مازال التوقيع على الدستور العراقي المؤقت يثير ردود الفعل الغاضبة من كبار المرجعيات الشيعية... عبد العزيز الحكيم عضو مجلس الحكم الانتقالي غاب يوم التوقيع وأناب من وقع بدلا عنه... لكن ذلك لم يمنعه من ابداء تحفظات بالجملة على هذا الدستور متحدثا عن مخاطر حقيقية لمثلها على مستقبل العراق. واذا كانت مواقف «الحكيم» جاءت متدثرة بالكثير من الدبلوماسية بحكم وجوده في التشكيلة التي عينها الامريكان لحكم العراق وقتيا، فان بقية المراجع أطلقت مواقف بدون قفازات حيث قال السيستاني ان الدستور المؤقت «عار تاريخي» فيما قال مقتدى الصدر بأن هذا الدستور «باع العراق»... واذا كان هذا الدستور «خطرا على مستقبل العراق» و»عارا تاريخيا»... واذا كان بمثابة وثيقة «بيع العراق» فان سؤالا كبيرا يطرح نفسه، اذن لماذا قبله ممثلوا الشيعة وهم الاغلبية في مجلس الحكم ولماذا وقعوا عليه ولماذا لم يعترض في الابان كبار المرجعيات الشيعية على هذا النص وتركوه يمر؟ ومن رحم هذا السؤال الكبير يولد سؤال آخر يتعلق بمستقبل العلاقة بين المرجعيات الشيعية وبين قوات الاحتلال، هذه العلاقة التي بنيت على أساس العداء المشترك لنظام الرئيس صدام حسين والتي تحاول قوات الاحتلال تجييرها لحساب مخططها القاضي بغزو العراق واحتلاله... والأكيد ان ما ظهر من فصول المخطط الامريكي للعراق وللمنطقة العربية كان كافيا ليدرك رموز الطائفة الشيعية بأن الامريكان جاؤوا محتلين (كما اعترفوا هم بذلك وكما صنفتهم الاممالمتحدة) وليسوا «محررين» كما يحاول البعض تصويرهم، والمحتل لا يفرّق بين شيعي وسني ولا بين عربي وكردي وتركماني وآشوري ولا بين مسلم ومسيحي بل هو يسعى الى دق الاسافين بينهم وتغذية بذور الشك ولم لا الفتنة ليتلهوا في صراعات هامشية توفر له الغطاء والفسحة اللازمتين لتمرير مخططاته... وهي مخططات في غير صالح أبناء العراق جميعا الذين خسروا سيادتهم وحرية بلدهم وقد يخسرون وحدته الترابية اذا لم يفتحوا عيونهم على طبيعة المخطط الذي يستهدفهم ويستهدف مستقبل بلدهم... والذي بدأ بمصادرة القرار العراقي ووصل حدّ تمرير دستور ملغوم في انتظار ما هو آت.