وزير الداخلية: 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة منذ بداية العام    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    صادم/ نائب يكشف: العثور على فيديوهات لجرائم قتل في هواتف مهاجرين افارقة    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    رقم قياسي: 1550 مليون دينار أرباح البنوك للعام الماضي    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    لأول مرة: إطارات تونسية تصنع الحدث .. وتقود نادي سان بيدرو الإيفواري إلى التتويج    دورة رولان غاروس الفرنسية : عزيز دوغاز يواجه هذا اللاعب اليوم    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    مناظرة انتداب عرفاء بسلك الحماية المدنية    مفزع/ حوادث: 22 حالة وفاة و430 مصاب خلال 24 ساعة..    فظيع/ هلاك كهل بعد اصطدام سيارته بشجرة..    في الملتقى الجهوي للمدراس الابتدائية لفنون السينما ..فيلم «دون مقابل» يتوج بالمرتية الأولى    الكاف ..اختتام الملتقى الوطني للمسرح المدرسي بالمرحلة الإعدادية والثانوية    توزر ..تظاهرة إبداعات الكتاتيب «طفل الكتاب إشعاع المستقبل»    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    نقابة الصحفيين تحذر من المخاطر التي تهدد العمل الصحفي..    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    رئاسة الجمهورية السورية: إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    الحماية المدنية التونسية تشارك في عملية بيضاء لمجابهة حرائق الغابات مع نظيرتها الجزائرية بولايتي سوق أهراس وتبسة الجزائريتين    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفة متأنية: عام 2003 ونكبة العرب الثانية في العراق

بعد سنوات سيتحدث المؤرخون عن عام 2003 وسيقولون عنه بأنه العام الذي شهد نكبة العرب الثانية في العراق هذه المرّة بعد نكبتهم الأولى في فلسطين عام 1948
وسيتأكد لهم بأن كلا النكبتين ما كان لهما أن تتمّا لولا خونة الداخل والأطراف أقولها بأسف المتواطئة. حتى هولاكو ما كان له أن يجتاح بغداد عاصمة العرب وقتذاك ويدمر معالمها ويحرق مكتباتها وكنوزها لولا تواطؤ ابن العلقمي الذي وجدنا ملامحه ومواقفه في العشرات حتى في أيامنا هذه.
نعم، انها النكبة الثانية للعرب والمسلمين على حدّ سواء والا ما معنى أن يتواجد أكثر من مائتي ألف جندي أمريكي وبريطاني وأتباع صغار آخرون فوق ثرى الرافدين؟
ما معنى أن يجد هؤلاء الهولاكيّون الفاتحون من يصفق لهم ويأتمر بأمرهم وفوق هذا لا يبلل وجوههم الخجل وهم يظهرون على الفضائيات مدافعين عن الاحتلال ويقدمون المعلومات عن المقاومين الذين أربكوا كل حسابات المحتلين.
وها هو نائب القائد العسكري الأمريكي يقول في آخر مؤتمر صحفي له بأن المقاومة قد ازدادت بعد اعتقال صدام وكانوا من قبل يقولون أنها ستنتهي بعد اعتقاله.
وهو هنا أكثر وضوحا من هوشيار زيباري الذي سماه المحتلون وزير خارجية يقول بثقة ووجهه مورّد ممتلئ بالعافية ان هذه العمليات يائسة وستنتهي ويستقر (العراق الجديد).
لاحظوا الى أي حد يجري التلاعب بالمصطلحات فالعراق المحتل هو (عراق جديد)!!
ان هوشيار وحزب ابن أخته البرزاني ومعه حزب الطالباني في سباق الآن لاثبات الولاء للمحتلين والبرهنة لهم أنه لا يمكن الاعتماد بشكل أساسي الا عليهم.
واستفاقت أطماعهم فيما يسمونه (كردستان التاريخية) وأصبحوا أكثر نهما لابتلاع أجزاء من أرض العراق حتى تقترب هذه المساحة من ثلث مساحة العراق بل وأكثر منها.
وها هم يطرقون الحديد وهو ساخن فيطالبون بضم محافظة كركوك لكردستانهم الكبرى (هناك روايات تؤكد أنهم نزحوا للعراق من ايران بعد سقوط كيان أقاموه هناك وسمّوه جمهورية «مهاباد»).
وفي يوم الاربعاء آخر أيام عام الشؤم والعار 2003 شهدت مدينة كركوك مظاهرة دعت اليها الأحزاب والمنظمات العربية والتركمانية ضدّ ما طالب به الأكراد من ضمّ لمدينتهم الى (فدرالية كردستان التاريخية) وكان من المؤكد لنا أنها ستقمع ما دام «البيشمرغة» الأكراد قد ارتدوا لباس شرطة (العراق الجديد) والوجود المكثف لقوات الاحتلال الأمريكية في هذه المدينة الملتهبة المسانده للأصدقاء والحلفاء الأكراد. ولذا أطلق حزب الطالباني وشرطته النار على المتظاهرين فقتلوا وجرحوا أكثر من مواطنا.
وعندما قلت في أحد مقالاتي الأخيرة معلقا على اعتقال الرئيس السابق صدام أنهم لا يجرؤون على محاكمته دوليا بل انهم سيلملمون الموضوع (داخليا) لم أكن على خطأ لأن محاكمته فضيحة للجميع أمريكانا وبعضا من الزعماء العرب والزعيمين الكرديّين برزاني وطالباني اللذين كانت خطوطهما مفتوحة مع الرئيس صدام شخصيا.
