تأجيل محاكمة مهدي بن غربية وأحمد العماري في قضية ذات صبغة إرهابية إلى ديسمبر المقبل    بطولة القسم الوطني أ للكرة الطائرة: انطلاقة قوية للترجي والنجم الساحلي في الجولة الافتتاحية    البنك المركزي : تجاوز الإحتياطي من العملة الأجنبية 25 مليار دينار بتاريخ 24 أكتوبر 2025    عاجل/نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر عدم تجديد الاتفاقية مع "الكنام" لسنة 2026    الرابطة الثانية: انطلاقة قوية لاتحاد تطاوين وهلال مساكن في الدفعة الأولى من الجولة السادسة    الدكتور عبد الرؤوف الباسطي في افتتاح الندوة الفكرية لمهرجان "مواسم الإبداع": سؤال الهوية ظل ملازما للفعل المسرحي في تونس منذ نشأته الأولى    منوبة: افتتاح مهرجان الشاشية بالبطان إطلالة على التاريخ واحياء للذاكرة الشعبية    منوبة: أنشطة توعوية وترفيهية متنوعة تؤثث فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الإقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    رئيس مجلس الصيادلة: نسق التزود بأدوية الغدة الدرقية عادي لكن الطلب عليها فاق المعدلات العادية..    تونس تجدد التزامها الثابت بحقوق الإنسان    شنوا الجديد في مقترح قانون تشغيل أصحاب الشهائد العليا العاطلين منذ سنوات؟    إيمان الشريف :'' ابني هو من اختار زوجي الحالي و غناية جديدة على قريب ''    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    مطار قرطاج : استقبال بيسان وبيلسان أبطال تحدي القراءة في دبي    بطولة العالم للتايكواندو بالصين - محمد خليل الجندوبي يتوج بذهبية وزن تحت 63 كلغ    عاجل: مباراة النجم الساحلي و نيروبي يونايتد غير منقولة تلفزيا    عاجل/السجن لهاذين المسؤولين السابقين..    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    ترامب يعلن عن رغبته في لقاء رئيس كوريا الشمالية خلال جولته إلى آسيا    رئاسة الحكومة تقرّر تعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لمدة شهر    اطلاق المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر الاثنين 27 اكتوبر الجاري    بطولة العالم للكرة الحديدية: الثنائي التونسي رائد القروي وأسامة البلطي يحرز برونزية مسابقة الزوجي    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    تجميد صفقة توماهوك وتأجيل القمة.. ترامب يراجع حساباته مع بوتين    أزمة جمركية جديدة مع ترامب.. شوف شنوة صاير؟    عاجل: وزارة التربية تعيد فتح المناظرة الخارجية لسنة 2024 لتوظيف أعوان..الرابط والآجال    شاب صيني يبيع كليته لشراء آيفون وآيباد... الثمن؟ حياته    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    عاجل: موسم فلاحي قياسي في تونس...خبير يكشف    عاجل-الأحد : حضّر روحك..هذه المناطق بلاش كهرباء!    رضا الكشتبان يحاضر حول "تاريخية العلاقات التّونسيّة الإسبانيّة"    وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن 93 عاما    خبير عسكري: شبح الحرب النووية يخيّم على الصراع الروسي الغربي    دراسة تكشف: اللي فرحان يعيش بصحة أحسن    تناول ماء الحلبة يوميًّا لمدة أسبوعين.. فوائد ماكش باش تتوقعها    وزير الشباب والرياضة يجتمع برئيس جامعة كرة القدم وأعضاء الإدارة الوطنية للتحكيم    بطولة كرة السلة: نتائج مباريات الجولة الثانية إيابا.. والترتيب    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    بعد "عملية السطو".. اللوفر ينقل مجوهرات ثمينة إلى قبو شديد الحراسة    بشرى سارة..