هل يمكن حقا التوقي من الأمراض العضوية والمزمنة واستباق وقوعها.. عبر تشخيصها والكشف عليها فترات قبل إصابتها للجسد..؟ وهل باستطاعة أحد الاختصاصات الطبية العلمية الوقوف عند الارتسامات الأولى المهيأة للمرض العضوي وتتحرك صوب علاجات نفسية وذهنية تزيل كل احتمال لحدوث تعكّرات صحية منتظرة؟ تلك استفسارات طرحتها «الشروق» على اختصاصي في العلاج الطبيعي بالاسترخاء النفسي الجسدي. نسبة مرتفعة أوضح الأستاذ المنصف رجب في بداية حديثه ل»الشروق» ان ما يقارب من 85 من الحالات المرضية المعلومة تكون دائما وليدة لحالات نفسية مسبقة، على اعتبار ان ما يخالج النفس ويعتمل فيها ينعكس مباشرة على الجسد وبالتالي على عضو أو مجموعة أعضاء منه.. وأشار المتحدث إلى ان هذا المعطى مؤكد لدى كل الأخصائيين والباحثين والمعالجين، ويرى الأستاذ رجب أنه في ظل هذه المعرفة المؤكدة أصبح من الضروري واللازم الاهتمام الكلي بحالاتنا الداخلية أو النفسية والتي إذا ما اعتراها الاضطراب أو الفوضى تولّد حالة مرضية ما نتلجئ عند حدوثها إلى الطبيب الكلاسيكي سواء أكان في الطب العام أو في طب الاختصاص. طب مواز ومكمّل ودون أن ينفي ما يقوم به الطب الكلاسيكي من دور في نطاق مشمولاته لغاية تقديم العلاج الضروري، فقد أكد الأستاذ المنصف رجب وجود طبّ مواز ومكمّل للطب الكلاسيكي وهو ما ينعت ب»الطبّ البديل» أو «الطب التناوبي» والذي تنحصر محاوره حول طرق علاجية طبيعية لا يكون لها أي عوارض جانبية أو تداعيات سلبية إذا ما بوشرت من قبل مختص. وعن أنواع هذه الطرق العلاجية المكملة قال محدثنا ان أبرزها على الاطلاق هي طريقة العلاج بالاسترخاء النفسي الجسدي التي تمكّن من إزالة الآلام وتعالج جلّ الأمراض النفسية الجسدية (psychosmatiques) ومن هذه الأمراض ذكر: آلام الظهر والحساسية الجلدية أو التنفسية والصداع النصفي (الشقيقة) والخوف والضعف (الهزال ضعف التركيز الضعف الجنسي) بالاضافة إلى الخجل والتوترات والتشنجات والضغط النفسي (Stress). ويرجع محدثنا إمكانية الوقوف عند ملامسة أسباب الاصابة بأحد هذه الأمراض إلى محاولة التعرف على مضمون ما تقوم بتسجيله «آلة صغيرة» هي عبارة عن عضو ملتصق بجهازنا العصبي يعرف ب»système limlique» في شكل ارسال يبعث مباشرة إلى المخيّخ ثم إلى جهاز المناعة للجسم فالغدّة النخامية، وأوضح الأستاذ رجب ان نوعية الارسال تكون بحسب حالتنا الداخلية إذ يكون ايجابيا إذا كانت حالتنا الداخلية ايجابية ويكون سلبيا إذا كانت حالتنا الداخلية سلبية. ويواصل المتحدث «ما إن يتلقى جهاز المناعة الارسال السلبي حتى يعتريه الاضطراب ويصبح غير قادر على مراقبة الكرويات البيضاء التي يعنى برئاستها وإدارتها فيصبح الجسم تبعا لذلك عرضة للتأثر بأقل التعفنات والالتهابات كما أن الغدة النخامية ما إن يصلها محتوى الارسال السلبي المتحدث عنه حتى تصبح بدورها مضطربة في القيام بوظائفها التي منها انتاج عدة افرازات من أهمها المادة المعروفة ب»Mellatonine» وهي المادة المهيأة للنّوم و»Endorphine» وهي المادة المسكنة