ليس هناك من شك في أنّ ولادة العالم الجديد إنما تعتمد على مثلث استراتيجي كلما وثق تعاونه كلما كان نواة صلبة قادرة على الصمود في وجه المعادين للنظام العالمي الجديد. وهذا المثلث الاستراتيجي في نظرنا يرتكز على روسياوإيرانوالصين بما في هذا التحالف من دلالات جيو استراتيجية عميقة يمكن أن تمثل في المستقبل نقاط احتكاك بين الكتلة الشرقية المعاد تشكيلها والكتلة الغربية التقليدية. الرئيس الإيراني الجديد مسعود بازشكيان قال إن روسيا شريك أساسي لإيران وأنها تمثل مع الصين حلفا قويا في المستقبل. ويبدو أن الحديث عن تعليق العمل باتفاقية الشراكة الشاملة بين البلدين سرعان ما وقع تكذيبه من الطرفين مع وجود تأكيدات بأن الاتفاق سيقع توقيعه قريبا جدا. فقد قال أندريه رودينكو، نائب وزير الخارجية الروسي، إن موسكو ستوقّع اتفاقاً جديداً للتعاون الشامل مع إيران في المستقبل القريب جداً". وأضاف في مقابلة مع وكالة أنباء "ريا" الروسية، "العمل على نص الاتفاق يقترب حاليًا من نهايته، وتم الاستقرار على جميع العبارات اللازمة، ونتوقع أن يكون الاتفاق جاهزاً للتوقيع في المستقبل القريب جدًا". وكانت وزارة الخارجية الروسية، قد أعلنت مطلع جوان الماضي تعليق العمل باتفاقية التعاون الشامل مؤقتاً بسبب حادثة مقتل الرئيس السابق ابراهيم رئيسي ودخول ايران مرحلة انتخابية أسفرت منذ أيام قليلة عن انتخاب قيادة جديدة. وبعد هذا التصريح، قال المسؤولون في إيران إنه ليس هناك أي توقف في إعداد الاتفاق الجديد. لكن زامير كابولوف، رئيس الدائرة الآسيوية الثانية بوزارة الخارجية الروسية، قال بوضوح إن سبب تعليق اتفاق التعاون الشامل مع إيران هو "انشغال علي خامنئي بالانتخابات"، وقد أرسلت روسيا مقترحاتها المتبادلة للتوصل إلى اتفاق لإيران وتنتظر رد طهران. وما يؤكد هذا التوجه نحو تحالف شامل هو إعلان رئيس البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، عن توقيع اتفاقية بشأن تداول العملات الوطنية بين إيرانوروسيا. وقال فرزين، بعد اجتماعه في 4 جويلية الجاري مع رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا في مدينة سانت بطرسبورغ، وفقاً لما نقلته وكالة "إرنا": "عقب الاجتماع الثنائي مع رئيسة البنك المركزي الروسي، تم التوقيع على اتفاقية بشأن سيولة تبادل العملات الوطنية لتسهيل التبادل التجاري". وكانت ايران قد وقّعت سابقا اتفاقية استراتيجية مع الصين ما يجعل هذه المنطقة الأوراسية مستعدة لولادة نظام عالمي جديد وبديل عن النظام الغربي البائد. ومثل هذه الاتفاقيات هي ليست اقتصادية فحسب بما أن الدول الثلاث تجتمع في البريكس ومنظمة شنغهاي بل هي أساسا اتفاقية عسكرية تعني الدفاع المشترك هكذا فكما يتمدّد الغرب في بحر الشمال وفي أوكرانيا تتمدّد روسياوالصين لتكون عند حدود الخليج العربي الموالي لأمريكا ما يعني زيادة نقاط الاحتكاك والمواجهة الشاملة بين الغرب والشرق انطلاقا هذه المرة من قاعدة فارس. كمال بالهادي