مثل لؤلؤة ساحرة في قلب محارة تبدو مدينة سوسة يدثرها تاريخ عريق وتداعب شاطئ بوجعفر مياه البحر الأبيض المتوسط.. هي من أجمل المدن وأكثرها بهاء ولذلك أطلق عليها «جوهرة الساحل». في دراسة له تحت عنوان «أضواء على تاريخ سوسة» نشرت بمجلة «أصداء الساحل» يقول الأستاذ محمود زين العابدين لقد ثبت أن اسم سوسة اسم حديث أطلق على المدينة قبل مجيء المسلمين الى بلادنا. أما اسمها القديم فهو «حضرموت» وهو بلا شكّ اسم فينيقي كما يبدو من تركيبته وحروفه. لكن لسائل أن يسأل عن سبب العدول عن استعمال اسمها القديم هذا وتغييره وما هو اشتقاق اسمها الجديد. مدينة «جستينان» تبنّى الرومان حضرموت الاسم الفينيقي واستعملوه سنوات احتلالهم لبلادنا وكانت جوهرة الساحل تعرف عندهم ب«Hadrumatum» أو «Hadruma» واستمرت المدينة في حمل هذا الاسم حتى مجيء الفندال الذين خرّبوها وعبثوا بها مثل ما عبثوا بغيرها من المدن ببلادنا فأفل نجمها وضاعت شهرتها. ويبدو أن المدينة في هذه الفترة الحالكة من تاريخها فقدت «حضرموت» اسمها القديم مما جعل البيزنطيين يطلقون اسم امبراطور هام عليها فيسمّونها «NUSTINIA - POLIS» أي مدينة «جستنيان» كما رمّموا ما هدّمه الفندال من بناياتها ولكنها حسب الدراسات لم تعد الى ما كانت عليه من القوة والمناعة. اسم جديد في هذا العصر اكتسبت المدينة اسمها الجديد أي «سوسة». وتذكر هنا الدراسات أن هذا الاسم مشتقّ من كلمة «SÔSOUSA» اليونانية ومعناها «الناجية» ويفسّر المؤرّخون ذلك لنجاة المدينة من وحشية الفندال وحرّف الاسم في ما بعد الى سوسة. لكن المؤرخ التونسي المعروف حسن حسني عبد الوهاب في محاضرة كان ألقاها في ملتقى سوسة للآثار سنة 1963 ذكر أن سوسة بلا ريب اسم بربري كما هو شأن كثير من أسماء المدن الافريقية ومما يساعدنا على فهم هذا وجود عدد من المدن بإفريقيا تحمل نفس الاسم ك«سوس» بالمغرب الأقصى كما هناك بلدة صغيرة تسمّى سوسة أيضا في ولاية برقة. وما يستخلص من كل ما تقدّم أن جوهرة الساحل خلعت اسمها القديم حضرموت ولبست الاسم الجديد سوسة في العهد البيزنطي أي في الفترة التي سبقت الفتح الاسلامي لبلادنا. والمسلمون حين فتحوا جوهرة الساحل وجدوها تحمل سوسة كاسم لها فلم يغيّروه كما هي عادتهم في المحافظة على أسماء المدن القديمة التي يفتحونها.