أبو القاسم كرو اليوم وقد تحررت أغلبية المسلمين من العبودية الخارجية عبودية الاستعمار الأجنبي والاستغلال الأوروبي فهل تحرروا في نفس الوقت من عبودية أنفسهم؟ تلك العبودية التي سمى الرسول مكافحتها وحماية النفس من شرورها سماها: «جهادا أكبر»... أي أن جهاد النفس وأهواء النفس هو أعظم وأكبر من جهادنا في سبيل التحرر الخارجي ولا يعني هذا أن نترك جهادنا السياسي والخارجي حتى يتم جهادنا الداخلي، لا أبدا فإن جهادنا الخارجي واجب وجهادنا الداخلي لأنفسنا وأهوائنا واجب أيضا. الأول تتم به حرية الجماعة وسلامة مظهرها، والثاني تتم به سعادة الأمة، ونقاء جوهرها، ويقودها إلى نفس القمم التي ارتفع إليها الإسلام في أيامه الأولى. هل تذكرون قوله تعالى:{إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم}؟ إن كل مسلم عاقل يدرك بل يسلم عن اقتناع واحترام بحكمة هذه الآية الكريمة فلو لم نغير ما بأنفسنا لما تغيرت أوضاعنا كنا مستعمرين أذلاء فأصبحنا أحرارا أعزاء. كنا كما قال الرصافي عبيدا في أراضينا فأصبحنا سادة على أرضنا، ولن نسعى هذه المرة لنكون سادة على أرض الآخرين، كما لن نقبل بأن يبقى جزء من أراضينا تحت سيادة الغير ولا أي جزء من أي أرض في العالم محروما من سيادته وها هو مقصد الإسلام الأسمى، إذ يجب أن يكف الشيطان عن إدارة شؤون العالم ليتوالها الإنسان بنفسه ولخير الإنسان وحده! حديث أذيع في شهر جويلية 1957