نختم اليوم موضوع آداب الحج والعمرة التي تعرضنا الى عدد منها في اعداد سابقة. * ملازمة التقوى لله: فيجب على المرء ان ينكسر بين يدي الله تعالى، وأن يخشع له وان يذل امامه، وأن يتواضع لله، وان يستحضر مراقبة الله تعالى دائما لخلقه، فإن هذا يعينه على طاعة الله، وأن يلازم الطاعة، ويجتنب المحارم. * المحافظة على الصلاة لوقتها: فلا يمكن ان يحج ويعتمر دون صلاة، لأنه يكفر بذلك، فلا يقبل منه عمله الصالح، والصلاة اعظم من الحج والعمرة إن كانوا صادقين. * الاكثار من الصدقات: فإن الحج والعمرة من اعظم مواسم الخير وفيها فرصة كبيرة للصدقة على المحتاجين والانفاق على الرفقة فينبغي اغتنامها. ولا ينبغي للمرء ان يبخل في مثل هذه المواطن، فإنها مواطن مغفرة ورحمة وخير وبر وفضل فينبغي الانفاق على الناس قدر الطاقة والاكثار من النفقات التماسا للاجر والثواب، وقد كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع اليه اخوانه من اهل مرو. فيقولون: نصحبك. فيقول: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكري لهم ويخرجهم من مرو حتى يصلوا الى مدينة الرسول ص فيقول لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك ان تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا فيشتري لهم ثم يخرجهم الى مكة، فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما امرك عيالك ان تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا. فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم الى ان يصيروا الى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثةأيام عمل لهم وليمة وكساهم فاذا اكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع الى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه. فرحمه الله تعالى ورضي عنه، وما أحرانا ان نقتدي بمثل هذه الاخلاق. * التعجيل بالعودة بعد فراغه من نسكه: لحديث: (السفر قطعة من العذاب يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى احدكم نهمته فليعجل الى اهله). * البدء بالمسجد والصلاة فيه: فإن النبي ص: (كان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين) وذلك مجلبة للبركة واظهار لشكر نعمة الله تعالى. وتحقيق للعبودية والتعلق بالله تعالى. * احضار الهدايا للأهل والاولاد: وكذلك للجيران والاحباء ان امكن ذلك، وهذا مما يشيع جوا من البهجة والسرور والفرح بقدومه، وفيه تخفيف عن الاهل والاولاد بسبب السفر وطول الغياب الهدية مما يشيع المحبة والمودة والفرح، ويزيل الضغائن. * عمل طعام للناس: وهذا هدي النبي ص فانه لما قدم المدينة (نحر جزورا او بقرة). وفيه اشاعة جو من البهجة والفرح بقدومه من السفر، وقد كان هذا هدي كثير من السلف عند رجوعهم من السفر. تنبيه: إن نيل الثواب من الله تعالى في الحج والعمرة انما يكون على قدر تأدب المسلم بهذه الاداب فكلما زاد تأدبه بها، وتمسكه بما ذكر كلما زاد اجره، وكلما نقص منها نقص من ثوابه واجره بحسب ما قصر فيه من هذه الاداب.