العالم على مشارف "دواء سحري".. يعالج الصلع في 3 أسابيع    رزنامة جديدة للامتحانات؟....رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ يوّضح    الويكاند: حرارة في ارتفاع ... أما تنخفض من نهار الاثنين!    رسميا/ أودي "A6 سبورت باك إي ترون" في تونس: أيقونة السيدان الكهربائية.. فخامة واداء..مميزاتها وسعرها..    عاجل: جائزة أفضل فيلم عربي روائي بمهرجان الجونة للفيلم التونسي 'وين ياخذنا الريح'    منصّة رقمية باش تراقب الماكلة وتضمن الأمن الغذائي للتوانسة ...شنوا حكايتها ؟    كأس الاتحاد الافريقي : الملعب التونسي والنجم الساحلي من أجل قلب المعطيات والمرور الى دور المجموعات    حالة الطقس لهذا اليوم..أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة لنقل العملة..وهذه حصيلة الجرحى..    افتتاح مهرجان مسرح الجنوب بتوزر    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريحات غينغريتش أخطر من مجرد دعاية انتخابية
نشر في أوتار يوم 21 - 12 - 2011

تصريحات أبرز المرشحين للرئاسة الأمريكية نيوت غينغريتش خطيرة ويجب ألا تمر على الفلسطينيين والعرب وعلى المجتمع الدولي مرور الكرام
فهي مؤشر خطير على التوجهات المستقبلية للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة ومؤشر إلى ما وصل إليه الانحياز الأمريكي لإسرائيل في وقت تدعي فيه واشنطن أنها تدعم ثورات الربيع العربي وتسعى للأمن والاستقرار في المنطقة والأدهى من ذلك أنها ترعى عملية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين تقوم على مبدأ حل الدولتين.كما أن تصريحاته تتسم بالعنصرية،فنفي وجود شعب أو اتهامه بالإرهاب يعتبر أسوء أشكال العنصرية بل ترقى لجريمة إبادة الجنس البشري لأنها تضفي شرعية على ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني،إنها تصريحات تعد مؤشرا على انزلاق الولايات المتحدة الأمريكية نحو العنصرية التي وسمتها في بداياتها الأولى.
قد يقول قائل لا داع للتهويل فهي مجرد تصريحات انتخابية لكسب أصوات يهود أمريكا في الانتخابات القادمة وان التصريحات الانتخابية لا يؤخذ بها دائما عند فوز المرشح.هذا الكلام صحيح نسبيا عندما يصدر عن مرشح مغمور أو جديد على العمل السياسي ولكن عندما يصدر هذا الكلام عن شخصية سياسية كبيرة وتمثلا حزبا رئيسيا في البلد ومرشح لرئاسة الجمهورية، وأن تكون هذه التصريحات حول الصراع في الشرق الأوسط وله علاقة باليهود ،فيجب التوقف عندها جيدا وقراءتها بتمعن.صحيح أن كل المرشحين للرئاسة كانوا يتنافسون على كسب ود إسرائيل ويهود أمريكيا للحصول على صوت الناخب اليهودي وتوظيف النفوذ المالي والإعلامي اليهودي لصالحه، بالإضافة إلى الاعتبارات الإيديولوجية الدينية،ولكن مواقف وتصريحات المرشحين سابقا كانت لا تتعدي القول بالتعهد بحماية إسرائيل وحقها بالوجود أو دعمها ماليا وسياسيا أو تأييد الاستيطان أو تأييد نقل العاصمة للقدس الخ ،أما تصريحات نيوت غينغريتش فقد تعدت ذلك لتصل لتزييف التاريخ والطعن بحق الشعب الفلسطيني بالوجود كما أنها تتعارض مع الشرعية الدولية وقراراتها ومع كل اتفاقات السلام التي رعتها واشنطن نفسها.
