تأثير «الشنقال» والصابوات طال كلّ شيء حتى المهن الأكثر إنسانية وألحق أضرارا بمن يطلق عليهم ملائكة الرحمة وأكثر من طبيب غلق عيادته وأكثر من طبيب آخر يعتزم تغيير مقرّه بسبب فقدانه لعدد كبير من حرفائه المرضى الذين أبعدهم الشنقال عن بعض العيادات. ففي شارع الحرية أحد أكثر شوارع العاصمة حركية وحيث تستقرّ الكثير من العيادات الخاصة تعلق الكثير من اللافتات التيكتب عليها انتقل الطبيب إلى مكان آخر وحتى من بقي من أصحاب هذه العيادات الخاصة نسبة غير قليلة منهم يستعدون للفرار بجلودهم والسبب الشنقال. الدكتورة شامة الربودي صاحب إحدى العيادات الخاصة تؤكد حجم المعاناة التي يعانيها الأطباء حيث تقول «إحقاقا للحق تراجعت نسبة الأرباح لأن كثيرا من الحرفاء ممن يعالجون عندنا أصبحوا يخيرون التوجه إلى عيادات أخرى ليست في وسط العاصمة وهذا ما دفع الكثير من الزملاء إلى تغيير مقراتهم وأنا بدوري خامرتني هذه الفكرة لكنني فضلت التريث في انتظار إيجاد حلول كالتكثير في عدد المآوى الخاصة للسيارات. الدكتور عماد الدين الشريف أحد المختصين في الجراحة لم يخف بدوره امتعاضه حيث يقول: «يثير الاشمئزاز من غير المعقول أن يأتي مريض في حالة استعجالية وبمجرد أن يضع سيارته يتم رفعها أنا بدوري بحكم عدم وجود أماكن شاغرة وقلة مآوى السيارات اضطر إلى ترك السيارة في باب الخضراء وأكمل بقية مسافة الطريق ماشيا إن استفحال هذه الظاهرة دفع الكثير من زملائي إلى تغيير مقرات عياداتهم وأنا بدوري أعتزم تبديل المكان هروبا من تأثيرات الشنقال حتى نجد مقرات أخرى نمارس فيها مهامنا الإنسانية في ظروف مناسبة وملائمة وأعتقد أن هذه المشكلة يجب أن تطرح على عمادة الأطباء حتى تتدخل ويضيف هذا الدكتور أن الإنقضاض على سيارات الأطباء وتكبيل أو رفع سيارات المرضى، مشاهد تتكرر كل يوم وتصيب قطاع الطب الخاص في الصميم. ومن جهتها تلقى السيدة (ف) المختصة في العلاج الطبيعي باللوم على السلط المختصة التي لم تعمل على إيجاد حلول جذرية تقول: «الشنقال» لا يرحم لا الطبيب ولا المريض في حالات تتطلب قليلا من الاجتهاد وتغليب الدوافع الإنسانية خاصة أمام بعض الحالات الاستعجالية. **لخبطة في المواعيد وتقرّ الدكتورة جيهان بكار الزريبي من جهتها أنه بالإضافة إلى مشكلة «الشنقال» والتي دفعت بالعديد من الأطباء لغلق عياداتهم وتغيير المقر تبرز في الوقت الحالي مشكلة الاكتظاظ وشلل حركة المرور وسط العاصمة وهذه المشكلة بالذات تجبر الكثير من الأطباء على البحث عن الاستقرار بالضواحي (بالمنار خاصة) وتضيف: «إن الاكتظاظ على مستوى حركة المرور داخل العاصمة أخّر المرضى عن مواعيدهم واضطرنا في بعض الأحيان إلى العمل إلى أوقات متأخرة في انتظار هذا المريض أو ذاك. أسوأ من هذا ان هؤلاءالمرضى الذين يأتون في بعض الأحيان من أماكن بعيدة عن العاصمة قد يجدون أنفسهم في مأزق فعلي بسبب الشنقال فتكون التكلفة للمريض مضاعفة وهو أمر غير مقبول ولا معقول؟؟ تأثيرات «الشنقال» و»الصابوات» مسّت للأسف بعض القطاعات الأخرى والمطلوب هنا قليل من الرحمة خاصة أمام بعض الحالات الإنسانية. * رضا بركة