء لم تهزم إلاّ في غزة وعن طريق الفتاة الغزية "دليلة". وعليه فإنّ تسمية شعب الجبارين هي تسمية ورد ذكرها في كتب اليهود وهي تشير إلى قوم أشداء و مقاتلين محترفين و إلى مدينة منيعة استعصت عليهم في التاريخ كما هي تستعصي عليهم اليوم. أوليس من الغريب أن يكون هذا الصمود الأسطوري في مدينة لا تتجاوز مساحتها ال 350 كلم متربع، أمام أعتى آلة حربية وهي الترسانة الأمريكية؟ ونضيف أليس من "المعجزات" أن تصمد مدينة المرابطين أمام "القوة التكنولوجية الأمريكية و الصهيونية و الغربية المتحالفة للسيطرة على القطاع المحاصر عربيا وإسلاميا و دوليا؟ ليس الأمر من باب المعجزات فالتاريخ الذي سنكتشفه في الحلقات الرمضانية ، يؤكد أن شوكة بني إسرائيل كانت دائما ما تنكسر على اسوار غزة، و هذه المرة لن تتمكّن حفنة الصهاينة و جرذان حلف الناتو و المطبعين العرب من النيل من ابناء غزة رغم كل الآلام و التضحيات التي قدمت، طوال ستة أشهر من المواجهة و الصمود. إن التاريخ يذكر لنا ايضا أنّ غزة وقع ذكرها في عديد الآيات و النصوص الدينية في الكتاب المقدس، وكلها تحضّ على تدمير غزة و تخريبها وقطع نسل شعب الجبارين. وأبناء غزة يعرفون هذه النصوص جيدا وخبروا أفعال أهلها منذ قديم الزمان. ولذلك فإنّ الصهاينة يقترفون في غزة ما اقترفه أسلافهم طوال تاريخ طويل من الصراع، ولكن بني إسرائيل لم يهنؤوا طوال تاريخهم بالسيطرة على فلسطين وكان هناك دوما من يأتي ليردّ عدوانيتهم و يحرر فلسطين من دنسهم ويعيد إعمار المنطقة بعد أن يخربوها. هذا هو قدر فلسطين وقدر غزة الذي هو قدر النصر و التحرر. حلقات مسلسل الشروق ليست إلاّ فخرا واعتزازا بمدينة عربية أسسها العرب القدامى وكانت لها صلات وثيقة باليمن السعيد، وفيه سنسعى إلى إبراز مناعة هذه المدينة و بأس أهلها الذين لم يكونوا إلاّ من أثرياء العالم القديم. و كما هزمت دليلة الغزية أسطورة شمشون فإنّ شعب الجبارين سيعيد هزم شمشون العصر مهمات طغى و تجبّر. كمال بالهادي