سهرة الجمعة الماضي على شاشة قناة تونس 7 كانت خاصة بأربعينية الفنانة الراحلة ذكرى محمد في اعداد وتقديم لطفي البحري. البادرة جيدة ودليل على أن المبدع الحقيقي يبقى خالدا بأعماله الابداعية وان تونس لا تنسى أبناءها وان ذكرى راسخة في وجدان وقلوب عشاق فنّها وأصدقاءها وجمهورها. واذا كانت بادرة التلفزة التونسية ممتازة فإن العمل الذي قام به المنشط لطفي البحري فيه من الحرفية الشيء الكثير، وفيه جهد وعمل كبير على مستوى الاعداد، حيث تحوّل الى القاهرة لرصد شهادات من عرفوا ذكرى عن قرب وتعاملوا معها وخيروا صوتها مثل الملحن حلمي بكر، والملحن صلاح الشرنوبي والفنانة وردة الجزائرية والممثلة يسرا والفنان الليبي محمد حسن والمطربة لطيفة. جهد الجهد الذي بذله لطفي البحري يبرز أيضا من خلال الضيوف الذين حضروا في الاستوديو والتمارين التي أجريت لتقديم تلك المادة الغنائية.. أيضا من خلال البحث في الارشيف حيث تمكنا من مشاهدة لقطات من حفلات ومنوعات قديمة وبعضها نادرة. السهرة فيها الكثير من النقاط المضيئة والعمل الجيد، لكن اعجابنا بها لا يحجب ولا يمنع من ابداء بعض الملاحظات، أولها الديكور الذي لم يكن منسجما مع المناسبة، وقد كان بالامكان اختيار ديكور أكثر حميمية. الملاحظة الثانية تخص حضور المنشط لطفي البحري في فقرات السهرة، فنحن نعرف ان لطفي من هواة الظهور في شخصية النجم الى جانب ضيوفه من النجوم، وهذا حقه و»نرجسية» المبدع تفرض ذلك، لكن ان يواصل في ممارسة نرجسيته في سهرة تكريمية لروح فنانة.. فهذا لا يليق به كوجه تلفزي بارز، وكم كنا نود لو اقتصر حضوره على الاستوديو او في الفقرات التي كان فيها يحاور ضيوفه، أما ان نشاهده وهو يتجول في شوارع القاهرة وطرابلس والجزائر... فهذا خطأ بكل المقاييس حتى النرجسية منها. شهادات نأتي الآن الى شهادات الضيوف حول شخصية ذكرى وفنّها، فإن كانت هذه الشهادات صادقة فإن الكلام الذي قيل حول ذكرى منذ مقتلها الى اليوم هو كلام متناقض تماما مع ما كان يقوله بعض الذين يمتدحون ذكرى اليوم ويدعون صداقتها، خصوصا وان بعضهم كان يحاربها أصلا ونحن طبعا لا نتحدث عن الذين تكلموا في السهرة. لكن الشيء بالشيء يذكر خصوصا وان شقيقة ذكرى وداد عرّجت على هذه المسألة في شهادتها. والتصريحات التي استمعنا اليها في عديد المناسبات وقرأناها في أكثر من مطبوعة حول الراحلة ذكرى تحيلنا الى ما قاله الشاعر محمود درويش : «يريدونني ميتا يا أبي لكي يمدحونني». في النهاية نجدد الاشادة ببادرة قناة تونس 7 والجهد الذي بذله لطفي البحري لانجاز هذا العمل، ونغتنم الفرصة لنقترح عليه اوعلى اي منتج انجاز منوعة يتم من خلالها تكريم الأحباء من المبدعين حتى لا يحدث للفنانين ما حدث للشعراء مع الشاعر الراحل أبو القاسم الشابي وهو ما دفع الشاعر المنصف المزغني الى القول : «ذكرى الشابي هي أربعينية الشعراء».