وهو الأمر الذي يجعل المرء عرضة للإصابة بالأرق مثلا ويصبح حساسا جدا لأبسط الآلام. طرق علمية للوقاية وفي اجابته عن سؤال ل»الشروق» حول طرق الوقاية من الأمراض السالفة الذكر أو معالجتها أفاد الأستاذ رجب أنه قد تمّ وضع منظومة تشمل عدة طرق للوقاية من هذه الأمراض أو معالجتها عند الاقتضاء. وأشار المتحدث إلى وجود 3 طرق باعتبار الاختصاص هي: 1) الهيبينوتيرابي: وهي العلاج بالتنويم وخلالها يتم تنويم المريض وتغييبه بنسبة معقولة عن وعيه قصد الحدّ من امكانات العقل الواعي وتمكين العقل اللاواعي (الباطن) من تطوير تلك الامكانات وتعويض ما علق بها من سلبيات بايجابيات. 2) المغناطيسية: وتعنى نقل الطاقة البشرية من جسم سليم ومعافى وهو جسم المعالج إلى جسم المريض المنهك أو المعتل. 3) الصوفرولوجيا (Sophrologie): وهي عبارة عن علم طبي ابتكره طبيب كولومبي الأصل (ألفونسو كايسيدو) وكان ذلك في اسبانيا سنة 1960، وهذا العلم هو عبارة عن علاج طبيعي يركّز على ربط تفاعلات الجسم بالنفس حيث إذا ما اعتل جسم الانسان تصاب مباشرة نفسه بحالات سلبية من شأنها تعكير الحالة المرضية لعضو أو لمجموعة أعضاء. محادثة و»استكشاف» ويرى الأستاذ رجب أنه تبعا لما أضحى يميز هذا العصر من تداعيات ناجمة عن ضغوطات العيش بما فيه من دراسة وعمل وبحث ومشاغل ومشاكل متباينة ومختلفة أضحت الفرصة ملائمة لكي يغمر الضغط النفسي جسمنا ونفسنا لتتولد عن ذلك الحالات المرضية المشار إليها.. لهذه الاعتبارات فإن محدثنا يوصي بالوقاية عاجلا من تلك الارهاصات المرضية بواسطة توخي طرق الاسترخاء النفسي الجسدي بالاعتماد مثلا على التنفس المنتظم واحداث الفراغ الذهني والانتفاع بالتصور المبرمج (Visualisation) والايحاء الذاتي وحلم اليقظة الوردي في أوقات يكون فيها العقل الواعي في أدنى درجات التقبل بينما يكون العقل اللاواعي أو الباطني في أعلى درجاته خاصة عند الاستفاقة من النوم وعند الاستعداد له. ويقول المتحدث ان ذلك في متناول الجميع شريطة ان تقع الاستعانة في أول الأمر بمختص على درجة من المعرفة والدراسة والحنكة. عوارض وحول سؤال ل»الشروق» عن آجال ظهور الحالة المرضية العضوية قال الأستاذ رجب:»حسب المعاينات والتجربة فإن الحالة المرضية العضوية كثيرا ما تبرز بفارق زمني كبير نسبيا عن الحالة النفسية إذ تبدأ هذه الأخيرة باظهار عوارضها المتمثلة في الحالات «البسيكو سوماتيكية» من قلق وأرق وتوتر وخوف غير مبرر وخوف من الخوف وضعف التركيز والتشاؤم والتطاير واللامبالاة ببعض الأمور الحياتية والانزواء وتحديد العلاقات وفقدان ما يعرف في اللغة المتداولة ب»شرهة الحياة». وأشار الأستاذ رجب إلى أنه يمكن الاستعانة بمواد طبيعية يصفها المختص للمريض كتلك المعروفة ب»Homéopatiques» أو النباتية أو العشبنية أو الزيوت المستخلصة أو المركزة والتي لها جميعا دور لا يستهان به علما بأن أغلب هذه الأدوية متداولة في السوق التونسية ومتوفرة وتباع في الصيدليات والتي إذا ما حسن وصفها واستعمالها ثبتت حتما نجاعتها وعدم اضرارها بالجسم.