أبت بلدية العاصمة إلا أن تحتفل بالذكرى الخمسين لانبعاث فرقتها البلدية للموسيقى التونسية التي تأسست سنة 1954 تاريخ انبعاث سميتها الفرقة البلدية للتمثيل. وبقدر ما حرصت بلديتنا مشكورة على إسناد أمر احتفالية الفرقة البلدية للتمثيل العتيدة الى مديرتها قيدومة المسرح التونسي وعميدة الفرقة سيرة ذاتية ومسيرة إبداعية الفنانة القديرة والنجمة الوضاءة الكبيرة السيدة منى نور الدين بقدر ما حرصت أيضا على تكليف الفنان عازف الشلو (الكمنجة الوسطى) نوفل بن عيسى بإدارة الفرقة البلدية للموسيقى حتى بعد العودة لاحياء الذكرى الخمسين لانبعاث تلك الفرقة الموسيقية التابعة لبلدية العاصمة. وهكذا قدمت تلك المجموعة الموسيقية البلدية التونسية حفل ذكراها الخمسين على ركح المسرح البلدي لمدينة تونس حيث لم تجد بدا من تكريم الفنان المصري المغمور المرحوم أمين حسنين. مغمور وغير خاف على القرّاء الاعزاء لجريدة الشروق الغراء أن ذلك الفنان المصري لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بالفرقة الموسيقية التونسية التابعة لبلدية العاصمة التونسية. لذلك يبقى السؤال مطروحا على الفنان عازف آلة الشلو CELLO حول اختياره لفنان مصري كاد أن يكون نكرة غير مقصودة لحشره في احتفالية تاريخية تروي المسيرة الفنية لفرقة البلدية الموسيقية على امتداد نصف قرن تداول خلاله عل إدارتها ثلة من الموسيقيين التونسيين أمثال الاستاذ الكبير والفنان القدير محمد سعادة وأمير الكمان الفنان رضا القلعي (1931 2004) في مطلع الخمسينات وضمت بين أعضائها الشيخ خميس الترنان 1890 1964، أما في مطلع السبعينات فإن فضل إحيائها بعد أن ظلت على امتداد عشرين عاما رسما دارسا ونسيا منسيا يعود الى الموسيقار محمد الرفي الذي أخرجها من سبات أهل الكهف وأعاد اليها الحياة مثل طائر الفينيق PHENIX الذي يخرج من الرماد وسبحانه يحيي العظام وهي رميم. لماذا الجحود ؟ ففي 25 جوان 1977 قدم محمد الرفي أول حفل لتلك الفرقة البلدية التي تداول على إدارتها كل من الفنان أنور ابراهم ومحمد عبيد في الثمانينات. وها هي تعود اليوم بإدارة عازف الشلو الفنان نوفل بن عيسى لتحتفل بالذكرى الخمسين لانبعاثها فيبادر فناننا التونسي بتكريم فنان مصري دون أن يتكرم بتكريم الرواد لعل أبرزهم أستاذه الفنان صالح المهدي شهر زرياب ووالده عبد الرحمان المهدي 1901 1993 الذي كان آنذاك عضو بالمجلس البلدي، أما العجب العجاب في فناننا عازف الشلو نوفل بن عيسى جحوده لكرامات أستاذه صالح المهدي وقد كان محور رسالته الجامعية لنيل شهادة الاستاذية من المعهد العالي للموسيقى بتونس قبل أن يتحوّل الى باريس حيث واصل دراساته العليا بجامعة الصربون SORBONNE الفرنسية وتوّجها بشهادة الدكتوراه في الطبوع التونسية. لماذا ؟ وكان من الطبيعي أن يلتحق الفنان نوفل بن عيسى بفرنسا ليدرس في رحاب الجامعة الفرنسية زمات المزموم وخانات الاصبعين وأذيال رصد الذيل وبقية الطبوع التونسية مثل المحيرات أما لماذا جحد نوفل بن عيسى أفضال ولي نعمته صالح المهدي وكرامات أستاذه الثاني محمد سعادة وقد حظي بشرف التتلمذ على يديهما فإن الرد سيبقى في جرابه الى حين إتحافنا به في الابان وأما عن برمجته حفل تكريم الفنان المصري أمين حسنين في إطار الاحتفال بالذكرى الخمسين لانبعاث الفرقة البلدية الموسيقية التونسية فإن الرد سأتحف به قرّاءنا الكرام حتى يكونوا على بيّنة من الاسباب والمسببات التي أوقعت نوفل بن عيسى في فخ الانبتات والجحود والعقوق حيث أزاح أساتذته من المؤسسين التونسيين لتلك الفرقة البلدية سنة 1954 وهم مازالوا على قيد الحياة وقد تتلمذ على يديهم وأعني الاستاذين صالح المهدي ومحمد سعادة فضلا عن بقية رواد الفرقة أمثال أنور ابراهم ومحمد عبيد ومحمد الرفي وقد تداولوا على إدارة تلك الفرقة وأثروا رصيدها إبداعا وإمتاعا وإشعاعا في الثمانينات وفضل عليهم جميعا فنانا مصريا مغمورا كاد أن يكون نكرة مقصودة وهو المرحوم أمين حسنين الذي لا يمت بأي صلة من الصلات بالفرقة البلدية التونسية. كوكتالات وفحوى ردي يكمن في أن حفل تكريم أمين حسنين كان سابقا لاحتفالية الذكرى الخمسين لانبعاث الفرقة البلدية ولا أدل عل ذلك من أنه كا مبرمجا في إطار مهرجان المدينة الرمضاني الذي أغرق دورته الثانية والعشرين لهذا العام في بحر التمصر والتمصرن من الافتتاح الى الاختتام. من ذلك ان المطربة الجامعية الدكتورة درصاف الحمداني قد حباها السيد المختار الرصاع مدير المهرجان بحظوة افتتاح الدورة الجديدة لمهرجان المدينة فأعدت كوكتيلا أي ذيل الديك بالانليزية COCKTAIL تكريما لأم كلثوم ونسجت على منوالها المطربة الجامعية الدكتورة عبير النصراوي فخاطت هي الاخرى ذيل سردوكها بكوكتيل من أغاني محمد عبد الوهاب واقتفت أثرهما المطربة الجامعية الدكتورة شهرزاد هلال فخاطت رداء ديكها بكوكتيل كلثومي النسيج وليس مريّشا ريشه مثل سردوك الامين النهدي «المنتف» تنتيفا. تهافت وأمام هذا السباق المحموم لمطرباتنا الجامعيات وهن يتهافتن في تهافت التهافت لتنتيف ديكهن من خلال تكتيكات الكوكتالات التكريمية للاغاني المصرية أدلى الدكتور نوفل بن عيسى بدلوه فأخذ كتاب الطبيب الدكتور لطفي المرايحي حول الفنان المصري أمين حسنين سيرة ذاتية ومسيرة إبداعية واستمد منه كوكتاله التكريمي لذلك الفنان المصري المغمور. ولا أدل على ذلك من أنه قدم منه فقرات في برنامج نسمات الصباح التلفزي معلنا عن حفله المبرمج بحدائق قصر خير الدين في إطار مهرجان المدينة الرمضاني. ولما ألغي الحفل دون سابق إعلان شال عازف الشلو نوفل بن عيسى آلته الوترية وأبى إلا أن يغرق من جديد في قديم الاغاني المصرية فأكرم مع المغني نور الدين بن عائشة فنانين مصريين صالح عبد الحي وابراهيم حمودة. من... الى ونافلة القول أن أقول للفنان نوفل بن عيسى رب تكريم تحول الى تقزيم ولا أدل على ذلك من أن حفل تكريم الفنان المصري أمين حسنين لما ألغي من مهرجان المدينة الذي لم يعد برمجته مثلما فعل مع حفل علي السريتي وليلى حجيج الذي أجل دون إلغاء وكان مسك الختام للدورة الجديدة لمهرجان المدينة الرمضاني لم يجد نوفل بن عيسى بدا من برمجته خارج إطاره الزمكاني أي مهرجان المدينة وشهر رمضان فاستغله لتقديمه في غير سياقه في احتفالية الخمسينية للفرقة البلدية التونسية وكأن حفل تكريم أمين حسنين صار صالحا لكل زمان ومكان لكن فاته قولة ابن العميد في الجاحظ «لكل مقام مقال» وعجبا كيف تفوته وهو الدكتور في المقامات التونسية من جامعة الصربون الفرنسية؟!