ما قاله نيوت وأكد عليه مرة أخرى في مقابلة مع قناة تلفزة يهودية أمريكية :إن شعب فلسطين شعب تم اختراعه (مُختلق) ولا يوجد شيء يسمى فلسطين،وأن الفلسطينيين إرهابيون،كما انتقد أوباما لتمسكه بعملية السلام التي تساوي بين الفلسطينيين (الإرهابيين) والإسرائيليين بالإضافة لحديثة حول الأقباط والربيع العربي.هذه التصريحات لا تمس فقط الفلسطينيين بل تشكل انقلابا في السياسة الأمريكية الشرق أوسطية وتجاه ما توافق عليه العالم من تعريف وتفاهمات حول الصراع في الشرق الأوسط وأطرافه وآليات حله.
سنرد على هذا الكلام ليس من منطلق التحيز أو ردة الفعل العاطفية بل من خلال حقائق تاريخية وعلى لسان كتاب غربيين وإسرائيليين ومن خلال ما توافق عليه العالم من قرارات دولية ذات صلة.
أولا:الأمريكيون آخر من يحق له الحديث عن (الشعب المُختلق ).
كان يمكن لأي مسئول أجنبي أن يتحدث عن (شعب مختلق) إلا أن يكون أمريكيا لأن الولايات المتحدة الأمريكية نموذج للشعب المُختلق فتاريخ هذه الدولة يقل عن 250 سنة وغالبية شعبها خليط من كل الأعراق والأجناس والألوان ومجلوب من الخارج أما شعبها الأصلي (الهنود الحمر ) فقد جرت عملية إبادتهم على يد البيض وما تبقى منهم ما زالوا يناضلون للحفاظ على أراضيهم وثقافتهم وهويتهم،ونعتقد أنه لولا السياسية الإمبريالية والهيمنية الأمريكية على العالم التي تتيح لها استنزاف خيرات العالم بما يوفر مستوى معيشة مرتفع لساكنة أمريكا،ما بقيت صلة تربط غالبية هذه الساكنة بالولايات المتحدة و لعادوا لبلدانهم الأصلية،وعلية توجد علاقة تلازمية بين استمرارية الولايات المتحدة وتماسك مكوناتها من جهة واستمرار سياستها الامبريالية الهيمنية على العالم.حال الولايات المتحدة حال كندا واستراليا وإسرائيل وغيرها من الدول ،ومع ذلك لا نقول ولا احد يقول بأنهم شعب مختلق أو نشكك بوجودهم كشعوب وكدول ما دام العالم بات يقر بوجودهم كحقيقة لا يمكن التنكر لها.
ثانيا:أصالة الشعب الفلسطيني واختلاق دولة إسرائيل (من لسانهم ندينهم).
إسرائيل أبرز نموذج معاصر وحي على الشعب المختلق فهذه الدولة لم تقم إلا منذ 63 سنة فقط وقامت نتيجة تفاهمات واعتبارات وتوازنات لها علاقة بالحربين العالميتين الأولى والثانية،وشعبها خليط من كل الأجناس ولا تربطهم سوى رابطة الدين وهي رابطة مشكوك فيها بالنسبة للكثيرين منهم.أما الشعب الفلسطيني فيضرب بجذوره إلى أكثر من أربعة آلاف سنة،وحتى لا يكون كلامنا مجرد ردة فعل عاطفية فلنرجع للتاريخ ولتاريخهم تحديدا حتى يفهم نيوت غيغريتش من هو الشعب المختلق.
