اتحاد الشغل يُوضح: لسنا معنيين بدعوات التظاهر انطلاقا من بطحاء محمد علي    بالفيديو: سعيد يستعرض صور الأطفال المجوعين في غزة أمام كبير مستشاري ترامب    عاجل: أعلى درجات الحرارة المسجلة الثلاثاء كانت 48 بتوزر و47 بقبلي    لإنقاص الوزن والوقاية من السكري... تناول الطعام بهذا الترتيب    وزارة التعليم العالي تكشف موعد الاعلان عن نتائج المناظرات الوطنية للدخول إلى مراحل التكوين الهندسي    تعزيز السباحين المنقذين    مع الشروق : «الشرق الأوسط الجديد« و«إسرائيل الكبرى»... بأياد عربية !!    عاجل/ الحرارة تصل 36 درجة هذه الليلة    عاجل/ البرلمان يصادق على اتفاقية قرض جديد    عاجل: موجة الحر: تصنيف ولايات قبلي وتوزر وقفصة في مستوى الإنذار البرتقالي    توزر: اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث تقيّم الأضرار الناجمة عن العاصفة الرملية    زغوان: رجال الإطفاء يسابقون الزمن لإخماد نيران مصنع 'الفريب'    وزير التجارة يتابع نسق التزود بالمواد الغذائية بجزيرة جربة    عاجل/ تجاوزت معدلات ال5 سنوات الأخيرة: كميات الحبوب المجمعة الى حدود جويلية    بالاس يستأنف أمام المحكمة الرياضية ضد استبعاده من الدوري الأوروبي    بوحجلة: الإعلان عن برنامج المهرجان المغاربي للفروسية    الفنان زياد غرسة في افتتاح مهرجان تستور الدولي [صور+ فيديو]    شمس تختفي لمدة طويلة.. الكسوف الكبير يجي على قريب    وسيم الصيد يشارك في الدورة الدولية لكرة الطاولة أكابر بنيجيريا    تونس: طقس حارّ إلى غاية الخميس ثم تنفرج    عاجل/ قروض بقيمة 200 ألف دينار دون فوائض لفائدة هؤلاء..    عاجل: امتيازات ديوانية للتونسيين العائدين نهائيًا من الخارج...التفاصيل    الالعاب العالمية الجامعية: عهود بن عون ومحمد خليل الجندوبي يعبران الى نصف نهائي مسابقة التايكواندو    القصرين : الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تستكمل انتاج الورق المخصّص لطباعة الكتاب المدرسي لسنة 2025&8203;    عاجل/ تفاصيل جديدة في حادثة مقتل شاب تونسي بايطاليا..والده يكشف ويوجه هذا النداء..    قابس: تدعيم قسم الأنف والأذن والحنجرة بالمستشفى الجامعي بقابس بتجهيزات متطورة    عاجل/ خلال يومين: استشهد 23 فلسطينيا من بينهم أطفال بسبب الجوع في غزة..    المجلس الوطني الفلسطيني يحذر من التراخي الدولي "غير المبرر" إزاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة..    اللجنة الأولمبية القطرية تؤكد مشاركتها في النقاشات الجارية لاستضافة أولمبياد 2036    هند صبري تودّع والدتها بكلمات مؤثرة: "كانت ابنتي وصديقتي ورفيقة دربي"    عرض "سينوج - اوديسي" على ركح مسرح الحمامات الدولي: ملحمة موسيقية جمعت بين المزود و"الروك"    الرّابحي يدعو إلى حماية المياه المعلّبة من أشعة الشمس ومعاقبة كُلّ من يرفض التّجاوب..    قبلي: تواصل التحضيرات استعدادا لانطلاق موسم تغليف عراجين التمور    عاجل: 4 قرارات من وزيرة العدل تتعلق بانتدابات جديدة في القطاع العمومي    الزهروني: "سيف" في وجه فتاة وحملة أمنية تطيح بعدة منحرفين خطيرين    وزير الداخلية يؤدي زيارة عمل إلى فرنسا    جامعة النزل : 25% من الوحدات السياحية أغلقت أبوابها خلال السنوات الأخيرة    تنبيه هام : شوف كيفاش تعدّي موجة الحر بسلام وتخفض في فاتورك !    راغب علامة يعلّق على قرار منعه من الغناء في مصر: ''اعتبروني عبد الحليم حافظ أو سعاد حسني''    السخانة طالعة... تبع النصايح قبل ما توصل للمستشفى!    بطولة سيغوفي الاسبانية للتنس: عزيز دوقاز يواجه اليوم المصنف 225 عالميا    تحذير يهم التونسيين : كيف تؤثر حرارة الصيف على جودة المياه المعدنية؟    بسبب ''قُبلة'' من فتاة: منع راغب علامة من الغناء في مصر    النادي الإفريقي: تواصل التحضيرات بالحديقة .. ومباراة ودية في البرنامج    وزارة الصحة تحذّر: أدوية قد تصبح خطيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة    عاجل/ "الصوناد" تكشف الأسباب الأوليّة للحريق الذي نشب بمحول محطة ضخ المياه..