نظمت مدينة العلوم بتونس مؤخرا سهرة فلكية بمناسبة الاحتفال بالسنة الدولية للفيزياء التي تتزامن مع مرور 100 عام على اكتشاف نظرية النسبية من طرف «ألبار أنشتاين» في ثلاث ورقات عن «النسبية القاصرة»، و»النسبية العامة»، و»ثنائية الضوء». واستغل المنظمون هذه السهرة لتقريب الجمهور الغفير الذي توافد على المدينة من مذنب «مكهولز»، وقمر «تيتون» أحد أشهر أقمار كوكب زحل. فما هي خصائص هذا القمر؟ ولماذا يهتم به المختصون في الفلك منذ عديد السنوات؟ وهل صحيح أنه نسخة مطابقة للاصل من كوكب الارض؟ وذكر السيد هشام بن يحيى (من مدينة العلوم) أن الرحلات نحو «تيتون» أكبر أقمار كوكب زحل من بين 33 قمرا، انطلقت عام 1997، وقد هبط المسبار «هيغينس» على هذا القمر وبدأ في إرسال الصور والتقارير المفصلة عنه وتحديدا منذ 14 جانفي الجاري. ومن المنتظر أن ينزل المسبار الثاني «كاسيني» على نفس القمر في عام 2008. وأضاف متحدثا عن خصائص «تيتون» ومقارنته بكوكب الارض: «الهدف من النشاط الاخير لمدينة العلوم بتونس هو التعريف بقمر تيتون، وهو من أكبر أقمار كوكب زحل، يبلغ قطره 2570 كيلومترا أي حوالي 40 من قطر الارض، ويبعد عن كوكب زحل بقرابة المليون و200 ألف كلم. وتصل درجة الحرارة فيه الى 180 درجة تحت الصفر بسبب بعده عن الشمس». ** مبررات وتعود أهمية هذا القمر الى أسباب عدة أهمها: القمر الوحيد من بين 120 قمرا في المنظومة الشمسية الذي يحتوي على غلاف جوي سميك، ومشابه للخلاف الجوي للارض. الاعتقاد السائد أن معرفة أسرار هذا القمر تقود بالضرورة الى تفسير أصل الحياة. هو نسخة مطابقة للاصل من الارض قبل 4 ملايين عام عندما كانت الارض منخفضة الحرارة، وذات أجواء باردة وثلجية. يضم هذا القمر ما يسمى بالكيمياء المعقدة مما قد يساهم في معرفة كيفية تطور الارض نحو الحياة. يحتوي تيتون على المواد المرتبطة بالحياة مثل الهيدروجين والكاربون والاوكسجين. أطلق عليه بعض المختصين اسم «الارض قبل ظهور الحياة». ** مصدر الحياة وأشار السيد هشام بن يحيى في معرض حديثه عن مسألة وجود الحياة بقمر تيتون من عدمه الى أن هذه الخصائص تدفع الى الاعتقاد بوجود إمكانية للتطور أو أن الحياة ولو في مظهرها البدائي موجودة بهذا القمر رغم ارتفاع درجات الحرارة فيه. وأضاف يقول: «البحوث مازالت متواصلة للعثور على أي دليل للحياة في القمر الذي يشبه في كثير من صفاته وخصائصه كوكب الارض، ويكفي للتدليل على وجود الحياة العثور على خلايا أو مؤشرات لحياة بدائية. ويبرر العلماء قناعتهم بإمكانية وجود هذه المؤشرات قائلين بأن قمر «تيتون» يضم المواد الكيميائية التي تدل على الحياة مثل الاوكسجين، والكاربون. كما أن الصور الملتقطة مؤخرا تشير الى أن تربته صلبة، ومبللة إضافة الى وجود الاودية، والجبال، والتضاريس الارضية بهذا القمر. وتؤكد الدراسات أيضا أن أجزاء وتقسيمات الغلاف الجوي لقمر تيتون مشابهة تماما لاجزاء وتقسيمات الغلاف الجوي للارض من حيث نسب، ومعدلات «الميتان»، و»الكاربون» و»الاوكسجين»، ومواد أخرى فيهما. لكن ما هو الهدف الاساسي من التركيز على هذا القمر العجيب؟ يجيب الاستاذ هشام بن يحيى قائلا: «الهدف الاهم هو إيجاد تفسير للكيفية التي تطورت بها الارض لتصبح كما هي الآن حية ونشيطة. وقد بلغت تكلفة الرحلة نحو قمر تيتون حوالي 540 مليون دينار».