فقد ورد في التوراة وفي بقية الكتب الدينية المقدسة لدى اليهود والمسيحيين وخصوصا اليمينيين الجدد في واشنطن،أن فلسطين والفلسطينيين كانوا موجودين قبل مجيء اليهود إليها،فعلى لسان يوشع بن نون القائد العسكري للنبي موسى جاء: "وقد بقيت أرض كثيرة – لم يدخلها اليهود – وهي : كل دائرة الفلسطينيين وكل أرض الجاشوريين – أمام مصر – وأقطاب الفلسطينيين الخمسة – وهم : الغزي والاشرودي و الاشقلوني والجتي والعقروني .. وغيرهم " سفر (يوشع 13:2).وفي العصر التالي لهوشع بن نون : وهو عصر ( القضاة ) ذكر كتابهم المقدس: " فحمى غضب الرب على بني إسرائيل – وباعهم بيد الفلسطينيين فحطموا إسرائيل ثماني عشرة سنة – في جميع أرض بني إسرائيل " سفر( قضاة 13 :1 ) ..." ثم عاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب – فدفعهم الرب إلى يد الفلسطينيين أربعين سنة "( قضاة 10 : 7 ).وتكرر الأمر في ( قضاة 14 : 4) حيث جاء " وكان الفلسطينيون متسلطين على كل أرض بني إسرائيل ".
تكرر الأمر في العصور اللاحقة،ففي عصر النبي صموئيل جاء :"" وحارب الفلسطينيون وهزموا بني إسرائيل الذين هربوا – وأخذ الفلسطينيون تابوت العهد " .أما في عهد الملك طالوت أو شاول وفي سفر ( صموئيل الأول 13 : 5 ) فيتحدث هذا النص أو السفر المقدس عند اليهود ليس فقط عن وجود الشعب الفلسطيني بل وعن عظمته وقوته فجاء فيه " واجتمع الفلسطينيون لمحاربة بني إسرائيل أيام شاول الملك : ثلاثون ألف مركبة حربية وستة آلاف فارس وشعب ( جيش ) عدده كالرمل الذي على شاطئ البحر .. فاختبأ اليهود في المغارات والغيامن والآبار .. وكل شعب اليهود ارتعب من الفلسطينيين".
وفي عصر الملك سليمان تذكر كتبهم المقدسة وكما جاء في ( أخبار أيام ثاني 28 : 18 ) " الفلسطينيون اقتحموا مدن السواحل وجنوب يهوذا , وأخذوا مدن بيت شمس وأيلون و جديروت و سوكو و قراها , ومدينة تمنة وقراها – وسكنوا هناك ".
وربما تكون قصة شمشون التي وردت في التوراة دليل آخر يرد على غنغريتش وكل من يزعم أنه لا ولم يوجد شعب فلسطيني وان فلسطين من اختلاق الأيديولوجية العربية المعاصرة ، فجاء في التوراة حول هذا الموضوع وفي سفر القضاة 14 "وَنَزَلَ شَمْشُونُ إِلَى تِمْنَةَ، وَرَأَى امْرَأَةً فِي تِمْنَةَ مِنْ بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.فَصَعِدَ وَأَخْبَرَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَقَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ امْرَأَةً فِي تِمْنَةَ مِنْ بَنَاتِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَالآنَ خُذَاهَا لِيَ امْرَأَةً». فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ: «أَلَيْسَ فِي بَنَاتِ إِخْوَتِكَ وَفِي كُلِّ شَعْبِي امْرَأَةٌ حَتَّى أَنَّكَ ذَاهِبٌ لِتَأْخُذَ امْرَأَةً مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ الْغُلْفِ" إلى آخر الرواية التوراتية .
هذه أقوال من الكتب المقدسة الأولى لليهود يعترفون فيها بأنهم عندما جاءوا إلى فلسطين وجدوا الفلسطينيين هناك.ويمكن أن نضيف لذلك ما ورد في وثائق فرعونية قديمة ( برديات ) تقول بما لا يدع مجالا للشك بوجود شعب فلسطيني قبل مجيء اليهود إلى فلسطين، ففي نص فرعوني يعود للسنة الثانية عشر من عهد رمسيس الثالث أحد فراعنة مصر القديمة –(1198 – 1167 ق.م)،, جاء في هذا النص : ( إنه هزم التكر وأرض الفلسطينيين ), ويذكر نص فرعوني آخر ما يفيد بان الفلسطينيين كانوا شعباً متحضرا يسكن المدن , وجاء في النص الذي يصف الحال قبيل دخول الحرب مع الفلسطينيين بأن (الفلسط كانوا قلقين يختبئون في مدنهم ).
