كان الله رحيما بالانسان كل الرحمة حين عمر وجدانه بالايمان وهذب غريزته بالزواج وحفظ نوعه بالذرية ورقى فصيلته بالاسرة وحصن ذلك كله بشرائع ونبوات ووحي ورسالات نقلت هذه الشرائع والمناهج من نبوة الانبياء ورسالة الرسل الى عقول العلماء وأفهام الفقهاء لتحيط بأرقى المخلوقات هالة من التشريعات تعصمه من الزلل وتحفظه من الخطأ وتصله بربه وتعمق أصول الفطرة في نفسه. ويولي التشريع الاسلامي الاسرة اهتماما كبيرا ويعدها النواة التي تنبثق عنها جميع العلائق البشرية ويعطيها من العناية ورعاية الحقوق والحرص على حمايتها من التفكك والانحلال ما لم تعطه لها شريعة أخرى، مؤكدا بهذا على تقديره لمكانة الاسرة وأهمية دورها الفعال في بناء المجتمع السليم فالاسرة في نظر الاسلام أصل من أصول الحياة الاجتماعية. لا يمكن للمجتمع أن يقوم قياما صالحا إلا عليها ويرى أن انتظامها على النحو المخطط له يجعل منها علاوة على ذلك مصدرا من مصادر تحقيق الامن والاستقرار النفسي لصاحبها وهذا ما يستفاد من دعاء المتقين المبتهلين لله تعالى: «ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين». وكون التشريع الالاهي هو مصدر هذه الحياة فإه يضفي عليها مسحة من القداسة بجعل أفرادها يشعرون بأنهم مرتبطون برباط يظلله الدين في كل خطوة من خطواته فيقيمان أحكامه عن رضا واختيار وطيب نفس وارتياح بال وقد رغّب الاسلام في الزواج بصور متعددة للترغيب فتارة بذكر انه من سنن الانبياء وهدى المرسلين وأنهم القادة الذين يجب علينا أن نهتدي بهداهم وأحيانا يتحدث عن كونه آية من آيات الله، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}. وقد يتردد المرء في قبول الزواج خوفا من تكاليفه فيلفت الاسلام نظره الى أن الله سيجعل الزواج سبيلا الى الغنى. ويهدف الاسلام من إنشاء علاقة الزواج الى تحقيق استمرار النوع البشري من خلال كيان عائلي منظم ومستمر له تبعاته وحقوقه ومن غاياته الاساسية ان يسكن الزوج الى زوجته وتسكن الزوجة لزوجها ويكون كل منهما مستشار للآخر يمنعه أن يزل أو ينحرف.