كشف المحققون بأحد مراكز الامن بباب سعدون، النقاب عن سارق منزل طبيب، قاطن بنفس المنطقة ليتبيّن انه مريضه الذي يتردّد على العلاج لديه، فتمت احالته على القضاء الجنائي الذي قرّر ادانته والحكم عليه باربعة اعوام سجنا. وكان المتهم في القضية يعاني بعض الامراض لذلك توجّه نحو الطبيب المتضرّر للعلاج، الذي أصبح مشرفا على حالته الصحية. وكان المريض يتردد باستمرار على الطبيب حتى نشأت بينهما ما يشبه العلاقة الودية. المريض أصبح بعدها مترددا على العيادات واحيانا على منزل طبيبه، الى أن بلغ به الامر حد مراقبة المنزل صحبة احد اصدقائه، وبعد ان تأكد في احدى المرّات بأن الطبيب غادر محلّ سكناه ليقضي نهاية الاسبوع الى جانب اقاربه. انتظر المتهم في هذه ا لقضية حلول الليل، حتى سكنت المدينة وهدأت حركة المارّة، فتقدم بخطى مرتبكة ثم تسور الحائط الخارجي وفي مرحلة ثانية قام بخلع الباب الرئيسي للمنزل الذي ولجه وبدأ بالبحث عمّا يستطيع حمله دون عناء فيغنم منه مالا كثيرا. استولى المريض على جهاز لاقط هوائي (بارابول) واجهزة الكترونية أخرى ومبالغ مالية ومصوغ وبعض الادباش، ثم لفّها جميعها في كيس بلاستيكي. وعاد أدراجه الى الحي الذي يقطنه بعد ان غادر منزل طبيبه. مع بداية الاسبوع عاد المتضرّر الى محل سكناه ليجد مفاجأة غير سارّة بانتظاره، اذ لاحظ آثار الخلع على باب المنزل كما تبيّن له بعد ذلك تعرّضه للسرقة أثناء تفقّده للمحلّ، لذلك أخبر اعوان الامن وسجّل تصريحاته مطالبا يتتبّع كل من ستكشف عنه الابحاث. انطلق المحققون في البحث لفك رموز هذه القضيّة حتى بلغهم خبر مفاده عرض احد الشبان أشياء وأجهزة الكترونية للبيع بثمن دون ثمنها الحقيقي، فتوجّه اعوان الامن نحو المكان ليباغتوا الشاب وهو بصدد عرض بعض المسروقات التي حجزوها لديه. وبجلبه الى مركز الشرطة والتحرير عليه اعترف مباشرة بأنه استولى على ما كان ينوي بيعه من منزل طبيب يقطن بمنطقة باب سعدون واضاف بأن صديقا له هو الذي اقترح عليه السرقة ثم توسّط لاحقا في بيع بعض المصوغ المسروق لقاء تمكينه من مبالغ مالية كما أفاد بأنه فرّط بالبيع في جهاز اللاقط الهوائي بمبلغ 80 دينارا وهو المبلغ الذي لا يزيد عن عشر المبلغ الحقيقي المقدّر له. وبجلب الشريك في الجريمة والتحرير عليه اعترف بدوره في القضية وبأنه توسط في عمليات بيع ما استولى عليه صديقه ولكنه نفى ان يكون قد اشار عليه بسرقة منزل الطبيب. وبدعوة المتضرر، اكتشف مفاجأة ثانية عندما علم بأن من سرق منزله هو مريضه، وبعرض بعض المحجوز عليه اكد بأنه من الاشياء التي فقدها اثر سرقة منزله، وتمسك بحقّه في تتبع المتهمين. وبعد انهاء الابحاث في شأنهما، أحيلا على انظار أحد قضاة التحقيق بابتدائية تونس حيث اعترفا بما نسب اليهما رغم بعض التراجعات التي ميّزت اقوال المتهم الثاني الذي انكر مساعدته للمتهم الاول على سرقة منزل الطبيب ونفى علمه بفساد مصدر البضاعة التي توسط في بيعها لقاء حصوله على مبالغ مالية. وبعد تسجيل تصريحاتهما قرّرت النيابة العمومية توجيه تهم السرقة الموصوفة من محل معدّ للسكنى باستعمال التسوّر والخلع والمشاركة في ذلك، كما قرّرت بناء على ذلك ابداعهما بالسجن الى حين مقاضاتهما وبتوجيه ملف القضية على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة ايدت قرار ختم الابحاث وساندت النيابة العمومية في ما ذهبت اليه من تكييف للجريمة وتوجيه تهم الاحالة، وقرّرت اثر ذلك احالتهما على احدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاتهما من أجل ما نسب لهما.تمسك المتهمان بأقوالهما التي أدليا بها امام قلم التحقيق، ففي حين اعترف المتهم الاول بكل تفاصيل الجريمة والاستيلاء على بعض المسروقات التي سرقها من منزل المتضرّر، لدى سائر مراحل الابحاث. فلقد تمسك المتهم الثاني بعدم مساعدته صديقه على سرقة محل سكنى الطبيب كما نفى علمه بأن البضاعة التي توسط في بيعها مسروقة. لسان الدفاع ساند المتهمين في اقوالهما وطلب بالتخفيف قدر الامكان في عقاب المتهم الرئيسي لنقاوة سوابقه فيما طلب القضاء ببراءة المتهم الثاني والحكم في شأنه بعدم سماع الدعوى. وبعد أن سمعت هيئة المحكمة اقوال كافة اطراف القضية قرّرت حجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقضي اثر ذلك بادانة المتهمين وسجن المتهم الرئيسي مدّة أربعة اعوام وعامان سجنا للمتهم الثاني.