الدوحة (الشروق) : فيصل البعطوط يشرف العراق على مرحلة جديدة مليئة بالإثارة وبالتطورات الدراماتيكية سياسيا وعسكريا بعد الزيارة العاجلة التي أداها «بول بريمر» الى واشنطن.. ومن ثمة اجتماعه الحاسم مع أعضاء مجلس الحكم الانتقالي وتوقيعه على اتفاق بنقل السيادة الى العراقيين على ثلاث مراحل موزعة على اماد زمنية قصيرة المدى، فمتوسطة المدى، ثم طويلة المدى.. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية في قطر ل «الشروق» أنه من المتوقع ظهور خارطة جديدة للحكم في العراق، تقوم بالخصوص على مجلس رئاسة بثلاثة رؤوس (سني وشيعي وكردي) يتناوبون على حكم العراق سنويا، وذلك استئناسا بالتجربة البوسنية التي ترى الادارة الأمريكية أنها كانت ناجحة.. لكن قبل ذلك سوف يتم توسيع مجلس الحكم الانتقالي الحالي ليضمّ أطيافا سياسية وفكرية أهمها السنة التي ظلّت مهمّشة إلى حدّ الآن.. ومن ثمّة انتخاب حكومة عراقية تتولّى تسيير الأمور بالكامل.. وأضافت مصادر «الشروق» التي تراقب التطورات العراقية بشكل لصيق، ان الادارة الأمريكية لم تعد تشترط دستورا عراقيا في الآجال المحددة سابقا.. وان ذات الادارة تريد الآن سريعا من اللاعبين السياسيين العراقيين إبراز اتفاق مبدئي على خطوط عريضة للدستور.. وتأتي هذه التطورات بعدما أقرّت الولاياتالمتحدة برغبتها في تسريع تسليم السلطة الى حكومة عراقية في مدى سبعة شهور من الآن، رغبة منها في تخفيف وطأة الملف العراقي الملتهب على مجرى الانتخابات الأمريكية المقبلة. وتوقعت مصادر «الشروق» أن تترافق هذه التطورات السياسية بأخرى عسكرية مهمة، تقضي بانسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من العاصمة بغداد، حتى يتم اخلاؤها نهائيا من التواجد العسكري الأمريكي الظاهر في أجل يوازي أجل الانتهاء من الجدول السياسي المرسوم.. وأضافت المصادر أن القوات المنسحبة، ستعود الى قاعدة «السيلية» في قطر، حيث مركز القيادة الوسطى الأمريكية، وحيث سيستقر الجنرال «جون أبي زيد» مع عدة مئات من ضباطه، ليتولوا مراقبة الوضع الميداني عن كثب، وبدون خطر التعرض الى حرب استنزاف أقضت مضجع الادارة الأمريكية منذ فترة.. وتتوفر قاعدة «السيلية» على معدات اتصال متطورة جدا تضاهي تلك التي تملكها الولاياتالمتحدةالأمريكية في مقر القيادة العام ب «تامبا فلوريدا».. كما كانت القوات الأمريكية أجرت قبل الحرب على العراق تمرين «نظرة من الداخل» في قاعدة «السيلية» مما يمكنها من مراقبة الوضع الأمني والعسكري من بعد وبسهولة. وسوف تتزامن كل هذه التطورات مع تحركات ديبلوماسية حثيثة تمهد لصيغة داخل العراق تحظى بقبول دولي أوسع وتتيح اصدار مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يضع مستقبل العراق السياسي على سكة حل مقبول عربيا ودوليا. وعلى خلفية القرارات الجديدة سيحل مجلس الحكم الانتقالي نفسه خلال شهور لا تتعدّى الخمسة، على أن يتم انتخاب المجلس الانتقالي الجديد قبل نهاية 2004، ريثما تتحول السلطة الى حكومة منتخبة وفق دستور دائم يقرّ وفق جدول زمني بعد أن يطرحه مجلس منتخب. ويذكر أن من بين ما تمّ تداوله حول نصّ القانون المؤقت بندا يحدد جدولا زمنيا لكتابة الدستور وانتخاب حكومة بديلة طبقا لأحكام الدستور الجديد قبل نهاية 2005، مع اجراءات لاختيار أعضاء مجلس انتقالي يستكمل اختياره في فترة لا تتجاوز ماي 2004 ليقوم بدوره بانتخاب حكومة عراقية مؤقتة جديدة قبل نهاية جوان المقبل، وستكون ذات سيادة ومعترفا بها دوليا لتنتهي بذلك حالة الاحتلال وتحل حينئذ سلطة الائتلاف وينتهي دور مجلس الحكم. وتأتي كل هذه التطورات على ضوء تدهور الوضع الأمني في العراق، وتوقع مزيد من التدهور، فيما يجمع المراقبون على أن حادث اسقاط المروحية الأولى الذي أودى بحياة أكثر من عشرين جنديا أمريكيا كانوا على متنها، بالاضافة الى الخسائر البشرية المتلاحقة قد سرّع بهذه القرارات الجديدة.. ويذكر أن مروحيتين أمريكيتين قد تحطمتا الأسبوع الماضي أيضا وأسفر الحادث عن مصرع سبعة عشر جنديا أمريكيا دفعة واحدة.. مما يؤكد على سرعة اصلاح الولاياتالمتحدة لوضعها العام في العراق.