مما لاشك فيه انه حتى الحروب لها قوانينها وضوابطها وأنظمتها الخاصة. كما جاءت اتفاقيات جينيف حول اسرى الحرب منظمة لأوضاع العسكريين والمدنيين زمن الحرب. لكن الجيوش المدللة لكل من شارون وبوش يبدو انها لم تطلع على حرف واحد من هذه الاتفاقيات ولا تفكر يوما في تطبيق او احترام سطر واحد او فقرة يتيمة من هذه المعاهدات الدولية.. وهي تعيدنا بذلك لعصور الظلام والهمجية وشريعة الغاب. فاذا وجدنا جنودا اسرائيليين يتلهون بقتل التلاميذ في مدارسهم داخل الاراضي المحتلة او حتى ضابطا من رتبة سامية يتلذذ بافراغ خزان رشاشته في جثة صبية فلسطينية فارقت الحياة بعدما اشبعها جنوده قتلا وتنكيلا فإننا نجد في نفس الوقت وعلى الساحة العراقية جنودا من مشاة البحرية الامريكية يغتالون الاسرى والعزل من السلاح والأبرياء داخل مسجد او في الطريق العام وعلى رؤوس الملاء. وإذا وجدنا طائرات الأباتشي تهاجم المنازل وتدك الاحياء السكانية وحتى المستشفيات ودور العبادة في الاراضي المحتلة او تقتنص ابطال المقاومة في سياراتهم وجدنا في نفس الوقت الطائرات الحربية الامريكية تغير على الفلوجة في اواخر الشهر المبارك وحتى خلال ايام العيد، بموافقة ومشاركة ومساندة حكومة مؤقتة يفترض فيها ان تلم شتات شعبها وتداوي جراحه وترأب صدعه وترص صفوفه لإعادة البناء وكسب الثقة وارجاع الامن والطمأنينة للنفوس خدمة للبلاد والعباد لتزرع الموت والدمار ولتسقط المنازل على رؤوس سكانها من المدنيين والابرياء كما صار من المعهود ان نشاهد افراد هذه القوات الغازية تجهز على الجرحى وتغتال الابرياء بحجة انها تشتبه في انتمائهم للمقاومة او لشبكات ارهابية وهمية. لقد ثبت للعالم ان القاسم المشترك بين الصديقين الصهيوني والامريكي هو الغطرسة وقهر الشعوب وزرع الموت والدمار وتوزيع كؤوس الردى على افراد الشعبين الفلسطيني والعراقي المسالمين والأعزلين. انه حلف جديد.. حلف من نوع خاص يستبيح الاوطان وينتهك الحرمات ولا يعبأ بالمواثيق الدولية ولا يتورع عن ارتكاب كل المحرمات وانتهاك الذات البشرية وكرامة الانسان ودوس حقوقه في سبيل اذلال الامة العربية وتركيعها. لكنهم واهمون.. انهم مصابون بداء النسيان فهذه الأمة التي انجبت ابطالا من طينة صلاح الدين وأنبتت كل المجاهدين والثوار الذين اطردوا الغزاة والمستعمرين على مر العصور سواء في التاريخ القديم او الحديث لن تغفر لهم هذه التصرفات المعادية للانسانية وهي بصدد تلقينهم دروسا في النضال والتضحية والتصدي لكل مظاهر الهيمنة والاستعمار والاستخفاف بمصير الشعوب التي يظنون انها مستضعفة ولكنها بوثبتها وصمودها اثبتت انها اقوى من حديدهم ونيرانهم ودباباتهم وطائراتهم وصواريخهم، وحقدهم. فهل نسي الغزاة ان التتار سبقوهم على هذه الطريق المزلقة فلم يستقر لهم المقام بهذا البلد رغم قوتهم وطغيانهم وغطرستهم وتنكيلهم بالأهالي وتشريدهم للشعوب وهدمهم واحراقهم اغلب معالم الحضارة التي كانت تشع وتنير الانسانية.. لأنهم بكل بساطة اعداء الحضارة والانسانية. وهل نسي الانقليز المشاركون في احتلال العراق حاليا ان جيوشهم تكاد تفرغ عتادها وامتعتها وافرادها لتوها بعدما اطردتها المقاومة واجبرتها على الرحيل وترك البلاد لأهلها منذ عقود قصيرة وما قيمة هذه الفترة في تاريخ الامم والشعوب. ان امتنا العربية لا تطلب اكثر من تركها تنعم بحريتها لتقرر مصيرها وتتحكم في مقدراتها فهي لا تكره احدا ولا تهاجم او تغزو اي بلد لكنها لا ترضى بالظلم والاحتلال ودوس كرامتها ومحاولة مسخ حضارتها وتشويه دينها واصالتها وكل ما هو جميل ورائع فيها وفي حضارتها.