أبو القاسم كرو لا يشك احد اليوم في أن العالم الاسلامي قد استيقظ من نوم، وفتح عينيه على الحياة من جديد... وقد مضى على هذه اليقظة أكثر من مائة عام... ومن الحق ان نتعرف الى أسباب اليقظة والى نتائجها في شتى الميادين، بعد ان تعرفنا خلال الاحاديث السابقة الى ثورة الاسلام العظمى والى سيره الكاسح عبر عصوره الأولى ثم الى ركود أتباعه واستسلامهم لما زينوه لأنفسهم فحل عندهم محل الاسلام في حضارتهم وتفكيرهم وحياتهم. إنني لن أعيد عليكم قصة ذلك المجد الشامخ الذي بناه الاسلام في ربع قرن، ولن أعيد عليكم ايضا قصة الانهيار الأليم الذي أصاب عالم المسلمين عندما فقدوا ايمانهم بقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} إني لن أعيد عليكم قصة الاسلام في سؤدده. وفي انهيار مملكته... ويكفي ان أسوق هنا بيتا واحدا من الشعر يلخص فيه قائله مجد المسلمين الأولين، وانخذال أحفادهم من بعدهم... قال الرصافي: وعاشوا سادة في كل أرض وعشنا في أراضينا عبيدا أجل لقد عاش أجدادنا سادة في كل أرض... لهذا كان خليفتهم يقول للسحابة: «أمطري حيث شئت فسيأتي خراجك»! ولقد أتاه خراجها فعلا، فلم ينفقه في مصالح المسلمين بل أنفق في شراء الجواري ولهو المجالس... ومظاهر الصولجان... وكانت النتيجة ان بدأ الانهيار الذي انتهى بأن أصبح جميع المسلمين عبيدا في أرضهم. حديث أذيع في شهر جويلية 1957