شدّد السيد نور الدين شيحة ر.م.ع الشركة الوطنية العقارية (السنيت) على ضرورة إحداث نظام جديد للادخار السكني هو نظام الفوبرولوس 3 الذي يوجه لأصحاب الاجور التي تفوق ثلاث مرات السميغ وقال في حديث خاص ل «الشروق» ان هذا النظام سيسمح لفئات عديدة بالحصول على مسكن وسينعش قطاع البعث العقاري والبناء. وقد تناول الحديث مع السيد شيحة عديد المسائل التي تهم قطاع السكن الاجتماعي، وتجربة السكن المعد للكراء واخلالات المقاولين وعيوب البناءات كما تناول اسعار المساكن ومعاليم الكراء التي باتت محل تذمّر المواطنين. * الملاحظ ان عدد المساكن الاجتماعية التي تنجزها السنيت خلال الفترات الاخيرة اصبح محدودا جدا ولم يعد يلائم ما تطلبه السوق، فهل نفهم من هذا ان النوايا تتجه نحو التخلي عن هذا الصنف من المسكن؟ اولا، لابدّ من التأكيد ان شركة «السنيت» كباعث عقاري عمومي مازالت تحافظ على صبغتها الاجتماعية وستعمل في المستقبل قدر الامكان على الحفاظ على هذه الصبغة، فهي تنجز صنف المسكن الاجتماعي بمعدل يقارب 60 من مشاريعها السكنية سنويا وبالنسبة للسنة المنقضية (2003) قامت الشركة ببناء 520 مسكنا اجتماعيا من جملة حوالي 1270 مسكنا انجزتها. هذا بالنسبة الى الشركة الأم بتونس اما فروعها في بنزرت وسوسة وصفاقس فإن كافة المشاريع التي تنجزها هي من الصنف الاجتماعي تقريبا (معدل 95). وستظل الشركة ملتزمة بتعهداتها باعتبارها الطرف الوحيد حاليا الذي يبني المسكن الاجتماعي كلما وجدت اراض بكلفة معقولة. ولقد قمنا بشراء اراض في إطار المعاوضة كما تحصلنا على مقاسم اخري في اطار القرار الرئاسي القاضي بتوفير مقاسم بالدينار الرمزي مما وفر لدينا رصيدا عقاريا سيسمح لنا بمواصلة بناء مساكن اجتماعية عمودية وليس فردية تماشيا مع سياسة الدولة. نيّة التوسّع * وهل تنوي الشركة مع حفاظها على دورها الاجتماعي توسيع دائرة نشاطها ومشاريعها السكنية أم انها ستبقى في حدود الاماكن التي بلغتها وانجزت فيها المساكن؟ حاليا، ليست لنا اي نية للتوسع في الجهات لكن نيتنا تتجه نحو الضغط على كلفة السكن وإعادة هيكلة الفروع الجهوية كما اقرّ ذلك رئيس الدولة حتى يتسنى لنا مواصلة بناء المساكن الاجتماعية. وهذا العمل يتطلب طبعا جهودا من الفروع في اتجاه الضغط على الكلفة عن طريق دعم الانتاج والترفيع من انتاجية الاعوان حتى تستطيع هذه الفروع تغطية اعبائها التي يفرضها تخصصها في انتاج المساكن الاجتماعية وحتى تضمن ديمومتها ايضا. ومن هنا يتوضح ان السنيت بفروعها لا يمكنها بالوضع الحالي توسعة نشاطها وهي عملية لا يمكن ان تحصل الا عند توفر الطلب، والطلب حاليا غير موجود. ثم ان مسألة التوسعة دون طلب يمكن ان تعرقل الشركة في القيام بدورها في بناء المساكن من الصنف الاجتماعي لان التوسعة ستصاحبها مصاريف وتكاليف اضافية لا يغطيها الا العدول عن السكن الاجتماعي لفائدة السكن الاقتصادي وحتى الرفيع لتحقيق التوازن للشركة باعتبار ان الشركة تبيع بالكلفة ويجب ان تستعيد هذه الكلفة على الاقل لتضمن حقوق ورواتب موظفيها واستمراريتها ايضا. إذن فالتوجه الآن هو نحو التحكم في الكلفة وليس ترفيعها بتوسيع النشاط نحو دعم الانتاجية والتحكم في الاعباء الاجتماعية، وايضا نحو تطهير الشركة وفروعها وهي عملية مبرمجة وستأتي في وقتها. سعر مقنن * يشتكي المواطن التونسي في العموم من شطط سعر المسكن بقطع النظر عمّن ينجزه الباعث الخاص او الباعث العمومي، فما رأيكم في هذا الأمر؟ اولا، وكما ذكرت آنفا نحن نبيع المساكن بالكلفة فتحديد السعر يتم لدينا بحسب جملة من العناصر منها ما لا نستطيع التحكم فيه وهي كلفة الارض والتهيئة وكلفة البناء والربط بالشبكات (ماء، كهرباء، هاتف، غاز طبيعي..) وهي عناصر غير ثابتة وأسعارها تتطوّر باستمرار ومنها ما يمكننا التحكم فيها وهي الاعباء الاجتماعية ورواتب الاعوان. ومن هذا المنطلق فإننا نحاول دائما الضغط على هذه الاعباء مع تحسين الخدمات وتقديم الاضافات دون اغفال جانب الضغط على الكلفة ولذلك فإن اسعارنا تبقى دائما في حدود هذه الكلفة ولا تصل الى مستوى الاسعار المتداولة في السوق. عيوب * يتذمر البعض من معضلة ضيق شقق «السنيت» كما يتذمّر البعض الآخر من عيوب في البناء قد يتحمل مسؤوليتها المقاولون بدرجة اولى لكن لسائل ان يسأل عن دور الشركة في الرقابة؟ بالنسبة الى مشكلة، الضيق، اذكر ان تحديد المساحة للمسكن الاجتماعي الفردي او العمودي (50 و75 مترا مربعا) يتم حسب الكلفة وان اي ترفيع في هذه المساحة تنجرّ عنه زيادة في الكلفة وبالتالي زيادة في سعر المسكن وهو امر غير ممكن باعتبار ان السعر مقنن (23 و33 الف دينار للمسكن الواحد). اما بالنسبة الى بقية الاخلالات والعيوب وهي موجودة بنسبة محدودة فأؤكد ان الباعث العقاري مطالب بالقانون ايضا برفع واصلاح كل عيب يظهر في الشقة في مدة لا تتجاوز 3 أشهر بعد تسليم المفتاح لصاحب الشقة كما ان قانون البعث العقاري يوفر للحريف عديد الضمانات ويحمي حقوق المواطن ويضمن له التأمين لمدة ثلاث سنوات من حيث متانة المسكن. واضافة الى كل ذلك وكضمانة اضافية تكلف شركة السنيت اعوانها بمرافقة المواطن عند تسلم مفتاح الشقة ويقومون معه بعملية تفقد كاملة ودقيقة للشقة ويقومون بضبط العيوب بدقة واصلاحها ان وجدت في ظرف 15 يوما. كما يتولي اعوان الشركة مراقبة المقاول وعملة البناء اثناء الاشغال وهم دائما بالمرصاد لكل مخالف لمقاييس ومواصفات البناء التي يتم الاتفاق عليها منذ البدء. بل ان الشركة تذهب الى أبعد من ذلك في توفير الضمانات للحرفاء فهي تضع على ذمتهم ارشيفا لمخططات البناء التي يمكنهم طلبها والعودة اليها كلما اقتضت الضرورة واحتاجوا المخططات لاتباعها والاهتداء بها لإدخال تحسينات على شققهم وهناك من طلب هذه المخططات بعد 20 و30 سنة من الاقامة في الشقة. * اذا تمعنا جيدا في نظام القرض والادخار السكني المعتمد حاليا لدى بنك الاسكان نلاحظ ان عديد الفئات من الاجراء لا يطالها هذا النظام ولا تتمتع بمزاياه، فكيف ترون هذه المسألة وانتم طرف فاعل في القطاع السكني؟ نحن نرى في هذا الباب مثلما يرى ذلك الباعثون الخواص انه لابدّ من إحداث نظام جديد للادخار السكني يوجه الى اصحاب الاجور التي تفوق 3 مرات «السميغ» اي نظام الفوبرولوس 3 ونحن نعتقد ان هذا النظام مع النظامين الحاليين (فوبرولوس 1 و2) سيسمح للكثيرين بالحصول على مسكن وسينعش قطاع البناء والبعث العقاري. وإننا نقترح ايضا تطوير نظام الادخار في اتجاه تحقيق التغطية الكاملة لكلفة المسكن وليس التغطية الجزئىة كما هو الحال الآن خاصة وان هناك من يصعب عليه تحصيل التمويل الذاتي مع تطوّر اسعار وكلفة المساكن. مساكن الكراء * لم يقدم الى حد الآن اي باعث عقاري على انجاز مساكن معدة للكراء رغم ان هذا الصنف مطلوب، فلماذا هذا الهروب من نشاط له آثار اجتماعية جد ايجابية؟ المساكن المعدة للكراء موجودة ومصنفة ضمن استراتيجية السكن لأن عليها طلبا كبيرا كما ذكرت في السؤال، وقد اعدت لهذا النشاط النصوص القانونية والتشجيعات الهامة وان القطاع الخاص هو المكلف بانجاز هذا الصنف من المساكن للمساهمة في جهود الدولة ونحن كمؤسسة عمومية لم نكلف بذلك مع العلم ان مساكن الكراء تتطلب تمويلات ضخمة وقد سبق للقطاع العام ان خاض تجربة بناء سكن الكراء ثم تخلى عنها لأسباب موضوعية. * لكن نحن نعلم ان مضاربات كبيرة تحصل الآن في سوق الكراء والاسعار المعتمدة اصبحت مشطة جدا ولا طاقة للمواطن عليها وقد عودتنا الدولة بالتدخل لتعديل السوق وترشيد الاسعار في قطاعات أخرى مثل قطاع المواد الاستهلاكية فلماذا لا يحصل الامر نفسه في قطاع الكراء؟ الدولة تدخلت فعلا في هذا الجانب فقطاع السكن تحرّر منذ سنة 1990 لكن الدولة بقيت تسن القوانين وتقرّ الحوافز والتشجيعات والامتيازات لدعم السكن الاجتماعي وايضا لدعم السكن المعد للكراء، وآخر الاجراءات الهامة في هذا المجال هو التنقيح الاخير الذي ادخل على مجلة التعمير والذي يرمي الى الحفاظ على الصبغة السكنية للمباني والحدّ من ظاهرة تغيير هذه الصبغة ويجيز بناء طابقين علويين وطابق ارضي. واننا نتوقع ان تكون لهذه الاجراءات عند تطبيقها اثر ايجابي على قطاع الكراء باعتبار ان عديد المباني التي ستعود الى صبغتها السكنية وعديد الطوابق التي ستنجز ستكون معروضة للكراء وهذا سيرشد الاسعار والمعاليم حتما.