على هامش الملتقى الدوري لنادي القصة ملتقى القصة بين حضور النقد وغياب الابداع رشيدة الشارني انتظم أيام أوت الماضي بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات الملتقى الدوري لنادي القصة تحت عنوان »الكتابة القصصية والاتجاهات النقدية« وقد تأسس هذا النادي بالوردية سنة وكان خلال الستينات والسبعينات من أهم المنتديات الثقافية بتونس وزارته العديد من الشخصيات الأدبية في الوطن العربي ويترأسه حاليا الأديب محمد العروسي المطوي أطال ا& عمره ويصدر النادي مجلة فصيلة تعنى بالقصة والرواية وهو يحاول عبر هذا الملتقى اضفاء روح التجديد عليه وربط جسور التواصل بينه وبين مختلف أجيال القصة من جهة والنقاد والباحثين من جهة أخرى. تناوبت في هذا الملتقى مجموعة متميزة من الباحثين والأساتذة الجامعيين على تقديم الدراسات العلمية والبحوث النقدية حول القصة في تونس حيث تناول الأستاذ علي العبّاسي موضوع النقد، المقومات والأساليب وبحث الأستاذ أحمد السماوي في النص النقدي والمفاهيم الحديثة ورضوان الكوني في أجيال القصة القصيرة من خلال مجلة قصص وأحمد ممو في مفاهيم الكتابة السردية من خلال القصة القصيرة في تونس. أما الأستاذ البشير الوسلاتي فقد تناول مفهوم الرمز في القصة التونسية. وفي جلسة يوم السبت أوت تحدث الاستاذ محمد الجابلي عن تطور الكتابة السردية في الرواية التونسية وتناولت الدكتورة ألفة يوسف موضوع الكتابة القصصية والموروث السردي وبحث الأستاذ محمد زروق في البعد الواقعي في القصة والرواية واختتمت الجلسات بمداخلتين الأولى للأستاذ محمد الباردي وتحمل عنوان القصة النضالية. أما الثانية فهي للأستاذ محمد نجيب العمامي وتناول فيها بالدرس موضوع التجريب في القصة التونسية. إن المتثبت في محاور هذا الملتقى فيلاحظ أنها شاملة ومختلفة ومستفيضة وأنها لم تترك شاردة او واردة تتعلق بالقصة في تونس الا وتناولتها بالدرس والتحليل غير ان المتتبع لأشغالها يلاحظ اغراق بعضها في النظرية والتنظير واستعراض أحدث الأدوات النقدية والمصطلحات العلمية واعتماد لغة أكاديمية عقيمة تخلو من أي اجتهاد ابداعي وهو ما جعل المناقشات تبدو محدودة ومتكلفة وباردة على حد قول أحد المتابعين واعتقد ان مثل هذه البحوث والدراسات تقرأ بتأن بالغ أكثر مما تسمع في جو شديد الحرارة... ورغم ان بعض المداخلات الاخرى جاءت بلغة سهلة ومستساغة الا انها فضّلت أن تجتر تجارب قديمة وأهملت بشكل واضح أعمالا مهمة كانت محطات لافتة في مجال القصة والسرد. وغيبت أسماء كتاب حققوا الاختلاف والاضافة وبرزوا بقوة في الثمانينات والتسعينات وباستثناء مداخلة الاستاذ محمد الجابلي التي بدا فيها مواكبا لحركة السرد في تونس وراصدا لمختلف تطوراته وملامحه وأنصف العديد من التجارب الجديدة ومداخلة الاستاذ البشير الوسلاتي التي تناول فيها بالدرس قصة »عين الجمل« فإن أكثر المداخلات الاخرى فضلت ان تحوم في فلك أسماء دخلت في ذمة التاريخ وتجارب كرّستها الدعاية والعلاقات والتناول النقدي المفرط والمبالغ فيه وليس أكثر إثارة للجدل من مداخلة الاستاذ أحمد ممّو الذي توقف مفهومه للسرد من خلال القصة عند »جيل الشبان الذين دخلوا نادي القصة« وقصد بذلك رضوان الكوني وسمير العيادي وشخصه. إن هذا اللقاء الذي ينظمه بتفان بالغ نادي القصة بالوردية فرصة هامة للاحتفاء بهذا الجنس الأدبي المهمل مقارنة بالشعر والرواية وايلائه المكانة التي يستحقها لاسيما وأن القصة كانت دائما مواكبة للأحداث السياسية والاجتماعية الكبرى ومنشغلة بهموم القارئ وأكثر الذين برزوا في هذا المجال لم يعرفوا المصطلحات الأكاديمية ولم يرطنوا بها ولم يكتبوا الأدب بوعي نقدي بل كان حسّهم الانساني المرهف دليلهم الوحيد في الكتابة واذا كان الأستاذان محمد الباردي وسمير العيادي قد ثارا على احدى المتدخلات حين أبدت بعض الملاحظات العامة وعبّرت عن حقها في الاختلاف وخيانة الجيل الماضي فإن التوصيات النهائية للملتقى نصت على ضرورة تقديم ملخص لمداخلات الأستاذة في الدورات المقبلة والعمل على تناول تجارب جديدة بالدرس والتحليل وتقديم المبدعين لشهادات حتى لا يلوذ بعضهم بالصمت ويكون سكوتهم أشبه بانطفاء سجائر في منفضة في مثل هذه المناسبات.