أكدت مصادر عراقية متطابقة استمرار المعارك بين القوات الأمريكية والمقاومة العراقية في مدينة الفلوجة التي تعرضت إلى عمليات تدمير واسعة جراء الاجتياح الأمريكي الذي استهدفها في نوفمبر الماضي. وعلى وقع هذه المواجهات والدمار تتفاقم معاناة الأهالي من يوم لآخر في المدينة التي تحولت إلى «سجن كبير» بسبب الاجراءات الرهيبة التي تتخذها القوات الأمريكية ضد المواطنين. وتقول التصريحات التي يطلقها المسؤولون الأمريكيون من حين لآخر أنه قد تم القضاء على ما يصفونه ب»التمرد» وأن الوضع في الفلوجة في تحسن مطرد.. لكن الرواية التي يقدمها الأهالي تناقض ما يقوله الأمريكان حيث أكدت مصادر عراقية متطابقة أن المقاومة لا تزال تخوض معارك ضد القوات الأمريكية بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على اجتياح المدينة. استمرار... المواجهات ولاحظ محمد متعب الدليمي في هذا الصدد أن الوضع لايزال غير مستقر بالمدينة مشيرا إلى أن القوات الأمريكية تنفذ بين الحين والآخر اعتقالات ومداهمات ضدّ كل من تشتبه في وقوفه وراء هجمات تستهدف الجنود الأمريكيين. وأضاف الدليمي ان الأوضاع الأمنية لم تستقر والمواجهات المسلحة مستمرة في بعض أحياء المدينة وكذلك الاعتقالات العشوائية. ولفت الدليمي في هذا الصدد إلى أن هذا الوضع «المضطرب» دفعه إلى حد التفكير في «الهروب» من المدينة إلى حين استقرار الأوضاع. وأشارت مصادر عراقية من جهتها إلى أن أصوات الانفجارات لا تزال تسمع بين الحين والآخر في المدينة. لكن المصادر ذاتها أكدت ان استمرار المواجهات فاقم أوضاع الأهالي الذين عادوا إلى مدينتهم بعد الاجتياح الأمريكي الأخير. سجن... كبير وأوضح الدليمي في هذا الاطار أن الاعتقالات والاجراءات المشددة التي تتخذها القوات الأمريكية في الفلوجة حولت المدينة إلى «سجن كبير» حيث نظم الجنود الأمريكيون هويات خاصة تعتمد بصمات العيون لمن تثبت أنه من أهل المدينة الأصليين. ولا يسمح لغيرهم بالدخول.. وذكر الدليمي أنه وجد أن الدمار لم يشمل بيته والبيوت المحيطة به فقط بل امتد إلى محله في الحي الصناعي الذي دمر هو الآخر في القصف الجوي الأمريكي المكثف الذي تعرضت له المدينة. وقال فاضل حمادي من جهته أنه عانى ومعه المئات من الأهالي في عامرية الفلوجة الكثير وهم يسكنون الخراب وتحت الخيام في ظل ظروف الشتاء القارس وفي غياب أية مساعدة حكومية عدا بعض المساعدات الشعبية من بعض المدن العراقية والمنظمات الانسانية. وحسب فاضل حمادي فإن بعض المساعدات البسيطة التي قدمتها حكومة علاوي لتحسين صورتها أمام سكان الفلوجة لم تشمل إلا عددا محدودا من العائلات بالرغم من أنها لا تساوي شيئا أمام الدمار والتشرد الذي عانى منه الأهالي الذين لا يزال بعضهم مترددا بين تحمّل المزيد من المعاناة والتشرد في المخيمات وبين العودة إلى مدينتهم المنكوبة وبيوتهم المدمرة. ولفتت مصادر في هذا الصدد إلى أن عددا من البيوت المدمرة تم تحويلها إلى مدارس من أجل استئناف العام الدراسي خصوصا بعد الانقطاع الطويل عن الدراسة الذي شمل تلامذة المدينة. وتقول الطفلة هديل خالد التي لا يتجاوز عمرها التاسعة «عندما عدت إلى الفلوجة مع أسرتي اكتشفنا ان منزلنا احترق بالكامل وكذلك المنازل المجاورة والمدارس». وأضاف: «لقد أجبرت على الانتقال إلى مدرسة أخرى لكن كل كتبي سرقت ولا أدري كيف سأتمكن من متابعة الدراسة».