كيف يمكن للمهاجرين التونسيين المساهمة بنسق أكبر في التنمية الأقتصادية في تونس؟ هذا هو السؤال الأساسي الذي كان محور السهرة الرمضانية التي نظّمتها جمعية التونسيين بالخارج أوّل أمس. مساهمة الجالية التونسية المقيمة في الخارج في تنمية الأقتصاد التونسي والعوائق التي يواجهونها في بعث المشاريع كان موضوع الندوة التي نظّمتها جمعية التونسيين بالخارج في سهرة أوّل أمس الأثنين في ضاحية البحيرة وشارك فيها أكثر من 60 شخصية من أصحاب المشاريع الصغرى والمتوسطة المقيمين في الخارج بين أوروبا والخليج وقد حضر هذه الندوة السيد فرج السويسي الرئيس المدير العام لديوان التونسيين بالخارج الذي حرص على تدوين كل الملاحظات والأقتراحات التي تقدّم بها المهاجرون. خلال هذه السهرة قدّمت مجموعة من المداخلات لعياض اللّومي وحاتم الشنّوفي ولطفي حمدي وغيرهم، فعياض اللّومي عضو هيئة الخبراء المحاسبين قدّم في مداخلته إمكانيات الأستثمار المتاحة في تونس حسب القوانين الموجودة اليوم كما قدّم معطيات تقنية وفنية عن بعث المؤسسات والحوافز المتوفّرة في مجال التشجيع على الأستثمار أمّا لطفي حمدي فأكدّ على ضرورة مساندة البنوك لمشاريع التنمية وأعتبر أنّها الحلقة الضعيفة في هذا الباب لأنّها لا تريد المغامرة ولا تبحث إلاّ عن المشاريع المضمونة مسبّقا وقال أنّ هذه العقليّة لا يمكن أن تشجّع التونسيين المقيمين في الخارج على الأستثمار كما تعرّض الى العراقيل والتعقيدات الإدارية التي تمارسها البنوك على المستثمرين. وذكّر لطفي حمدي المقيم في فرنسا بالمقارنة بين النماذج الأوروبية في التشجيع على الاستثمار والنموذج التونسي وطالب ببعث صناديق «للمخاطرة»وأخرى «للإقلاع»كما هو معمول به في أوروبا وتكون هذه الصناديق مموّلة من الضرائب لأنّ أي مشروع هدفه الأساسي خلق مواطن شغل وبالتالي للمساهمة في التنمية وضمان النجاعة الأقتصادية والمالية وقال أنّ هذه الصناديق يجب أن تدعم التنمية في الجهات وأن يكون لجهة مشاريعها التي تتماشى وخصوصياتها الاقتصادية والأجتماعية. السياحة السياحة أخذت النصيب الأوفر في هذه السهرة ،لطفي حمدي قال أنّه علينا البحث عن منتوج سياحي جديد لأنّ الصورة التقليدية للشواطئ والصحراء والجبال أنتهت ولم تعد ذات جدوى اليوم وأقترح أن يتمّ الأستثمار في مجال السياحة الصحيّة وخاصة جراحة التجميل وقال أنّ هناك كفاءات تونسية معروفة في هذا المجال الى جانب المصحّات المتخصّصة ونقص التكلفة وهو ما يشجّع الأوروبيين على المجئ لتونس عوضا عن أجرائها في أوروبا وطالب وزارة السياحة بإعتماد صيغ جديدة في الدعاية للسياحة التونسية . وقالت أحدى صاحبات الأعمال في فرنسا التي تعمل في مجال السياحة أن إعتماد وزارة السياحة على وكالات الأسفار الكبرى هو السبب في أزمة السياحة لأن أصحاب الوكالات يغلقون السوق عند كل أزمة سياسية في حين أنّ كل مهاجر تونسي يمكن أن يكون سفيرا للتعريف بالسياحة التونسية ودعت المهاجرين الى تأسيس الجمعيات التي تنظّم الرحلات السياحية الى تونس للتخلّص من أحتكار الشركات الكبرى التي تتحكّم في السوق العالمية . أمّا طارق السّعدي من هيئة رجال الأعمال التونسيين في الخليج فقال أن النموذج الذي تعتمده تونس في السياحة لا يمكن أن يشجّع الخليجيين على القدوم لتونس من ذلك «الفيزا»كما دعا الى أعتماد شركات أسفار تونسية في الخارج تكون هي الباب الذي تدخل منه أي وكالة أسفار أجنبية كما هو معمول به في كل دول العالم وذكر في هذا الصدد النموذج التركي وقال أن الأتراك تعلّموا منّا السياحة لكنّهم الأن تجاوزونا بكثير وتساءل عن أسعار الطيران المجحفة جدا التي تعتمدها الخطوط التونسية وأعتبر أنّها لا تشجّع بالمرّة على تنمية السياحة. آفاق السيد رؤوف الخمّاسي رئيس الجمعية قال أنّ المرحلة التي تعيشها تونس دقيقة جدّا وأنّ كل تونسي مطالب بالمساهمة في التنمية لإنقاذ البلاد لذلك بادرت الجمعية بتنظيم هذه الندوة في أنتظار ندوات أخرى من أجل تشجيع المهاجرين على الأستثمار وبعث المشاريع الصغرى والمتوسطة خاصة لأنّ الأقتصاد التونسي في حاجة الى نفس جديد لتجاوز ركود الأشهر الماضية خاصة أن المخاوف التي كان يواجهها المستثمرون على مشاريعهم من دوائر النفوذ في العهد السّابق زالت بعد ثورة 14 جانفي .