هذه القضية تعكس بصورة جلية مدى سذاجة البعض من الناس الى الدرجة التي تجعلهم فريسة سهلة للمحتالين والدجالين الذين لا يخلو منهم عصر ولا مصر، والضحية هو كهل يقطن بالعاصمة انعم الله عليه ببسطة في الرزق ولكنه في المقابل تعرض الى حادث خلف له اضرارا بدنية وأوجاعا في الظهر لم يشف منها رغم علاجه في تونس وفي الخارج لذلك التجأ الى الطب التقليدي ثم شيئا فشيئا بفعل أمله في الشفاء سقط لقمة سائغة في أيدي محترفي الدجل والشعوذة وخصوصا لما بلغته أصداء عن قدرة شاب أصيل أحد أرياف ولاية القيروان. وبفعل خبرته عرف «الطبيب» المفترض ان ضحيته يجمع بين استعداده لفعل اي شيء من أجل الشفاء وبين قدرته على الانفاق مهما كانت المبالغ المطلوبة، لذلك استعمل معه اقصى درجات الحيلة ليجعله يدفع له ما يريد دون تردد. وقد توصل هذا المشعوذ الى اقناع ضحيته بأنه يداوي بالماء والتعاويذ لذلك كان يسكب على جسده ماء يدعي له انه خاص وأنه مكلف الى درجة أنه دفع له نظير القارورة الواحدة سبعة آلاف دينار وكان يدعي ان هذا الماء من صنع الانس والجان وهو قادر على معالجة مرضه. وتتابعت «جلسات العلاج» وتواصل الدفع الى ان بلغ مجمل ما دفعه الضحية عشرات آلاف الدنانير ومنها جهز هذا المشعوذ مسكنه بآخر بوسائل الرفاه واشترى معدات فلاحية وشاحنة وصار ينفق بكل سخاء على نفسه وعلى أسرته وشيئا فشيئا بدأ «المريض» ييأس من الشفاء على يدي هذا الدجال وبدأ الشك بداخله خصوصا بعد ان لاحظ لهفته على المال ومطالبته باستمرار بالدفع وقد يكون حدث بعض أقاربه ومعارفه بما تعرض له من ابتزاز عندها فقط فكر في اللجوء الى الأمن واشتكاء «طبيبه» وكانت بداية القضية التي باشرها أعوان الأمن بالمنطقة التي ينتمي لها المتهم الذي تم إيقافه على ذمة التحقيق في انتظار محاكمته.