وهذه المناطق ماتزال دون ماء..    حريق هائل بمحل لجمع فضلات حفاظات الأطفال..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    كرة القدم العالمية: على أي قنوات تُبث مباريات الثلاثاء 22 جويلية ؟    خطية بين 100 و300 دينار لكل من يرمي سيڨارو في الشارع    الاحتلال يقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة ويحتجز موظفين    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    المدرسة الجاسوسية .. تاريخ غامض وموقع استراتيجي    الأرض على موعد يومين من أقصر الأيام في تاريخ البشرية!    تاريخ الخيانات السياسية (22) .. حكاية الرشيد وجعفر البرمكي    بعد حادث نيجيريا: المنتخب التونسي لألعاب القوى يعود بسلام    راغب علامة ممنوع من الغناء في مصر    جندوبة: 10 سهرات خلال مهرجان بلاريجيا الدولي والقضية الفلسطينية حاضرة في البال    عاجل: ما ينتظر التونسيين هذا الأسبوع..حرارة مرتفعة أجور تنتظر وعطلة قادمة    









تحاليل «الشروق»: العرب تركوه وحيدا في الغزو والاحتلال...هل يكفي الصراخ بأن «عروبة العراق في خطر»؟!
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

حذّر وزير الخارجية الاردني مؤخرا من ان «عروبة العراق في خطر»... وأضاف ان بلاده تملك أدلة على جهود تبذل ل «اقامة هلال شيعي يمتد الى سوريا ولبنان والعراق»... هذا التصريح الخطير يستمد أهميته من أنه اخرج ازمة ما فتئت تعتمل في صمت الى دائرة العلن... لأن عروبة العراق هي فعلا في خطر ومستهدفة من عديد الاطراف...
والواقع أن هذا التصريح على أهميته يأتي متأخرا بعض الشيء... لأن نظام الرئيس صدام حسين سبق وأن نبّه الى هذا الخطر... ونبّه الى وجود مؤامرة دولية تستهدف وحدة وعروبة ومستقبل العراق... كما سبق له ان استنهض العرب والضمير العربي للتصدي للمؤامرة الكبرى التي تستهدف الأمة بأكملها... والتي يشكل العراق محطتها الاولى او حلقتها الافتتاحية... ولقد كان التحدي واضحا تماما لدى الرئيس صدام حسين حين حذّر مع مطلع التسعينات من أن المناهج والبرامج التربوية للاجيال العربية القادمة سوف يحددها اعداء الأمة متى تواصلت سلبية العرب وتقاعسهم عن التصدي لهذه الهجمة الشرسة...
ولقد كان مثل ذلك الخطاب السياسي الواعي والمستنهض للأمّة من بين الاسباب التي حكمت على العراق بتلقي هذا المصير المظلم... ولعل اكذوبة اسلحة الدمار الشامل التي افضت الى غزو العراق واحتلاله كان يقصد بها أساسا القاعدة العلمية التي بناها العراق وكذلك هذا الطرح المتصدي لأبعاد مؤامرة تذويب الهوية العربية في ما بات يسمى الشرق الاوسط الكبير وشمال افريقيا وما بات يركب زورا وبهتانا قطار الاصلاح...
ونحن نذكر جيدا تلك الجلسة الصاخبة التي عقدتها لجنة الاستماع في الكنغرس الامريكي قبيل العدوان على العراق والتي تولى أثناءها كولن باول وزير الخارجية شرح دوافع الحملة الامريكية على العراق واهدافها الظاهرة والخفية... وقد أوجزها في ذلك الوقت في اسقاط نظام الرئيس صدام واتخاذ العراق قاعدة متقدمة ل «اعادة تشكيل المنطقة بما يستجيب للمصالح الامريكية»... وهو ما يعني بصريح العبارة وجود مخطط استراتيجي امريكي حان وقت تنفيذه ويفترض ان يكون العراق اولى خطواته لتتدحرج بعده كرة النار الى باقي المواقع والأهداف...
وقد بات واضحا الآن ان هذا المخطط كلّه شر ودمار ليس على العراق وحسب بل وعلى باقي الدول العربية وحتى الاسلامية حيث بات الجميع يقعون في دائرة ضغط عنيف لا يترك مجالا لالتقاط الانفاس ويهدف الى اخضاع الجميع للهيمنة الامريكية... ومن شرور هذا المخطط المباشرة على العراق انه انهى سيادة الدولة واجتث المؤسسات ليتحول العراق الى مرتع للفوضى وعدم الاستقرار حتى يتسنى تمرير المخطط وسط هذا ا لدخان الكثيف وحتى يضمن القائمون على هذا المخطط انكفاء الجميع من جوار اقليمي وعمق عربي ومجتمع دولي وتسليمهم بالامر الواقع.