لقد تجنبا الإحالة إلى القرآن الكريم والتفسيرات الدينية الإسلامية أو إلى التاريخ العربي والإسلامي لفلسطين والذي كتب على يد العرب والمسلمين حتى لا يقول البعض إنها مصادر متحيزة ومؤدلجة،مع أن الشواهد تدل على صدق هذه الرواية وخصوصا حول أصل الفلسطينيين وأنهم حفدة الكنعانيين واليبوسيين.
ثالثا:مفكرون وكتاب غربيون ويهود يشككون بشرعية دولة إسرائيل وبأصالة الشعب الفلسطيني.
بالرغم من المحاولات الدءوبة للحركة الصهيونية ولدوائر صناعة القرار في الغرب لتزييف التاريخ وطمس حقيقة الوجود الفلسطيني عبر التاريخ إلا أن مفكرين وكتاب غربيين ويهود كسروا حاجز الصمت والخوف وكشفوا زيف الرواية الصهيونية حول فلسطين والفلسطينيين.
ففي إسرائيل نفسها قال مؤرخ إسرائيلي بارز وهو شلومو زانت أستاذ الدراسات التاريخية بجامعة تل أبيب بأن إسرائيل طفل لقيط، وقد أثار كتابه (الشعب اليهودي المختلق) ضجة في إسرائيل وعند يهود العالم لأنه تجرأ على قول الحقيقية وكشف زيف التاريخ اليهودي. ففي مقابلة أجرتها معه صحيفة فرانكفورتر روند شاو الألمانية قال "إن إصرار إسرائيل على مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بها كدولة يهودية يمثل تطورا خطيرا في بلد ربع سكانه من غير اليهود"،بل طالب الإسرائيليين بالاعتراف بأن تأسيس دولتهم بني على اغتصاب الحقوق العربية وتسبب في نكبة الشعب الفلسطيني وتشريده،نافيا ما يسمى بالشعب اليهودي وقال "إن مصطلح الشعب اليهودي ليس إلا مصطلحا مختلقا اخترعه المؤرخون الصهاينة الذين استغلوا الإنجيل وحولوه من كتاب ديني وأدبي يمثل تحفة فنية إلى كتاب للقصص بهدف الترويج لأسطورة الشعب اليهودي".
وقد سبق شلومو زاندت ما تم تسميتهم (المؤرخون الجدد ) وهم كتاب إسرائيليون أعادوا النظر بالروايات الإسرائيلية الرسمية حول حرب 1948 وما سبقها، ومن هؤلاء: إيلان بابيه, بني موريس, زئيف ستيرنهيل, آفي شلايم, وتوم سيغيف ،وغيرهم.إلا أن هؤلاء بقوا في حدود مراجعة التاريخ الحديث لإسرائيل ولم يتناولوا الروايات الدينية حول تأسيس إسرائيل إلا قليلا.
