اضافة الى استعمالاتها لأجل غايات عسكرية (في حرب) توظف الطاقة الذرية لأجل غايات انسانية نبيلة فالى جانب استعمالها في القطاع الفلاحي وفي الكهرباء اصبحت توظف في القطاع الصحي وظهر نتاج ذلك اختصاص يعرف بالطب النووي فما معنى الطب النووي؟ وما هي مجالات تدخلاته أو الأمراض التي يعالجها؟ في تعريفه للطب النووي يؤكد الدكتور عبد المنعم كريم المتحصل على شهادة في هذا الاختصاص (بباريس) أنه أي الطب النووي يقوم على استعمال مواد ذرية (نووية) في جسم الإنسان لغاية الكشف والعلاج. وبما أن كل عضو من أعضاء جسم المريض له مادة معينة يمتصها فالقلب مثلا يمتص مادة الطاليوم والغدة الدرقية تمتص مادة اليود والجهاز العظمي يمتص مادة الفسفاط فإننا نحاول تركيز هذه المواد أواعطائها للجسم بطريقة نووية كتركيز اليود المشع في الغدة الدرقية وهو ما يؤدي إلى افراز أشعة من نوع «قاما» وليس من نوع (x) وبالاستعانة بالحساوب نتمكن من تحديد الاصابة بكل دقة ومن تحديد الخلل الوظيفي لهذا العضو أو ذاك وعليها تقوم بالاختبارات والتحاليل الطبية. **تشخيص الأمراض ويكشف الاختصاصي في الطب النووي الدكتور عبد المنعم كريم مزايا استعمال الموادالذرية فيقول : «المشكل أن التقنيات الطبية الأخرى تعجز عن الكشف عن بعض الاصابات فالصورة لا تبين في بعض الأحيان تعرض الرياضي اثر سقوطه ولا تحدد مستوى «التشعيرة» في العظم ومثل هذه التقنيات يصعب عليها الكشف عن جرثومة تصيب عظم بعض الأطفال وتحدث تعفنات ويتم الكشف عنها واستئصالها مبكرا في ظرف ساعات محدودة بينما في باقي التقنيات لا يتم الكشف عنها إلا بعد يومين أو 3 أيام. المواد الذرية تخوّل لنا الكشف أيضا عن انتشار السرطان في الجهاز العظمي وتحديد وظيفة وعمل الكليتين بكل دقة وعند وجود مشكلة أو انسداد في شرايين القلب فإن مادة مثل مادة التاليوم تمكن من معرفة حيوية خلايا القلب وفي اصابات الرئة وتعرض عروقها لإنسداد (Embolie.pulmonaire) فإن الطب النووي يتمكن من الكشف عنها بسرعة. **أمراض تعالج : عن أهم الأمراض التي تعالج يقول الدكتور (ع.ك) أن الطب النووي يساعد على معالجة الدراق أو كثرة افراز الغدة الدرقية (hyperthyroïdie) وهذا المرض يعالج بالحبوب لكن هذه الطريقة في المعالجة نسبية فنسبة نجاحها 50 اضافة الى أنها تتطلب فترة زمنية طويلة تصل في بعض الأحيان إلى عامين. العملية الجراحية بدورها قد تصحبها اجراءات تطيل في فترة العلاج وترفع من تكاليفه على المريض بينما المعالجة باليود فعالة بنسبة 99 تقريبا اضافة الى أن العلاج يتم في ظرف وجيز إذ لا يتعدى يومين على أقصى تقدير. اليود المشع يستعمل أيضا في الكشف وفي استئصال سرطان الغدة الدرقية مهما بلغت نسبة انتشاره في الجسم. **تكاليف باهظة وتبدو تكاليف الكشف في اختصاص الطب النووي باهظة جدا لأن هذه المواد التي يتم تصنيعها بتجهيزات نووية نضطر (في تونس) الى جلبها من الخارج واضافة الى كلفة الاستيراد التي تقع عن طريق الصيدلية المركزية وبترخيص من المركز القومي للوقاية من الأشعة فإن عملية الاستيراد هذه يجب أن تكون أسبوعيا لأن صلوحية الأدوية المشعة تتأثر بعامل الوقت فالتاليوم مثلا يفقد نشاطه كل 3 أيام واليود المشعّ يفقد نصف نشاطه كل 8 أيام. ورغم التشجيعات التي تقدمها الوكالة العالمية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيانا مقرا لها للبلدان السائرة في طريق النمو من أجل توظيف الطاقة النووية لغايات سلمية (في القطاع الفلاحي، في التعقيم، في التجميل، في الكهرباء...). يبقى مشكل الاستيراد مشكلا أساسيا يسهم في الترفيع في تكلفة العلاج كما أن استعمال الأشعة لا يخلو من تأثيرات سلبية على بعض التقنيين والعاملين في المحركات النووية.