والأمر الواقع يطلق العنان للايدي الخبيثة من كل الالوان والاشكال لتعبث بالعراق ولتحوله الى ساحة مفتوحة للتجاذبات ولصراعات المصالح والنفوذ بما يهدّد فعليا سلامة اراضيه ووحدته الترابية ومستقبله كبلد... وليس خافيا في هذا ا لباب عبث الايادي الصهيونية في العراق سواء ما تعلق منها بشراء الاراضي والعقارات او ما تعلق بالتخطيط لاقامة كيان يهودي في شمال العراق أو ما تعلق بأحلام اعادة احياء انبوب النفط: كركوك حيفا الذي نبّه الاتراك الى أن العدوان الاخير على منطقة تل عفر يدخل في اطار الاعداد لهذه الطبخة... هذا دون الحديث عن الصفقات المباشرة في مجالات التزويد او إعادة الاعمار والتي جعلت مقدرات العراق نهبا لمن هبّ ودبّ وفي طليعتهم الشركات الصهيونية.
في خضم هذه الفوضى تصبح كل السيناريوهات ممكنة وتنفلت كل النعرات والطموحات من عقالها... وتسارع كل جهة الى تأمين نصيب لها من الكعكة راكبة تارة النعرات الطائفية والعرقية وتارة المصالح الانانية الضيّقة او منطق الصفقات التي تعقد تحت الطاولة على حساب عروبة العراق ومستقبل العراق... والسؤال الكبير هنا يقول: أين كان العرب حين كان العراق يصرخ وينبّه الى كل هذه المخاطر؟ ولماذا يقفز العرب على الاسباب ويتجهون الى النتائج؟
ذلك ان مأساة العراق لم تنزل من السماء كما أنها لم تبدأ حتما مع ما ظهر من مخاطر قيام هلال شيعي وهي مخاطر جدية وتبقى مدانة جملة وتفصيلا... لكن هذه المأساة بدأت مع الاحتلال الامريكي الذي دمّر العراق دولة وشعبا ومقدرات وفسح المجال لكل من هب ودب للادلاء بدلوه في هذه البئر العميقة... والمنطق السليم يقتضي من جميع الخائفين على عروبة العراق ان ينتبهوا اولا الى العلّة الكبرى ممثلة في الاحتلال الذي يلغي ارادة الشعب العراقي ويتولى ترتيب اوضاعهم حاضرا ومستقبلا نيابة عنهم... والذي باتت ورطته في المستنقع العراقي تغري اطرافا اقليمية ودولية بالانخراط في لعبة المصالح وفي لعبة تهيئة الاوضاع تحسبا ليوم ترتخي فيه قبضة الاحتلال بالكامل ويقرر الهرب من جحيم العراق...
ومتى اتجه العرب الى الاسباب الحقيقية والمباشرة فسيكتشفون حجم الحيف الذي ارتكبوه في حق العراق مرتين... مرة حين تركوه وحيدا يواجه غزوا همجيا من اعتى قوة في العالم... ومرّة حين تركوه وحيدا يتخبط في عتمة الاحتلال تنهشه الضباع والضواري.
فهل يرضى العرب بالغياب الى ما لا نهاية ليفتحوا عيونهم في الاخر على عراق مفتت الى دويلة شيعية ودويلة يهودية واخرى كردية ورابعة سنية ليدركوا ان كرة النار لن تتوقف عند العراق بل انها متدحرجة لا محالة الى سوريا ولبنان كما قال وزير الخارجية الاردني؟ وهل يتمادى العرب في الغياب زمن الحضور ويصرّوا على عدم الاتعاض بحكاية الدبّين الابيض والاسود وكيف اقتنع الثاني (بعد فوات الاوان) بأنه أكل يوم اكل الدب الاول؟
ان مجرّد التباكي لم يعد يجدي نفعا والمطلوب الآن هو تحرك ينقذ العراق من واقع الاحتلال ومن مخاطر التفتيت وضياع هويته العربية... وهي مخاطر فعلية، وقد تكون الانتخابات القادمة بمثابة الصاعق الذي سيفجّرها من خلال حرب اهلية تكون الوقود الحقيقي لاشعال فتنة تنتهي فعلا بتقسيم العراق لاقصائه نهائيا من معادلات المنطقة قبل المرور الى «الهدف الاستراتيجي والى الجائزة الكبرى» اللّذين تحدثت عنهما كوندوليزا رايس بصريح العبارة مع بدايات غزو العراق... واللذين قد تشرف على تحقيقهما بعد أن قذف بها الى وزارة الخارجية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.