أما بالنسبة للكتاب الغربيين فسنقتصر على بعض الحالات بما تسمح به محدودية سطور هذا المقال.فمنذ نهاية الستينيات صرحت عالمة الآثار البريطانية كاثلين أنها لم تجد ما يثبت صحة وجود إسرائيل في أرض كنعان، ولا المملكة! وفي نفس السياق دعا عالم الآثار الصهيوني فنكلشتاين في أواخر القرن العشرين إلى فك ارتباط علم الآثار بالتوراة، لأنهما لا يجتمعان!. أما البروفيسور الفرنسي توماس تومسون Thomas Thomson وهو أبرز علماء التاريخ المتخصصين بالمنطقة العربية وأستاذ علم الآثار في جامعة ماركويث الذي ألف كتابا بعنوان ( التاريخ المبكر لشعب إسرائيل من المصادر الآركيولوجية المدونة) عام 1992 و كشف فيه تواطؤ علماء الآثار التوراتيين على تزييف تاريخ فلسطين،ومما جاء في هذا الكتاب: " إن مجموع التاريخ الغربي لإسرائيل والإسرائيليين يستند إلى قصص من العهد القديم تقوم على الخيال" وقد فُصل هذا العالم المتميز من منصبه الأكاديمي بسبب الضغوط اليهودية. ثم تبعه المفكر الفرنسي روجي جارودي في كتابه (الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية) حيث فند بالوثائق والمراجع الدينية اليهودية بان تاريخ إسرائيل منذ العهد القديم حتى المحرقة تاريخ مزيف،وبسبب ذلك تعرض للاضطهاد والمحاكمة في فرنسا.إلا أن أهم كتاب غربي فضح المزاعم الصهيونية واليهودية حول تاريخ إسرائيل وفلسطين هو البروفيسور كيث وايتلام أستاذ الدراسات الدينية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، في كتابه "اختلاق إسرائيل القديمة إسكات التاريخ الفلسطيني" The Invention of Ancient Israel, The Silencing of Palestinian History". المنشور عام 1996، ففي هذا الكتاب كشف زيف كل المزاعم اليهودية حول أحقية اليهود في فلسطين وأسبقية وجودهم فيها دعيا إلى الاهتمام بالتاريخ الفلسطيني القديم، الذي طُمس في معرض تلفيق تاريخ قديم مزعوم لإسرائيل.
رابعا:تصريحات غينغريتش تتعارض مع الشرعية الدولية.
تصريحات غينغريتش تشكل انقلابا على الشرعية الدولية وخصوصا قرارات الأمم المتحدة حول الشأن الفلسطيني ،ولا ندري في حالة فوزه كيف سيتعامل مع الأمم المتحدة ومنظماتها وقراراتها التي تعترف بالشعب الفلسطيني.عشرات القرارات والاتفاقات الدولية تعترف بالشعب الفلسطيني وبحقه في تقرير مصيره ،فمنذ أن اعترفت الأمم المتحدة عام 1974 بفلسطين عضو مراقب توالت اعترافات الدول و المنظمات الدولية بفلسطين عضوا مراقبا أو عضوا كاملا كما هو الحال مع اليونسكو،حتى إسرائيل نفسها ومن خلال وثائق الاعتراف المتبادلة مع منظمة التحرير اعترفت بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني،وجاءت عملية التسوية لتعترف بالشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية بما فيها حقه في دولة خاصة به.فكيف يتجاهل جينغريتش كل ذلك ويقول أنه تم اختراع الشعب الفلسطيني؟.إن تصريحات هذا الصهيوني أكثر من الصهاينة تحتاج لرد من الأمم المتحدة نفسها ومن 130 دولة التي اعترفت بفلسطين وأقامت معها علاقات دبلوماسية،وتحتاج إلى رد من الرباعية التي ترعى عملية السلام في المنطقة وتسعى من خلالها لتطبيق حل الدولتين.
وأخيرا يجب عدم تجاهل هذه التصريحات غير المسبوقة في عدائها للفلسطينيين والعرب والمسلمين،لأنها مؤشر على توجهات الإدارة الأمريكية في حالة فوز الحزب الجمهوري،ونخشى ما نخشاه أن هذه التصريحات أكثر من مجرد دعاية انتخابية،فقد تشكل الإستراتيجية الأمريكية القادمة مستغلة حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة العربية وحاجة كل الأطراف - سواء كانت الأنظمة العربية أو قوى الثورة -لكسب ود واشنطن ،وهذا ما يفسر ضعف ردود الفعل العربية على تصريحات جينغريتش .
‏12‏/12‏/2011
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.
الموقع الشخصي:
www.palnation.org


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.