وينظر بهذا الشأن ما كتبه الصديق هارون محمد في جريدة «القدس العربي» (الاثنين //) ان هناك تأجيجا وهياجا طائفيا وعرقيا مقصودا لم نعرفه، هل رأيتم التمثال الرأسي للرئيس السابق صدام الذي ظهر أخيرا في فسحة وحيث يرمى بالحجارة من قبل بعض الأطفال وكبار السن الصغار العقول الذين يلبّون ما يطلب منهم؟!
ولعل المشاهد يتساءل: ما معنى هذا المشهد الجاهلي؟ والى أي درك وصل الانحطاط بسياسيّي (العراق الجديد) الذين يوجهون هؤلاء الناس المساكين؟
ثم هل نسينا ما طالب به بعض الأمريكان من عدم تسليم جثتي نجلي الرئيس اللذين ماتا ببطولة غفرت لهما بعض ما ارتكباه خاصة عدي لأقربائهما ليدفنا في مدينتهما. بل كان عليهم أن يسلموا الجثتين لهم لغرض دفنهما على مشارف مدينة معينة من مدن العراق ليرجمهما القادمون والخارجون بالحجارة؟
لست ملمّا بالدين الاسلامي ولا كل تعاليمه ولكنني أرى في كل هذا اساءة للدين وبالتالي الامعان في تشويه صورة ما لم يتم تشويهه من صورة الاسلام والمسلمين.
في تصريحات أخيرة لعضو مجلس بريمر أياد علاوي أدلى بها في لبنان لصحيفتين عربيتين تصدران من لندن وأخذتها الاذاعات والفضائيات عنهما (تراجع) عن ما تمّ اعلانه على لسان أعضاء آخرين من أن محاكمة صدّام ستكون (علنية). وإذا به (يؤكد) أن هذا أمر صعب. أما السبب فهو أنه سيدلي بمعلومات عن جهات وأشخاص ودول من الأفضل أن تبقى سرية (على فكرة علاوي كان عضوا قياديا في حزب البعث ثم انشق عنه وأسس حركة على حسابه الخاص).
انه بهذا يؤكد ما ذهبنا اليه بأنهم وفي كل ما أدلوا به من تصريحات لا غاية لها الا مواصلة خلق البلبلة وفقا للمثل العراقي الشائع (واحد يجرّ بالطول وواحد يجرّ بالعرض).
وهذه الحالة مطلوبة حتى يكبر الانقسام وتتسع الهوة بين طائفة وأخرى ودين ودين وعرق وعرق.. وكل واحد يفجّر طموحه حتى وان كان بعيد المنال.
باول يهاتف خاتمي أو يكتاتبه يدعوه لحوار جاد بين ايران وأمريكا (بين الشيطان الأكبر وفق التسمية الايرانية واحدى دول محور الشر وفق التسمية الأمريكية).
وقد استغل باول مأساة ايران في الزلزال الأخير كمدخل للحوار مما يدل على أن كل التوقعات صحيحة حول (مقايضة) معينة بين البلدين (مجاهدو خلق مقابل المعتقلين لدى ايران من طالبان والقاعدة).
هذا كله يجري في وقت لم يبق متهما أكثر من غيره غير الحكم في سوريا.
وليس مصادفة أن تتوجه تعليقات الصحف الأمريكية ضدّها واتهامها بأنها كانت تزود النظام العراقي بالأسلحة عن طريق شركات وهمية يديرها أقرباء للرئيس بشار الأسد. هذا عدا اتهامات سابقة مثل امتلاك أسلحة دمار شامل، وايواء عناصر من النظام السابق، اخفاء عدة مليارات من الدولارات كان الرئيس العراقي يضعها في البنوك السورية. واقترن هذا بقرار (اسرائيلي) لزيادة عدد المساحات الزراعية المستغلّة في الجولان المحتل الى الضعف وكذلك عدد المستوطنين (لاحظوا كل هذه التوقيتات).
ولنا أن نتساءل لماذا ظهر الفتى الناطق باسم حزب المؤتمر الوطني هكذا يسمى حزب الجلبي في مؤتمر صحفي ببغداد ويردد اتهامات الصحف الأمريكية لسوريا بالاسم ويدّعي أن استخبارات حزبه هل هو حزب فعلا؟ قد عثرت عليها.
وهو الأسلوب نفسه الذي استعملوه من قبل وعلى لسان هذا الفتى الذي لم يعرفه عراقيّ من قبل بل وجدناه أمامنا في الفضائيات (متحدّثا رسميا) ضد الأردن. وادعاؤه بأنهم عثروا على وثائق وما شابهها. وكل هذا لابتزاز الأردن بشأن مسؤولية الجلبي عن سرقة عدة ملايين من بنك البترا وحيث حكم عليه ب سنة سجنا. وقد فشلت كل وساطاته، وطلب منه أن يسلم نفسه أولا لتعاد محاكمته. ولكنه لم يفعل ما دام محميّا من رامسفيلد شخصيا.
حاولوا أن تجمعوا كل هذه المعلومات التي نثرتها من خلال موضوعي هذا وأضيفوا اليها ما يجري فوق فلسطين العربية والقتل اليومي بلا حساب للأبرياء وجدار الفصل العنصري الذي يواصل شارون بناءه حارما الآلاف من أرضهم والتواصل مع مواطنيهم في المدن والبلدات الأخرى وستتضح أمامكم الصورة المخيفة المرعبة لا لما هو قائم فقط، بل وللآتي.
لكنني مع هذه الصورة المزدوجة السوداء في فلسطين والعراق أرى كما رأى الشابي العظيم أن هذا الليل لا بدّ وأن ينجلي.
وأننا أمة صنعت التاريخ ولسنا أمة ملفّقة وطارئة ليس لنا ما نفرض به احترامنا وهيبتنا غير الصواريخ والدبابات. وإن غدا لناظره قريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.