تسببت «لهفة» المواطن خلال الأيام الأخيرة في افراغ السوق من عدة مواد غذائية... لكن رغم ذلك فإن الأيام الأولى من رمضان ستشهد ضخ آلاف الأطنان الأخرى من مختلف المواد في الأسواق وهو ما يدعو الى الاطمئنان... حوّل عدد كبير من التونسيين بيوتهم طوال الأسبوع الماضي الى «مخازن» للمواد الغذائية المختلفة وهو ما أدى الى افراغ مخازن تجّار الجملة والتفصيل ومخازن المصانع وتسبب في «لخبطة» أوراق وزارتي التجارة والصناعة والمنظمات والهياكل المهنية المتدخلة في تزويد السوق وتسبب أيضا في بروز بعض الممارسات الاحتكارية وارتفاع أسعار بعض المواد، وهو وضع كان بالإمكان تفاديه حسب مسؤولي الوزارة لو تصرّف المواطن بحكمة وواصل التزوّد بشكل عادي عوضا عن اقتناء مؤونة شهر رمضان بالكامل.. إنتاج... ومخزون قال السيد فتحي الفضلي مدير المراقبة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة خلال لقاء إعلامي انتظم أمس بسوق الجملة ببئر القصعة إن الأيام الأولى لشهر رمضان ستشهد بكل تأكيد ركودا تجاريا ملحوظا في مختلف المجالات. وهذا طبيعي بما ان الجميع تزوّد بكل حاجياته وأكثر من المواد الغذائية وسيقتصر فقط طوال رمضان على المشتريات اليومية مثل الخبز والخضر والغلال واللحوم والأسماك. ولكن رغم هذه التوقعات فإن شهر رمضان سيشهد تواصل النسق العادي لإنتاج مختلف المواد والتي تتحوّل مباشرة الى السوق... وإلى جانب ذلك سيقع ضخ المخزون المتوفّر من عدة مواد بشكل يومي في السوق على غرار الحليب والبيض والدجاج والمياه المعدنية ومصبّرات الطماطم وهو ما أكده السيد أحمد المثلوثي مدير التجارة الداخلية... وبالتالي فإنه لا داعي الى التخوّف ولا داعي الى مزيد «اللهفة» والإقبال غير الاستثنائي على الشراء، خاصة بعد ان تم اتخاذ كل الاجراءات الصارمة تجاه تهريب هذه المواد نحو ليبيا بطرق غير قانونية. خضر وغلال بالأطنان من جهته ذكر السيد محمد العويني الرئيس المدير العام لشركة أسواق الجملة ببئر القصعة أن كل المؤشرات تقول بأن التزويد بالخضر والغلال سيكون أكثر من عادي طوال رمضان ولا مجال للتخوف.. وقال المتحدث إن يوم أمس مثلا شهد ورود ما لا يقل عن 1600 طن من الخضر والغلال والأسماك على سوق بئر القصعة ويتوقع أن تبلغ اليوم الأحد 2000 طن وهي كمية كافية وزيادة لتلبية مختلف الحاجيات وسيؤدي هذا الارتفاع في الكمية الى انخفاض الأسعار حتما . وأضاف في هذا السياق ان سعر الفلفل الأخضر سينزل مثلا في اليومين القادمين بشكل ملحوظ بعد بلوغ الصابة الصيفية بعدة مناطق ذروتها الآن، شأنه شأن مواد أخرى مثل الطماطم والبصل والبطاطا والسلائط... وقد تحصل بعض الضغوطات على أسعار الخضر غير الصيفية (الخضر الورقية والسلائط) وهو ما يجب ان يتفهمه المواطن ويحتاط منه.. مراقبة صارمة أكد وكلاء البيع بسوق الجملة (الهبّاطة) في تصريحات ل «الشروق» أن التهم الموجهة اليهم حول التلاعب بالأسعار والترفيع فيها باطلة، لأن الأسعار بسوق الجملة يحدّدها العرض والطلب، فهم شأنهم شأن الفلاحين، يستغربون أحيانا عندما يكتشفون بعض الأسعار لدى «الخضّارة» لأنها تكون أحيانا أرفع بكثير من أسعار الجملة وذلك بفضل السلوكات غير المسؤولة لبعض باعة الخضر بالتفصيل. وفي هذا المجال قال مدير المراقبة الاقتصادية إن شهر رمضان سيشهد ترفيعا في نسق عمل المراقبة، عكس الأيام الماضية التي شهدت بعض الانفلات، إذ قال إن بعض المتدخلين في القطاع التجاري اعتقدوا أن الثورة ألغت كل القوانين التجارية والاقتصادية وهو اعتقاد خاطئ لأن كل القوانين المعمول بها (وهي قوانين متطوّرة وجيّدة) مازالت قائمة... لذلك سيقع خلال رمضان حسب فتحي الفضلي تشديد المراقبة والصرامة في العقوبات. وقد تم في هذا المجال تركيز فرق مراقبة قارة في 22 سوق جملة بكامل أنحاء البلاد و35 فريق مراقبة بأسواق التفصيل... كل هذا الى جانب العمل التحسيسي والتوعوي لبقية مكوّنات المجتمع المدني والمنظمات سواء لفائدة المواطن أو لفائدة المهنيين. وأكد أنه سيقع التركيز على فرق المراقبة المشتركة التي يكون فيها الأمن حاضرا وهو ما سيسهّل مهمة أعوان المراقبة الاقتصادية.