المخرج السينمائي الفرنسي كلود ميللر ل »الشروق« معركتنا مع السينما الامريكية هي معركة بقاء! نعم انقذنا قاعة بنزرت من الإغلاق! تونس »الشروق« في ظل هيمنة السينما الامريكية واستحواذها على ثلثي الافلام المعروضة في العالم سواء في العالم الثالث او في اوروبا الى ماذا يمكن ان يطمح السينمائي »غير المتأمرك« وما هو السبيل لكي تعيش السينماءات الاخرى وتحافظ على ثقافات شعوبها؟! المخرج السينمائي الفرنسي كلود ميللر ورئيس مؤسسة اوروبا سينما التي بعثت خصيصا من قبل الاتحاد الاوروبي من اجل الحفاظ على موقع للسينما الاوروبية ودعم السينماءات الاخرى زار تونس منذ ايام وتحدث ل »الشروق« عن هيمنة الثقافة الامريكية واستحواذ هوليود على اغلب قاعات السينما في العالم... كما تحدث عن اسباب بعث مؤسسة »أوروسينما« وعملها في اوروبا وحوض المتوسط وكشف كذلك اسباب زيارته الى تونس بوصفها عضوا في مؤسسة »أوروسينما« دون ان ينسى شريطه »ليلى الصغيرة« الذي وقع اختياره لافتتاح الموسم السينمائي في تونس. الى جانب حضور عرض الافتتاح لشريطك »ليلى الصغيرة« في القاعات التونسية، فيما تتمثل زيارتك الى تونس؟ اولا، هذه اول مرة أزور فيها تونس بدعوة من السيد احمد بهاء الدين عطية بوصفه عضوا في مؤسسة »أوروسينما« التي ارأسها شخصيا... وبصراحة اعجبت كثيرا بجمال هذا البلد الذي لا يختلف كثيرا عن اي بلد اوروبي... وتأتي زيارتي بالاساس للاطلاع على قاعات السينما التي نحاول دعمها بكل الطرق حتى تظل نشيطة.. ولعل ما يعيشه القطاع في تونس، لا يختلف في جانب منه عن اوروبا اذ تراجع عدد قاعات السينما وتضاعفت هيمنة السينما الامريكية على كل الفضاءات... ويعود بعث مؤسسة »أوروسينما« من قبل الاتحاد الاوروبي، وعمرها الآن عامان من اجل التصدي للزحف الامريكي وثقافة القطب الواحد. فنحن في اوروبا الآن نعاني من هيمنة الثقافة الامريكية في مختلف المجالات وتكاد السينما الامريكية تحتكر كل الفضاءات ووسائل الاتصال وهي مسألة خطيرة من شأنها القضاء على الثقافات الأخرى.. وهذه نتائج العولمة... اما بخصوص شريطي »ليلى الصغيرة« الذي وقع اختياره لافتتاح الموسم السينمائي في تونس فقد وددت حضور عرضه لمعرفة ردّ فعل الجمهور التونسي، وتفاعله مع الفيلم. تحدثت عن دعم مؤسسة »أوروبا سينما« للقاعات التونسية فيما يتمثل هذا الدعم وكيف؟ نحن في الحقيقة ندعم القاعات التي تعرض الافلام الاوروبية ولنا شبكة الآن تضم حوالي الف قاعة في اوروبا الى جانب عشرات القاعات في حوض المتوسط كتونس، والجزائر، والمغرب ولبنان وسوريا وفلسطين.. ونقدم منحا نصف سنوية لهذه القاعات... وفي تونس مثلا دعمنا العديد من القاعات منها قاعة بنزرت التي كانت ستغلق ابوابها لولا المنحة نصف السنوية التي خصصناه لها. ولكن دعم القاعات لترويج السينما الاوروبية وحدها لا يكفي لمحاربة سينما او ثقافة القطب الواحد؟! هذا صحيح، ولكن مؤسسة اوروبا سينما بعثت لهذا الغرض.. اما فيما يتعلق بمحاربة سينما او ثقافة القطب الواحد كاحدى افرازات العولمة فقد خصص الاتحاد الاوروبي جهازا آخر لهذا الغرض يدعم القاعات الاوروبية التي تعرض افلام الثقافات الاخرى مثل افلام حوض المتوسط ومن بينها الافلام التونسية... وبالمناسبة ادعو التونسيين وبقية البلدان التي نعمل على دعمها وخصوصا من قبل مؤسسة أوروبا سينما الى مساعدتنا على العمل من اجل التنويع الثقافي والحفاظ على الثقافات والسينماءات المحلية والابقاء على الفضاءات السينمائىة. في ظل هيمنة الثقافة الامريكية الى ماذا يطمح المخرج كلود ميللر مثلا؟! انا شخصيا اطمح الى الحياة بمعنى ان تعيش السينماءات الاخرى الى جانب السينما الامريكية... انا لا ادعو الى محاربة هوليوود وانما ادعو هوليوود الى ان تدعنا نعيش لان ثقافة القطب الواحد تعني قتل كل الثقافات الأخرى. حضرت عرض شريطك »ليلى الصغيرة« في تونس كيف وجدت رد فعل الجمهور التونسي؟ بصراحة مازال في تونس جمهور سينما يحب السينما الانسانية البعيدة عن العنف والاثارة التي تروّج لهما السينما الامريكية التجارية. وهل تتوقع ان يكون الاقبال على الفيلم كبيرا؟ لا اعرف! اتمنى ذلك. طرحت في شريطك »ليلى الصغيرة« معاناة الفنان وخصوصا المخرج السينمائي الذي ينبذ السينما التجارية هل ترى ان هذا الفنان او المخرج مازال موجودا؟ بطبيع الحال هناك مخرجون حساسون يتوجهون في اعمالهم الى المشاعر الحقيقية للانسان... وانا شخصيا من هذه الفئة اريد ان اعبّر عن افكاري الشخصية ومشاعري واحاسيسي ولا يهمني اذا كان الفيلم غير ناجح تجاريا. شعرنا في الفيلم بوجود كلود ميللر بين الشخصيات... هل يمكن اعتبار العمل سيرة ذاتية؟ لا، هو ليس سيرة ذاتية وانما كما ذكرت يطرح تعبيرة شخصية اردت تقديمها في مواجهة مع التعابير الأخرى... والفيلم يطرح كذلك قضية صراع الاجيال والخيارات والمبادئ والقيم. هي يمكن التصدي للسينما الامريكية بمثل هذا الفيلم؟ ولم لا، اذا كان الفيلم صادقا ويتحدث عن المشاعر الانسانية والقضايا الحقيقية للناس.. ولكن في فرنسا مثلا هناك من خير النهج الهوليوودي مثل المخرج لوك بيسون الذي تحوّل الى مخرج متأمرك! هذا صحيح ولكن عدد هؤلاء قليل واغلبهم من الجيل الجديد... ومثلما قلت انا لست ضد السينما الامريكية والسينمائيين المتأمركين وانما ضد السينما المتفردة.. لابدّ ان يكون هناك تنوّع سينمائي وثقافي حتى تعيش كل الثقافات وتتعايش.