خرجت أمس مسيرة حاشدة دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل وحضرها عدد من قادة الأحزاب ووجوه المجتمع المدني للمطالبة بتحقيق أهداف الثورة ومحاسبة رموز الفساد... «الشروق» واكبت هذه المسيرة التي انطلقت من ساحة محمد علي في اتجاه شارع بورقيبة. غابت الاختلافات وتوحد الهدف نظم أمس الاتحاد العام التونسي للشغل مسيرة احتجاجية جمعت الاف المتظاهرين من نقابيين وسياسيين ومواطنين احتجاجا على مواقف وممارسات الحكومة المؤقتة «التي تعمل على الانتكاس بأهداف الثورة». وقد انطلقت المسيرة من بورصة الشغل وتواصلت على امتداد شارع محمد الخامس إلى غاية مفترق شارع خير الدين باشا حيث رفع المتظاهرون لافتات تنادي باستقلال القضاء وبتطهير الإدارات من رموز الفساد وبحيادية الإعلام وردّدوا شعارات تندد بممارسات الحكومة المؤقتة على غرار «زنڤة زنڤة... دار دار... يا حكومة عملت العار» و«يا شعب ثور ثور على بقايا الدكتاتور» و«الشعب يريد قضاء مستقل» وغيرها من الشعارات التي تفاعل معها المحتجون مطالبين بضرورة تطهير البلاد من كل ما من شأنه أن يعرقل أهداف الثورة وأن يمثل حجر عثر أمامها، وبين الحين والآخر ردد المتظاهرون مقاطع من النشيد الوطني. وقد شارك في هذه المسيرة الحاشدة التي دعا إليها الاتحاد العام الاتحاد العام التونسي للشغل مجموعة من الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات. «الشروق» التقت البعض من هؤلاء المتظاهرين حيث أكد السيد عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن المسيرة جاءت من أجل تحقيق أهداف الثورة والقطع مع أزلام النظام البائد والوصول بتونس إلى بر الأمان مؤكدا أن مصلحة تونس فوق كل اعتبار ولا بد من تحقيق انتخابات حرة ونزيهة بعيدا عن كل أعمال العنف والتزييف. من جانبه أكد السيد حمد ابراهيم الأمين العام لحركة التجديد أن مطالب الشعب مشتركة بين كافة أطياف المجتمع المدني بقطع النظر عن الاختلافات السياسية ونادى بضرورة القطع مع المنظومة الاستبدادية بمحاسبة المسؤولين وهو ما يفترض إصلاحا جوهريا للجهاز القضائي لضمان استقلالية القضاء وعدالة انتقالية كما أكّد على ضرورة استقلالية الإعلام وحريته ونزاهته وموضوعيته احتراما للمهنة وللمواطن. ارتداد أما السيد علي رمضان أمين عام مساعد مكلف بالنظام الداخلي فقد أكد أن المسيرة جاءت في إطار مواصلة دعم الاتحاد للثورة من أجل تحقيق أهدافها وقال: «إن الاتحاد تابع وأطّر هذه الثورة... لكن في المدة الأخيرة تبين وجود ارتداد على الثورة من خلال عدة مؤشرات غير مطمئنة مما خلق جوّا من الريبة في كل الأوساط في الشارع التونسي وأضاف أن المسيرة جاءت لتبليغ النقابيين والشغالين وكافة مكونات المجتمع التونسي لرسالتهم والوصول إلى انتخابات 23 أكتوبر بعيدا عن الانفلات والتجاذبات وذلك لا يتحقق إلا باحترام حقوق الشعب واستقلال القضاء واحترام إرادة الشعب. وقد سانده الرأي السيد حسن شبيل كاتب عام جامعة البناء مشيرا إلى أن الثورة «رجعت على الأعقاب» في جميع الميادين على غرار الأحكام التي صدرت مؤخرا ضد بعض رموز الفساد وهو ما يوحي بعدم استقلالية القضاء وأوضح أن الحكومة المؤقتة ضعيفة وليست لها القدرة على المسك بزمام الأمور اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. وقال: «على الوزير الأول أخذ القرارات الصائبة خاصة في من ثبتت إدانته من الموالين للنظام البائد إذ أنه وإلى غاية اليوم كل الأحكام التي صدرت لم تكن عادلة». انتكاسة الطاهر برباري (كاتب عام جامعة المعادن) قال إن المسيرة ناتجة عن إحساس الشعب التونسي بانتكاسة الثورة الراجعة إلى عدم لعب رئيس الحكومة المؤقت لدوره الريادي والتاريخي لتحقيق أهداف الثورة منذ تعيينه إلى غاية اليوم وفي كلّ مرة يعمد إلى المس من حرية التعبير للأحزاب السياسية التي يعتبرها معارضة ل«الدساترة» وأضاف قائلا: «إننا نندّد بالتجاوزات والإخلالات التي من شأنها أن ترجع بنا إلى الوراء وهذه المسيرة هي إشعار أولي سيعقبه تحركات أخرى إلى حد الاطمئنان على مطالب الثورة والذهاب بتونس إلى شاطئ الأمان وأكد على ضرورة أن يلتزم الرئيس المؤقت بكل مطالب الثورة ويعمل على تحقيقها دون انفراده بالرأي الذي يذكرنا بالنظام البائد والذي لا يؤدي إلاّ إلى دكتاتورية فاشلة. من جانبه أوضح السيد فريد البكوري كاتب عام مساعد جامعة المالية أن مطالب المتظاهرين تبدأ باستقلالية القضاء و«كنس» رموز الفساد داخله إلى جانب رموز الفساد الإداري والمالي خاصة داخل الوزارة الأولى والتعجيل بمحاكمة رموز الفساد وبث المحاكمات مباشرة على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة. أما السيد محمد ابراهمي المنسق العام لحركة الشعب فقد أكد أن الاحتجاج على مواقف وممارسات الحكومة المؤقتة جاء نتيجة لما أقدمت عليه حكومة السبسي من تبرئة للمجرمين والمتورطين في الفساد وتمشيها إلى تفجير الأوضاع وإطالة أمد الأزمة الحالية بما قد يؤدي إلى تهديد المحطات السياسية القادمة. ونادى بضرورة تطهير القضاء من بقايا الدكتاتورية والفساد من أجل استقلال القضاء ودعا كافة الأحزاب والمنظمات إلى اليقظة الدائمة والاستعداد للنضال الدؤوب دفاعا عن الثورة وصيانة مكتسباتها والتصدي لقوى الردة المتحالفة مع الاستعمار.